أبرز أحداث غزوة الأحزاب
تبدأ وقائع غزوة الأحزاب عندما قام مجموعة من يهود بني النضير، بينهم حيي بن أخطب وسلامة بن الحقيق، بالتوجه إلى قريش لتحريضهم على محاربة المسلمين. وقد تعهد اليهود لمشركي قريش بمساندتهم في هذه الحرب. بعد ذلك، سار اليهود نحو بني غطفان ووعدوهم بحصص من ثمار خيبر لمدة عام كامل في مقابل مشاركتهم في القتال ضد المسلمين. وبذلك، اجتمع الأحزاب بهدف حصار النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في المدينة، حيث حشدوا جيشًا يتألف من عشرة آلاف مقاتل. وعندما بلغ النبي الكريم خبر قدومهم، استشار الصحابة -رضوان الله عليهم- في كيفية التعامل مع هذا التهديد.
أوصى سلمان الفارسي -رضي الله عنه- بحفر خندق لحماية المدينة من غدر الأحزاب، وقد نالت هذه الفكرة إعجاب النبي والمسلمين، فتشكل جيشٌ قوامه ثلاثة آلاف مقاتل لتنفيذ هذا الاقتراح. بدأ المسلمون العمل على بناء الخندق حول المدينة، وعندما اقتربت قريش والأحزاب من المدينة، صُدموا بوسيلة الحماية التي اتخذها المسلمون. لم يتمكن المشركون من خرق الخندق إلا في بعض الأماكن الضيقة، حيث حاول بعضهم تجاوز الخندق، لكن المجاهدين كانوا لهم بالمرصاد وأجبروهم على الفرار. كما تمكن علي -رضي الله عنه- من قتل أحد فرسان قريش المعروف بعمرو بن عبدود.
تفاقم الحصار بعد ذلك على المسلمين عندما وصلت أنباء عن نقض يهود بني قريظة للعهد المبرم مع النبي صلى الله عليه وسلم. فبعث النبي الكريم مائتي رجل مع سلمة بن أسلم وثلاثمائة رجل مع زيد بن حارثة إلى المدينة لحماية عائلاتهم من اليهود. كما اتصل بالعربتي غطفان محاولًا إقناعهم بالانسحاب من المدينة مقابل الحصول على ثلث ثمار المدينة، إلا أن الصحابة أصروا على عدم تقديم أي مقابل لأعداء الدين. في تلك الأثناء، جاءت تباشير النصر عندما أسلم رجل يُدعى نعيم الغطفاني، حيث ذهب إلى قبائل الأحزاب وأثار بينهم الفتنة والخلاف. كما أرسل الله عليهم ريحًا عاتية اقتلعت خيامهم وقبابهم، مما أحدث حالة من الرعب بينهم، فتراجعوا عن حصارهم منهزمين، وكفى الله المؤمنين القتال.
حصار بني قريظة بعد المعركة
بعد انتهاء حصار الأحزاب، توجه النبي صلى الله عليه وسلم بكتيبة من المسلمين نحو بني قريظة وفرض عليهم حصارًا شديدًا استمر لأكثر من عشرة أيام. انتهى الحصار بقبول اليهود النزول على حكم سعد بن معاذ، الذي قرر أن يُقتل رجالهم وتُسبى نساؤهم وأبناؤهم. وقد أعد المسلمون خنادق في المدينة لتنفيذ حكمهم.
دروس من المعركة
هناك العديد من الدروس المستفادة من غزوة الأحزاب، ومن أبرزها: التفاؤل بالنصر حتى في أصعب اللحظات وأحلك الظروف. فقد بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بفتح مدائن كسرى وقيصر والحبشة، حتى أثناء محاولته لقصف الحجر الذي عجز المسلمون عن التمكن منه خلال حفر الخندق. بينما الدرس الثاني يتعلق بعلاقة القيادة بالجنود، وأهمية المجاهدين وفضل الجهاد في سبيل الله تعالى.