السمات البارزة لحضارة الفينيقيين
تُعتبر الحضارة الفينيقية إحدى الحضارات القديمة التي تميزت بالعديد من الإنجازات والاكتشافات الهامة التي لا تزال تؤثر في عصرنا الحالي. يمكن التعرف على هذه الحضارة من خلال النقاط التالية:
الصبغة الأرجوانية
اشتهر الفينيقيون كبحارة وتجار أقاموا علاقات تجارية وثقافية قوية عبر البحر الأبيض المتوسط وخارجه. ومن بين إنجازاتهم كانت صناعة صبغة أرجوانية نادرة مستخرجة من أصداف الحلزون، مما أدى إلى تسميتهم “الأشخاص الأرجوانيون” من قبل اليونانيين.
الأبجدية
كان الفينيقيون أيضًا روادًا في تطوير الأبجدية الأولى، التي أحدثت ثورة في أنظمة الكتابة. استخدموا هذه الأبجدية لتوثيق تاريخهم على ورق البردي، وهو ما تؤكده العديد من المصادر اليونانية واللاتينية والآشورية.
تُعتبر الحضارة الفينيقية متنوعة بفضل رحلاتهم البحرية، حيث شملت تجارة الفينيقيين العديد من المناطق. ورغم أنها لم تكن إمبراطورية قوية، إلا أنها تمكنت من بناء نفوذ كبير من خلال أنواع التجارة التي أدارتها.
التجارة والمنتجات المتنوعة
تشتهر الحضارة الفينيقية، بجانب صناعة الصبغة وابتكار الأبجدية، بتجارة مجموعة من المنتجات مثل الخشب، والزجاج، والمنسوجات، والمعادن، والبخور، والعاج المنقوش، وورق البردي. بالإضافة إلى ذلك، تضمنت تجارتهم تبادل الأسماك المملحة والتوابل والعديد من الأطعمة مع دول أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن كلمة “الكتاب المقدس” استمدت من التوراة اليونانية التي وُجدت في مدينة جبيل بلبنان، التي كانت تُعَد مركزًا لتجارة ورق البردي في الحضارة الفينيقية، مما جعلها مادةً شائعةً للكتابة بين الحضارات القديمة.
تساهم الصناعات الشهيرة للفينيقيين في تعزيز البنية السياسية للحضارة، من خلال تحديد سياسة خارجية تتماشى مع مصالح طبقة التجار القوية، والتي كانت تهدف إلى تسهيل حركة التجارة البحرية وتأمين الموارد اللازمة لعمليات التصنيع.
تاريخ الحضارة الفينيقية
تعود أصول الحضارة الفينيقية إلى منطقة فينيقيا، وهي موقع قديم يمتد على طول الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ويشمل حاليًا لبنان وبعض مناطق سوريا وفلسطين. يُعتبر موقع فينيقيا استراتيجيًا نظرًا لقربه من طرق التجارة الرئيسية، مما جعل سكان هذه المنطقة، وهم الفينيقيون، يمتهنون التجارة بشكل رئيسي.
تشمل فينيقيا عدة مدن رئيسية مثل صيدا، وبيروت (بيروت الحديثة)، وجبيل، وصور. وتعود تسميتهم بالفينيقيين إلى التقليد الذي اتبعه التجار في التعريف عن أنفسهم من خلال محلاتهم ومدنهم أثناء السفر، وأطلق عليهم اليونانيون اسم “Phoinix”.
تشير رسائل العمارنة الموجهة إلى الحاكم المصري خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد من الفينيقيين وغيرهم من الحكام في المناطق المجاورة إلى انتمائهم للكنعانيين، الذين عُرفوا بأنها المنطقة التي تتطابق مع “فينيقيا” تقريبًا.
العلماء البارزين من الحضارة الفينيقية
تُبرز الحضارة الفينيقية العديد من العلماء والمبتكرين الذين ساهموا بشكل كبير في تطور المعرفة حتى يومنا هذا. يمكن التعرف على أبرز هؤلاء العلماء من خلال النقاط التالية:
فيثاغورس
يُعتبر العالم الشهير فيثاغورس من أبرز العلماء الفينيقيين، حيث أن والده فينيقي الأصل ووالدته من جزيرة ساموس. وكان والده من الأثرياء وقد ساهم في إنقاذ الجزيرة بعد إحدى الكوارث الطبيعية عن طريق تزويد السكان بالطعام بماكينات السفن الخاصة به، مما جعله يحصل على الجنسية الفخرية من الجزيرة تقديرًا لجهوده.
إقليدس
يُعرف إقليدس أو يوكليدس بأنه فينيقي من جنوبي فينيقيا، وتحديدًا من مدينة صور، وُلِد عام 360 قبل الميلاد. يُعد مؤسس علم الهندسة، وأحد أشهر كتبه هو (Elements) الذي كان له تأثير كبير في تاريخ الرياضيات حتى القرن العشرين. يُلقب عند العلماء بإقليدس الصوري أو الإسكندري نظراً لارتباطه بمسقط رأسه أو لسنوات تدريس طويلة قضاها في الإسكندرية.
طاليس
يُعتبر طاليس من عائلة تُعرف بثيلدس، ويُنسب إلى الملك أجينور “ملك صور وكدموس”. وُلِد عام 624 في مدينة صور، وكان عالماً في الرياضيات والفلك، وفيلسوفاً. سُجل اسمه كمواطن في مدينة ميليتس بعد نفيه مع رفيقه، وفقًا لمذكرات ديوجين لايرتيوس، كاتب السير للفلاسفة اليونانيين في القرن الثالث الميلادي.