معركة حاسمة ومصيرية
شكلت معركة حطين نقطة تحول تاريخية حيث حقق المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي انتصاراً عظيماً، مما أدى إلى هزيمة قاسية لصفوف الصليبيين. فقد تكبد الصليبيون خسائر فادحة، حيث قتل نحو عشرة آلاف منهم، بما في ذلك أسقف عكا. وقد تمكن جيش المسلمين من الاستيلاء على صليبه، مما اعتبر من المآسي الكبرى للصليبيين. وعقب انتهاء المعركة، اقتحم المسلمون خيمة الملك وتم أسر الملك وصاحب الكرك والعديد من أمراء الفرنجة، حتى قيل إن الحصيلة كانت مروعة لدرجة أن من شهد القتلى اعتقد أنه لم يُؤسر أحد.
بعد هذا الانتصار الكبير، توجه صلاح الدين نحو حصار مدينة عكا، واستمر الحصار حتى رضخت المدينة للاستسلام. ثم قام باحتلال المدن والحصون المحيطة بها، وأطبق حصاره على عسقلان لمدة أربعين يوماً حتى استسلمت أيضاً.
بداية نهاية الوجود الصليبي
كان انتصار معركة حطين أعمق بكثير من كونه نجاحاً عسكرياً فحسب، بل كان بمثابة ضربة قوية للصليبيين وأشرعة الأمل لقضائهم على واحدة من أكبر الحملات الاستعمارية التي واجهها المسلمون في ذلك الوقت. فبعد هذه المعركة، انكمش المد الصليبي باتجاه الشرق الأدنى الإسلامي، حيث أصبحت حطين نقطة انطلاق جديدة لتغيير موازين القوى، ونقطة تحوّل لصالح المسلمين، مما انتهى معه عصر الهزائم وبدأت مرحلة الانتصارات والتقدم. لذا، تعتبر حطين بداية النهاية للوجود الصليبي في المنطقة.
مفتاح تحرير القدس
أرست معركة حطين الأسس التي أدت إلى تحرير بيت المقدس وسائر أنحاء فلسطين، حيث اعتبرها بعض المؤرخين حلقة وصل بين فتوحات نور الدين زنكي والظاهر بيبرس. عقب سقوط عسقلان، بدأ صلاح الدين حصاراً على القدس، مانعاً عنها أي إمدادات صليبية. وقد سعى لفتح المدينة بطريقة سلمية لحماية حرمة القدس، فعرض الصلح والتسليم على سكانها وفق شروط معينة، لكن الصليبيين رفضوا تلك الشروط. وبالتالي، جدد صلاح الدين حصاره حتى استسلمت المدينة، وتم الاتفاق على مغادرة سكانها خلال أربعين يوماً مع دفع الجزية، ومن لم يتمكن من ذلك يصبح أسيراً.