الظلم
- يُعتبر الظلم من أخطر الصفات التي يمكن أن يقع فيها الإنسان، حيث يعني سلب حق شخص ومنحه لآخر.
- الظلم يعاكس مفهوم العدل، وقد يُفهم أيضاً على أنه تجاوز للحدود والخوض في مجالات لا يحق للإنسان التدخل فيها.
- لا يقتصر الظلم على الانتقاص فقط؛ إذ إن تعيين شخص آخر على حساب حقوق الآخرين يعَدّ ظلماً كذلك، لأنه يرفع أحدهم دون حق.
لا تفوت فرصة زيارة مقالنا حول:
أنواع الظلم
- للظلم صور متنوعة، منها ظلم الفرد لنفسه، وأعظم صور هذا الظلم هو الشرك بالله تعالى.
- وقد أشار الله تعالى إلى الشرك كونه ظُلماً في كتابه، حيث قال في الآية الأولى: “إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ” (لقمان).
- وفي الآية الثانية، قال تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ” (الأنعام: 82).
- وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الظلم هنا بالشرك.
- من صور الظلم أيضاً انتهاك حرمات الله عز وجل من خلال المعاصي والذنوب الكبيرة.
- قال الله تعالى: “وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (البقرة).
- كما تشمل صور ظلم النفس كتمان الشهادة، حيث قال الله تعالى: “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ” (البقرة).
- كذلك يُعَدّ القول على الله بالكذب من أعظم أنواع الافتراء، كما جاء في قوله: “فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا” (الأنعام).
- أما ظلم الناس بعضهم لبعض، فهو الأكثر شيوعاً ويُعرف بالظلم العام.
- له أنواع، فمنه القولي ومنه الفعلي.
- الظلم القولي يشمل الغيبة، والبهتان، والنميمة، وإفشاء الأسرار، ورمي المحصنات وغيرها.
- بينما الظلم الفعلي قد يتضمن القتل، والسرقة، وأخذ أموال اليتامى، وعقوق الوالدين، والربا، والرشوة، بجانب أفعال منبوذة أخرى.
آيات قرآنية تُنزه الله عز وجل عن الظلم
- قبل ذكر آيات تتعلق بالظلم، يجدر التنويه إلى الآيات التي تنزه الله عن الظلم.
- قال الله عز وجل: “وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ” (غافر: 31)، و”وَمَا رَبُّكَ بِظَالِمٍ لِّلْعَبِيدِ” (فصلت: 46).
- وقال أيضًا: “وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ” (آل عمران).
- تُنزه الله سبحانه عن الظلم حتى ولو بمقدار ذرة، حيث قال: “إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِّن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا” (النساء).
- كما أوضح أن ما يُظن أنه ظلم من الله إنما هو ظلم من النفس.
- حيث قال: “إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ” (يونس).
آيات قرآنية عن الظلم
- هناك العديد من الآيات في القرآن التي تتناول الظلم، تتضمن تحذيرات للظالمين وتبين مصيرهم عند الله.
- قال تعالى: “وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ” (إبراهيم: 42).
- تشير هذه الآية إلى تحذير الله للظالمين وبما يخفي من عقوباتهم.
- فهو يتوعدهم بعقاب مُجهَل وهذا يُعتبر من أساليب التخويف الشديدة.
- قال تعالى أيضاً: “وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا” (طه: 111).
- تصف هذه الآية وضعهم يوم القيامة.
- ويخبر الله تعالى أن الظالمين لن تُقبل منهم أعذارهم ولن يُلتفت إليهم يوم القيامة.
- قال تعالى: “فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يَسْتَعْتَبُونَ” (الروم).
- آيات أخرى تشير إلى الظلم:
- قال تعالى: “وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَن عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ” (الشورى).
- وقال أيضاً: “أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ” (هود: 18).
- وكذلك: “إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ” (الأنعام: 21)، وأيضاً “إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” (المائدة).
أحاديث نبوية عن الظلم
- هناك العديد من الأحاديث في السنة النبوية تحذر من الظلم وأهله، منها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَومَ القِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ” (صحيح مسلم).
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “انْصُرْ أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا. فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنصُرُهُ إذا كانَ مَظْلُومًا، فإنّ ظالِمًا كيف أنصُرُهُ؟ قالَ: تَحْجُزُهُ مِنَ الظُّلْمِ فإنّ ذلكَ نَصْرُهُ” (رواه البخاري).
- كما جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يفْلِتْهُ” وقرأ: “وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ” (هود: 102) (صحيح البخاري).
- كما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ” (صحيح مسلم).
مخاطر الظلم في الدنيا والآخرة
- يترتب على الظلم مخاطر جسيمة على مرتكبه، فهو من كبائر الذنوب ولها عواقب وخيمة.
- من أبرز هذه العواقب أن الظالم لن يكتب له النجاح في الدنيا ولا في الآخرة.
- حتى إذا بدا للناس أنه يحقق مصالحه من خلال ظلمه، فإن النتيجة الحقيقية ستكون فقدان البركة والنجاح في حياته ومعاشه.
- من العواقب الأخرى أن الظلم يحرم الشخص من هداية الله وتوفيقه.
- فمن حُرم الهداية يعيش في حيرة طوال حياته ولا يعرف سبيله.
- كذلك، يجلب الظلم على الشخص مصائب وآلام، سواء كانت نتيجة لفقدان الصحة أو خسارة للأحباب أو فقدان المال.
- أيضاً، يخلق الله للظالم عواقب من التعسير في حوائجه وصعوبة في إنجازها وقد يُجره ذلك إلىأمور أخطر كتراكم الظلم.
- كما قد يُسبب الظلم في إهلاك شعوب بأكملها، حيث قال الله تعالى: “وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا” (الكهف).
- إهلاك الظالمين يُعتبر من سنن الله الكونية عندما يتزايد الظلم ويتخطى الحدود، فيرسل الله العقاب على الظالمين.
- من أقوى عواقب الظلم أن الظالم يعدّ ملعوناً في الدنيا والآخرة، مُبعداً عن رحمة الله تعالى.
مخاطر الظلم على الظالم
- الظالمون لا تُقبل شفاعتهم من أحد، سواء كان رسولاً أو قريباً أو حميماً.
- ولا حتى شفاعة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.
- يعيش الظالم في ندم وحسرة شديدة يوم الحساب ويوم القيامة، حيث لن ينفعه الندم أو الهم.
- وبالتأكيد ستؤدي عواقب الظلم إلى دخول نار جهنم، حيث يتذوق الظالم العذاب بصنوفه وألوانه بما سبق أن ألحقه بالمظلومين في الدنيا.
- كما يُحاط الظالم بعاقبته في يوم القيامة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَومَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ” (صحيح مسلم).
- فضلاً عن ذلك، يُحرم الظالم من حسناته، حيث يأخذ المظلومون من حسناته حتى تنفد، ثم تسير السيئات عليه.
- وبالتالي يُثقل الظالم بأثام جديدة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن كَانَتْ له مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه الـيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ، فَحُمِلَ عليه” (صحيح البخاري).
- إحدى نتائج الظلم أيضاً أن دعوة المظلوم قد تصيب الظالم، ولا يفلت منها، مما يعقد عليه الأمور في الدنيا والآخرة.
ولا يفوتك قراءة مقالنا حول:
دعوة المظلوم
- في السنة النبوية، وُجد تحذير للظالم من دعوة المظلوم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” (رواه البخاري 1496، ومسلم).
- وقال أيضاً: “ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم؛ الصائمُ حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم؛ يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب وعزتي لأُنصُرَنَّكِ ولو بعد حين” (تخريج مشكاة المصابيح).
- معنى الحديث هو أن دعوة المظلوم تصل إلى الله تعالى، وتُعرض عليه، فيستجب لها.
- قد لا تأتي الاستجابة بصورة يرتضيها المظلوم، ولكن الله تعالى حكيم.
- فيكافئ الظالم حسب حكمته في الدنيا أو يُؤجل له حسابه إلى الآخرة.
آيات قرآنية عن عاقبة الظلم
الظلم يُعتبر من أعظم الذنوب التي حذر الله تعالى منها في القرآن الكريم، وتوجد العديد من الآيات التي تبين عواقب الظالمين، وفيما يلي بعض من هذه الآيات:
- قال تعالى: (وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ مُهطِعينَ مُقنِعي رُؤوسِهِم لا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَفئِدَتُهُم هَواءٌ).
- قال تعالى: (وَتِلكَ القُرى أَهلَكناهُم لَمّا ظَلَموا وَجَعَلنا لِمَهلِكِهِم مَوعِدًا).
- قال تعالى: (أَسمِع بِهِم وَأَبصِر يَومَ يَأتونَنا لـكِنِ الظّالِمونَ اليَومَ في ضَلالٍ مُبينٍ).
- قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ).
- قال تعالى: (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ).
- قال تعالى: (وَلَقَد أَهلَكْنَا القُرُونَ مِن قَبلِكُم لَمّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُم رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤمِنُوا كَذلِكَ نَجزِي القَومَ المُجرِمينَ).
- قال تعالى: (قالَ أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذابًا نُكرًا).
- قال تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
- قال تعالى: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا).
كيفية التخلص من شعور الظلم
التعرض للظلم قد يترك أثراً سلبياً في النفس، لكن يمكن التغلب على هذا الشعور بطرق مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية:
-
الاحتساب عند الله:
- إحدى أفضل الطرق للتخلص من الشعور بالظلم هي الاحتساب، أي الاعتماد على الله تعالى. وقد وعد الله بنصرة المظلوم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب” (رواه البخاري ومسلم).
-
الصبر والاستعانة بالله:
- قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (البقرة: 153).
- الصبر هو من أفضل وسائل تخفيف آثار الشعور بالظلم، والاستعانة بالله من خلال الصلاة يساعد على التخلص من الهم.
-
الدعاء:
- الدعاء يُعتبر وسيلة فعالة للتخلص من شعور الظلم. يمكن استخدام الأدعية مثل: “اللهم إني مغلوب فانتصر.”
- أو ما يُعرف بـ “حسبي الله ونعم الوكيل.”
-
الصفح والعفو:
- قال الله تعالى: “فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ” (الحجر: 85).
- العفو عن الظالمين قد يكون تجرؤاً، لكنه من أفضل الوسائل التي تُقرب العبد إلى الله وتزيل الحزن.
-
طلب النصرة من الله:
- كما جاء في الحديث: “ما من عبد يتعرض للظلم فيدعو الله إلا نصره الله، ولو بعد حين.”
-
تجنب الانتقام الشخصي:
- يجب على المسلم تجنب الانتقام أو الاحتفاظ بالكراهية، موكلاً الأمور إلى الله تعالى، الذي هو العادل المطلع على كل أمر.