يسعى العديد من الأفراد إلى العثور على آيات قرآنية تتناول موضوع أذية الناس، ويرغبون في فهم تفسيراتها والقصص المرتبطة بها. إذ يحتوي القرآن الكريم على العديد من الآيات التي تتحدث عن الأذى.
لذا، سنتناول في مقالنا هذا الأسباب التي دفعت الله لتحريم الأذى، بالإضافة إلى آيات تتعلق بكف الأذى، ونتطرق إلى عقاب الذين يؤذون الناس بالسحر، وكيف يمكن أن تكون فردًا مثاليًا لا يؤذي المحيطين به.
آيات قرآنية تتعلق بأذية الناس
تتضمن القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتناول الأذى، كما تعرض أذى الكافرين للرسل والأنبياء. ومن بين هذه الآيات:
- “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ”
- توجه الله بالنداء للمؤمنين كي لا يزعجوا رسول الله بأقوال غير محبذة، مثلما فعل قوم سيدنا موسى عندما افتروا عليه.
- “لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ”
- هذه الآية توضح أن اليهود لن يتمكنوا من إيذاء المؤمنين سوى بالكلام، وهذا أذى محدود، وسيكون النصر في النهاية حليفًا للمؤمنين.
- “مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا”
- يبلغ الله تعالى المؤمنين أن المشركين وأهل الكتاب قبلهم سيتعرضون لأذى وطعن في دينهم ومحاولات لردهم عن الإيمان.
- “فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي”
- تعد هذه الآية بمثابة مكافأة للمؤمنين الذين تعرضوا للأذى من المشركين وتركوا منازلهم في سبيل طاعة الله، حيث يكفر الله سيئاتهم ويدخلهم الجنة.
- “وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا”
- تهدف هذه الآية إلى توضيح أن من يرتكب الفاحشة ينبغي تعريضه للأذى بالكلام أو حتى بالعقاب البدني.
- “وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا”
- في هذه الآية، يهدف الله إلى تخفيف ألم رسولنا الكريم بأن التكذيب له يشبه التكذيب لله، وقد صبر الأنبياء السابقون على ما واجهوه من أذى وتكذيب.
تفسير بعض الآيات الأخرى المتعلقة بالأذى
هناك العديد من الآيات التي تتناول موضوع الأذى، والتي سنستعرض منها:
- “قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا”.
- تناقش هذه الآية معاناة قوم موسى من أذى فرعون، الذي كان يهدد بقتل أبنائهم قبل ولادة موسى، واستمر في إيذائهم بعد ذلك.
- “يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ”
- تتوجه هذه الآية إلى قوم موسى، حيث كانوا يؤذونه رغم علمهم بمكانته كرسول من الله.
- “ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا”
- تشير هذه الآية إلى أهمية الحجاب كوسيلة لحماية النساء من الأذى، حيث يأمر الله المؤمنات بستر أنفسهن.
- “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا”
- تناولت هذه الآية الأذى الذي يتعرض له المؤمنون دون ذنب، وتحدد لهم عقوبة في الآخرة.
- “وَلَا تَطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ”
- تتناول هذه الآية التحذير من أذية الكافرين والمنافقين، والتأكيد على أهمية التركيز في إرضاء الله.
- “وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ”
- توجه الرسالة للمؤمنين لتأكيد ثقتهم بالله والصبر على أذى الكافرين.
- “فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ”
- تتحدث هذه الآية عن الفتن التي تصيب المؤمنين جراء أذى الكافرين لهم.
لماذا حرم الله الأذى؟
بعد مراجعة الآيات القرآنية المتعلقة بأذية الناس، يتساءل الكثيرون عن السبب وراء تحريم الله للأذى. فالأذى يُعتبر من أفعال الشيطان، حيث ينبغي على المسلم الحق الرغبة في الخير لأخيه المسلم دون إيذائه بأي شكل من الأشكال.
إن أذية المؤمن تجلب غضب الله وسخطه، وقد حذر رسولنا صلى الله عليه وسلم من أذية الآخرين، حتى في الأمور التي قد يعتقد البعض أنها غير مؤذية. حيث قال في حديثه الشريف: “إيّاكم والجلوس في الطرقات”.
فسأل الصحابة: “يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها؟” فأجاب: “إذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه”، وسألوا: “ما حق الطريق يا رسول الله؟” فقال: “غض البصر، وكفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر”.
كما أمر الله بدفع الأذى عن المسلمين، وجعل كف الأذى صدقة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إماطة الأذى عن الطريق صدقة”.
تحظر الأذى لأنه يمثل ظلمًا، حيث جعل الله دعوة المظلوم مستجابة، ولذا يمكن لأي شخص تعرض للأذى أن يدعو على من أذاه، وستكون دعوته مستجابة كما جاء في حديث رسول الله: “اتقوا دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب”.
عقاب من يؤذي الناس بالسحر
من بين المحرمات الكبرى في الإسلام هو التعامل بالسحر، لما له من آثار سلبية وخطيرة على المجتمع. وكجزء من تحذير الله للبشر، يعد السحر من الموبقات السبع التي تودي بصاحبها للهلاك.
حذر رسول الله من ذلك في حديثه الشريف قائلاً: “اجتنبوا السبع الموبقات”. ثم ذكر: “الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”.
أما عقاب من يمارس الأذى عبر السحر فيكون مشركًا ويستحق العقوبة القتل في الدنيا، وفي الآخرة يكون مصيره الجحيم ما لم يتب عن أعماله. فالسحر هو من أعمال الشيطان، وبالتالي فإن من يمارسه يعد كافرًا.
كيف تكون شخصًا سويًا وغير مؤذي؟
لتكون شخصًا سويًا ومحافظًا على مصلحة الآخرين، ينبغي عليك سعيًا لتحقيق الخير للغير كما تطمح لنفسك. من أهم سمات الشخص السوي هي:
- القدرة على التحكم في النفس.
- تحمل المسؤولية وتقديرها.
- تقديم المساعدة للآخرين وتفضيلهم على النفس.
- مواجهة الأزمات برضا وقبول قضاء الله والصبر على البلاء.
- مساندة الآخرين في أزماتهم.
- الشعور بالأمان نتيجة الإيمان القوي بالله.
- العمل بجد ومراعاة الكفاءة مع الإنتاج.
- الاعتراف بالخطأ عند الخطأ.
آيات وأحاديث في النهي عن الأذى
النهي عن الشتم أو السب
- قوله تعالى: ﴿ وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ﴾ [النساء: 16].
- وقوله تعالى: ﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾ [آل عمران: 111].
- وقوله تعالى: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ [آل عمران: 186].
النهي عن الزور والبهتان عن البريء
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا ﴾ [الأحزاب: 69].
النهي عن المَنُّ عند العطية
ومنه قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى… ﴾ [البقرة: 262 – 264]
غيبة المؤمنين
ومنه قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].
وفي الأحاديث الشريفة:
- قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما”.
- وأخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إياكم والجلوس في الطرقات”، فقالوا: “يا نبي الله، ما لنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها”، فقال: “فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه”،
- سألوا: “ما حق الطريق يا رسول الله؟” قال: “غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر”.