يا عاقد الحاجبين – بشارة الخوري
كتب بشارة الخوري:
يـا عاقد الـحاجبين على الجبين اللّجين، إن كنت تقصد قتلي قـتلتني مـرّتين.
مـاذا يـريبك مني ومـا هممت بـشين، أصفرة في جبيني أم رعشة في اليدين.
تَـمرّ قـفز غزالٍ بين الرّصيف وبيني، وما نصبت شباكي ولا أذنت لـعيني.
تـبدو كأن لاتراني ومـلء عينك عيني، ومـثل فعلك فعلي ويلي من الأحمقين.
مولاي لم تبق مني حـيًّاً سوى رمقين، صبرت حتّى براني وجدي وقرب حيني.
ستحرم الشعر مني وليس هـذا بهين، أخاف تدعو القوافي عليك في المشرقين.
العيون السود – إيليا أبو ماضي
يقول إيليا أبو ماضي:
ليت الذي خلق العــــيون السّودا خلق القلـــوب الخفقات حديدا.
لولا نواعــســها ولولا سحرها ما ودّ مـــالك قـــلبه لو صيدا.
عَـوذْ فـؤادك من نبال لحـاظها، أو مـتْ كما شاء الغرام شهيدا.
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم، كنت امرءاً خشن الطّباع ، بليدا.
وإذا طــــلبت مع الصّبابة لذّةً، فــلقد طــلبت الضّائع الموجودا.
يا ويـح قـلبي إنـّه في جانبي، وأظــنه نائي المزار بعـيدا.
فنجان عشق – محمود الحليبي
سأقدمُ قلبِي كفنجانِ عشقٍ لتلكَ التي تحتضنُ صُبَابةَ روحي بالشِّعْر والهيل والزعفران!
سأسكبهُ للتي يترائِي على شاطِئَيْ مقلتَيْها جُنونٌ يجذبني برمشها في حنينٍ، ويضمّني جَفنُها بحنان!
سأعيد سكب الفنجان للتي تحتوي أحلامي الشفيفة، لعيني غلامٍ ذكيٍّ تعوّدَ منذُ الطفولة أن يلطخ المدادَ الدَّفِيء على ورقٍ من بياضِ الفؤادِ وهو يشتعل بشغف!
سأقدّم الفنجان للتي تستسيغُ دموعي مِلْحًا أُجاجًاإذاما بِحاريَ هاجتْ وماجتْ.
لتلكَ التي يتركضُ جرحُها دائماً، فيتركضُ نحوي وتعانقُ شَجْويتهدهدُ راحتُها خاطريتُغنّي عليَّ حفيفَ الجُنَيْنَةِ للكرَوان!
لتلكَ التي تستفيقُ ظنوني على نغمةٍ من شذاها الأصيلِ، فأرحلُ فيها وترحلُ فيَّ على صهوةٍ من خيولِ اليقين ودرَبٍ تغرِّدُ خضرتهُ بالأمان!
لتلكَ التي لم أجدْها إلى الآنَ إلاَّ على لُجّةِ الحُلُمِ المستبدّ، تراءى لعينيَّ حُوريَّةً تعومُ وتطفو وتصحُو وتغفو وتتخلّصني بين شطّ الأمان وصحراءِ عُمْري!
تُنازعِني في هَواها لُحُونٌ ثَكالى تعربدُ فيهاأنينُ الربابةِ، بوحًا إليها ونُوحًا عليه، نشيجُ الكمَان.
تعريف العشق – نزار قباني
يقول نزار قباني:
ما الذي تُجدي اعترافاتي؟ قبلي كتب الناس عن الحب كثيرًا. صوّروه فوق حيطان المغارات، وفي أوعية الفخّار والطين، وقد نُقشَ في الهند على عاج الفيل، وفوق الورق البردي في مصر، وعبر الأرز في الصين.
أهدوه القرابين، وأهدوه النذورا… عندما قرّرت أن أنشر أفكاري عن العشق، تردّدت كثيرًا. فأنا لست بقسيس، ولا مارست تعليم التلاميذ، ولا أؤمن بأن الورد مضطرٌ لأن يشرح للناس عبيرَه.
ما الذي أكتب يا سيدتي؟ إنه تجربتي وحدي.. وتعنيني أنا وحدي. إنها السيف الذي يثقبني وأزداد مع الموت حضورا.
عندما سافرت في بحرك، لم أكن أنظر في خارطة البحر، ولم أحمل معي زورق مطّاط.. أو طوق نجاة. بل تقدّمت إلى نارك كالبوذي واخترت المصير.
لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور عنواني على الشمس، وأبني فوق نهديك الجسور.
حين أحببتك، لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا أصبح جمراً مستديراً، وأن السمكة الخائفة من صنّارة الأولاد تأتي بالملايين لتلقي في شواطئنا البذور.
وأيضًا، زاد السرو ارتفاعًا، وحياتي اتسعت، وبأن الله قد عاد إلى الأرض أخيرًا.
حبي لك جعل الصيف يأتي عشر مرات في السنة، وأن القمح ينمو عشر مرات لدينا كل يوم، وأن القمر الهارب من بلدتنا جاء يستأجر بيتًا وسريرا.
عندما أحببتك، صارت ضحكة الأطفال في العالم أجمل، ومذاق الخبز ألذ، ومواء القطط السوداء في الشارع أصبح أروع. وأصبحت كل الذكريات في أفق الذكرى مثل الطيور.
حبك جعلني أرى كل شيء أجمل، وأغمق في أعماق المحيطات حتى أجد نفسي أميرًا عند استيقاظي.