لقد تناول الله سبحانه وتعالى موضوع الضيق والفرج في العديد من آيات القرآن الكريم، حيث يشير إلى أهمية الصبر في جلب الفرج. إن الصبر هو ما يقرب الفرج، بينما يُعتبر القرآن شفاءً لكل قلب حزين أو مهموم.
في القرآن الكريم، يُذكر كل شيء، كما قال تعالى: “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”، وهناك الكثير من الآيات التي توضح العلاقة بين الضيق والفرج، بالإضافة إلى الأحاديث النبوية التي أرشدنا إليها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
تعريف الضيق والفرج
الضيق يُشير إلى ما يشعر به الإنسان من هم وحزن نتيجة تعرضه لمواقف صعبة، مثل فقدان شخص عزيز، أو فقدان الوظيفة، أو الفشل في الدراسة.
يمكن أن يظهر الضيق أيضًا بسبب مشكلات مثل نقص الرزق أو عدم القدرة على الإنجاب، أو أي ظرف آخر قد يسبب الحزن.
في حين أن الضيق قد يؤدي إلى شعور بالفقدان ويجعل الفرد غير قادر على الاستمتاع بحياته. أما الفرج، فهو ما ينتهى به الله من أحوال ضيقة، كأن يُعوض شخص فقد عمله بوظيفة جديدة أفضل، أو أن يمنح شخصًا لم يستطع الإنجاب القدرة على ذلك. الفرج يأتي من الله، سواءً عن طريق إنزال الحلول، أو بخلق شعور بالرضا في قلوبنا، مما يُمكننا من مواصلة الحياة.
ويتحقق الفرج بالتقرب من الله عز وجل من خلال العبادة، مثل الصيام، الصلاة، الدعاء، الزكاة وقراءة القرآن. ويجب استمرار الطلب من الله مع اليقين بأنه سيستجيب.
أيضًا من الواجب الابتعاد عن الذنوب والمعاصي والتحكم في الشهوات.
آيات قرآنية حول الضيق والفرج
هناك العديد من الآيات القرآنية التي تناولت موضوع الضيق والفرج، وينبغي على الحزين والمهموم قراءتها لتخفيف قلقه. من هذه الآيات:
- قال تعالى: “فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (سورة آل عمران).
- تشير الآية إلى أن الله يرسل الفرح لقوم دون سواهم.
- قال تعالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ” (سورة يونس).
- يبرز الفرج الذي يمنح من الله من خلال الفرح والسرور لعباده.
- قال تعالى: “وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ” (سورة البقرة).
- يُبشر الله المؤمنين بالجنة كفرج لهم.
- قال تعالى: “يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ” (سورة آل عمران). تشير هذه الآية إلى أن الله لن يضيع أجر المؤمنين، وهذا يعد فرجًا عقب الضيق.
- قال تعالى: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” (سورة البقرة).
- قد نواجه ضيقًا ونقصًا، لكن الفرج يأتي بعد الصبر.
آيات قرآنية حول الفرج بعد الصبر
- قال تعالى: “وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا” (سورة آل عمران).
- تؤكد هذه الآية على أهمية الصبر والتقوى في جلب الفرج من الله.
- كما قال تعالى: “وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” (سورة آل عمران).
- تشير الآية إلى أهمية الصبر والتقوى في تخليص الإنسان من همومه.
- في سورة يوسف، قال تعالى: “أنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ”.
- هذه الآية تشير إلى أن الله لا يضيع أجر الصابرين.
- في سورة البقرة، قال تعالى: “اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”.
- تعتبر الاستعانة بالله من أبرز السبل في مواجهة الضيق.
- وفي سورة آل عمران، جاء: “وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ”.
- تشير هذه الآية إلى أن الله يعلم الذين يتحلون بالصبر.
- كما قال في سورة آل عمران: “وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ”.
- إن الله يحب الصابرين ويمنحهم الفرج القريب.
- وفي سورة الأنفال، قال تعالى: “وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”.
- توجه الله عباده للصبر في مواجهة الضيق.
- قال تعالى: “وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم”.
- تظهر هذه الآية قدرة الله على الرزق لجميع من في الأرض.
- قال تعالى: “ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم”.
- تُؤكد هذه الآية أن الله هو الذي يفتح أبواب الرحمة وبركات الفرج.
- قال تعالى: “ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل افرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كشفت ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون”.
- تُعبر هذه الآية عن قدرة الله في إنقاذ الإنسان من الضيق.
أحاديث نبوية حول الضيق والفرج
توجد العديد من الأحاديث النبوية عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم تتعلق بالفرج، ومنها:
- عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “إن الله ينزل المعونة على قدر المئونة، وينزل الصبر على قد البلاء”.
- وعن مسعود رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله أوشك الله له بالغنى، إما بموت عاجل أو غنى عاجل”.
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “ألا أخبركم بشيء إذا أنزل برجل منكم كرب أو بلاء من بلايا الدنيا دعا به يفرج عنه، ثم قال دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”.
- وعن أبي العباس عبدالله رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “أحفظ الله يحفظك، وتعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة”.
علاقة الصبر بالفرج في الدين الإسلامي
جعل الله سبحانه وتعالى الصبر وسيلة لتحقيق الفرج، فالصبر والفرج مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.
كما أكد القرآن الكريم على أهمية الصبر في مواجهة الابتلاءات التي تسبب الضيق.
إذ يُمكن الحصول على الفرج من خلال الأجر والثواب.
بيّن الله عز وجل أن الصبر على الكروب والمصائب يرفع درجات العباد في الآخرة.
فالصبر يعكس ثقة العبد بالله، ويأتي الفرج كهبة من الله عز وجل للصابرين.
سواء كان ذلك بسبب هموم أو أمراض أو مصاعب لا يمكن تحملها، فنجد أن الله عز وجل يعوض من يلجأ إليه كما ورد في الآيات القرآنية، وبهذا ينعم الفرد بالفرج في الدنيا، بينما يُجزى في الآخرة بجنات تجري من تحتها الأنهار.
تشير العديد من الآيات إلى أهمية الصبر كما سبق ذكره، حيث يختبر الله صبرنا ويرسل لنا الفرج والبشرى.