امرؤ القيس
يُعتبر حندج بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر (المعروف بآكل المرار) الكندي من أبرز الشعراء العرب في العصر الجاهلي، وُلد في عام 500 ميلادي في نجد وتوفي في عام 540 ميلادي في أنقرة جراء الإصابة بمرض الجدري. عُرف بلقب أمرؤ القيس، الذي يُترجم إلى “رجل الشدة”، كذلك لقّب بـ “الملك الضليل”. يتميز بشعره الغزلي الذي يمزج بين الفخر والحب، وغالبًا ما كان يتناول قصصه الغرامية، حيث استمتع بحياة اللهو والتجول وشرب الخمر. إضافة إلى ذلك، كان فارسًا نبيلًا وشهد العديد من المعارك التي تحمل قصائده شهادات عليها.
أقوال امرؤ القيس في الغزل
- قصيدة: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ
تَرَائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ
كَبِكْرِ المُقَانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْـرَةٍ
غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّلِ
تَصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقـِي
بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ
وجِـيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِـشٍ
إِذَا هِـيَ نَصَّتْهُ وَلاَ بِمُعَطَّلِ
وفَرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٍ
أثِيْـثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُلاَ
تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَـلِ
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصرٍ
وسَاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ
- قصيدة: تعلق قلبي طفلة عربية
تَعَلَّقَ قَلبي طَفلَةً عَرَبِيَّةً
تَنَعمُ في الدِّيبَاجِ والحَلى والحُلَل
لَهَا مُقلَةٌ لَو أَنَّهَا نَظَرَت بِهَ
إِلى رَاهِبٍ قَد صَامَ لِلّهِ وابتَهَل
لَأَصبَحَ مَفتُونًا مُعَنَّى بِحُبِّهَ
كأَن لَم يَصُم لِلّهِ يَومًا ولَم يُصَل
زهير بن أبي سلمى
زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني وُلِد في المدينة المنورة عام 502م، وتوفي في نجد عام 609م. وحسب كتاب الأغاني، فإن الرسول قد قابله على قيد الحياة وكان في مئة عام. عُرف زهير بإبداعه في كتابة الحوليات التي كان يُنجزها خلال شهر واحد، ويهذبها على مدار عام. نشأ في عائلة تُقدّر الشعر، ورزق بطفلين، كعب وبجير، واللذان أصبحا أيضًا شاعرين. يُلقّب زهير بـ “حكيم الشعراء” ويُعتبر من أعظم شعراء العصر الجاهلي، وقام بكتابة معلقته الشهيرة “أمن أمّ أوْفى دمنةٌ لم تكلّم”، التي نظمها بمناسبة معركة داحس والغبراء.
أقوال زهير بن أبي سلمى في الغزل
- قصيدة: صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو
وَأَقفَرَ مِن سَلمى التَعانيقُ فَالثِقلُ
وَقَد كُنتُ مِن سَلمى سِنينَ ثَمانِيًا
عَلى صيرِ أَمرٍ ما يَمُرُّ وَما يَحلو
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ يَومًا لِحاجَةٍ
مَضَت وَأَجَمَّت حاجَةُ الغَدِ ما تَخلو
وَكُلُّ مُحِبٍّ أَحدَثَ النَأيُ عِندَهُ
سَلُوَّ فُؤادٍ غَيرَ حُبِّكِ ما يَسلو
- قصيدة: عفا من آل فاطمة الجواء
تَنازَعَها المَها شَبَهًا وَدُرُّ ال
نُحورِ وَشاكَهَت فيها الظِباءُ
فَأَمّا ما فُوَيقَ العِقدِ مِنها
فَمِن أَدماءَ مَرتَعُها الخَلاءُ
وَأَمّا المُقلَتانِ فَمِن مَهاةٍ
وَلِلدُرِّ المَلاحَةُ وَالصَفاءُ
فَصَرِّم حَبلَها إِذ صَرَّمَتهُ
وَعادى أَن تُلاقيها العَداءُ
بِآرِزَةِ الفَقارَةِ لَم يَخُنها
قِطافٌ في الرِكابِ وَلا خَلاءُ
عنترة بن شداد
يُعتبر عنترة بن عمرو بن شداد العبسي، المولود في نجد في عام 525 ميلادي والمتوفى عام 600 ميلادي قرب قرية النعي، من أبرز الشعراء العرب. يُعرف بكنيته “أبو المغلس” وقد تميّز بشجاعته وفخره. نشأ في عائلة نبيلة رغم أن والده كان من سادات قريش، إلا أن أمه كانت أمة حبشية. عُرف بحبه العميق لابنة عمه عبلة بنت مالك، التي لم يوافق أهلها على تزويجه. كتب عنترة العديد من القصائد الغزلية في عبلة، مما يُظهر طابع الغزل العذري الذي يُظهر أخلاقه الرفيعة.
أقوال عنترة بن شداد في الغزل
- قصيدة: أتاني طيف عبلة في المنام
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ
فَقَبَّلَني ثَلاثًا في اللَثامِ
وَوَدَّعَني فَأَودَعَني لَهيب
أُسَتِّرُهُ وَيَشعُلُ في عِظامي
وَلَولا أَنَّني أَخلو بِنَفسي
وَأُطفِئُ بِالدُموعِ جَوى غَرامي
لَمُتُ أَسىً وَكَم أَشكو لِأَنّي
أَغارُ عَلَيكِ يا بَدرَ التَمامِ
أَيا اِبنَةَ مالِكٍ كَيفَ التَسَلّي
وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطامِ
وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَوم
وَحَولَ خِباكِ آسادُ الأَجامِ
- قصيدة: جفون العذارى من خلال البراقع
جُفونُ العَذارى مِن خِلالِ البَراقِعِ
أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ القَواطِعِ
إِذا جُرِّدَت ذَلَّ الشُجاعُ وَأَصبَحَت
مَحاجِرُهُ قَرحى بِفَيضِ المَدامِعِ
- قصيدة: رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ
رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ
بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ
مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ
مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ
فاغتالني سقمِيْ الَّذي في باطني
أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ
خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حرَّكتْ
أعْطَافَهُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ
ورنتْ فقلتُ: غزالةٌ مذعورةٌ
قدْ راعهَا وسطَ الفلاةِ بلاءُ
وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَةَ تِمِّهِ
قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ
بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها
فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ
سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها
فَتَمايلَتْ لجلالهِا أربابنا العظماءُ
يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ عندي
إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ
إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني
في همِّتي لصروفهِ أرزاءُ
عروة بن حزام
عروة بن حِزام بن مالك بن ضبة بن عبد بن عّرة يُعتبر من الشعراء المعروفين بالغزل العذري، وُلد في وادي القرى وقد أحب ابنة عمه عفراء. طلب الزواج منها ووعده عمه بذلك، ولكنه غادر إلى الشام، وهناك رأها ابن عم له يُدعى أثالة بن سعيد، الذي تقدم لها وزوجها أبوها. ترك هذا الأمر أثرًا عميقًا في نفس عروة، الذي نظم عدة قصائد تعبيرًا عن حبه لعفراء. تعرض عروة لمرض شديد وتوفي في وادي القرى عام 650 ميلادي، حيث حزنت عفراء على فراقه بشدة وألقت الشعر على قبره.
أقوال عروة بن حزام في الغزل
- قصيدة: إِليكَ أشكو عَرْقَ دهرٍ ذي خَبَلْ
إِليكَ أشكو عَرْقَ دهرٍ ذي خَبَلْ
وعَيَلاَ شُعْثًا صِغارًا كالحَجَلْ
وأُمَّهمْ تهتِفُ تستكسي الحُلَلْ
قد طارَ عنها دِرْعُها ما لم يُخَلْ
يا ربُّ يا ربّاهُ إِيّاكَ أَسَلْ
عفراءُ يا ربّاهُ من قبلِ الأَجَلْ
فإِنَّ عفراءَ مِنَ الدْنيا الأَمَلْ
لو كَلَّمَتْ رهبانَ دَيْرِ في قَلَلْ
لَزَحَفَ الرهبانُ يمشي وَزَحَلْ
- قصيدة: متى تكشفا عني القميص تبينا
فيا لَيْتَ كلَّ اثنينِ بينهما هوىً
مِنَ النّاس والأَنْعامِ يَلْتَقِيانِ
فَيَقْضي مُحِبٌّ من حبيبٍ لُبانةً
ويَرْعاهما رَبّي فلا يُرَيانِ
أَمامي هوىً لا نومَ دونَ لِقائِهِ
وخَلْفي هوىً قد شفّني وبرَاني
فَمَنْ يَكُ لم يغرضْ فإِنّي وناقتي
بِحَجْرٍ إلى أهلِ الحِمى غَرَضانِ
تَحِنُّ فتُبْدي ما بها مِنْ صَبابَةٍ
وأُخْفي الذي لولا الأَسى لَقَضاني
هوى ناقتي خَلْفي وقُدّامي الهوى
وإِنِّي وإِيّاها لَمُخْتَلِفانِ
هوايَ عراقيٌّ وتَثْني زِمامَها
لِبَرْقٍ إذا لاحَ النجومُ يَمانِ
هوايَ أمامي ليس خلفي مُعَرِّجٌ
وشَوْقُ قَلوصي في الغُدُوِّ يَمانِ
طرفة بن العبد
عمرو بن العبد، المعروف بطرفة، وُلِد في البحرين عام 543 ميلادي وتوفي عام 569 ميلادي. عُرف بلقب “الغلام القتيل”، حيث أُعدم في عهد عمرو بن هند عندما كان في السادسة والعشرين من عمره. نشأ في عائلة أدبية وذو موهبة شعرية بارزة، وقد تأثر في الشعر الجاهلي بأسلوبه الفريد. كما عانى من ظلم أعمامه بعد وفاة والده فرصة كسب القوت، واشتهر بالغرام بشاعرة تُدعى خولة، وكتب عدة قصائد تغزل فيها.
أقوال طرفة بن العبد في الغزل
- قصيدة: لخولةَ أطلالٌ ببرقةِ ثهمدِ
وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَرٌ
كَسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ
وعَيْنَانِ كَالمَاوِيَّتَيْنِ اسْتَكَنَّتَا
بِكَهْفَيْ حِجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
- قصيدة: أصحوتَ اليومَ أم شاقتكَ هِر
أَصَحَوتَ اليَومَ أَم شاقَتكَ هِر
وَمِنَ الحُبِّ جُنونٌ مُستَعِر
لا يَكُن حُبُّكِ داءً قاتِلًا
لَيسَ هَذا مِنكِ ماوِيَّ بِحُر
كَيفَ أَرجو حُبَّها مِن بَعدِ ما
عَلِقَ القَلبُ بِنُصبٍ مُستَسِر
أَرَّقَ العَينَ خَيالٌ لَم يَقِر
طافَ وَالرَكبُ بِصَحراءِ يُسُر
جازَتِ البيدَ إِلى أَرحُلِنا
آخِرَ اللَيلِ بِيَعفورٍ خَدِر
ثُمَّ زارَتني وَصَحبي هُجَّعٌ
في خَليطٍ بَينَ بُردٍ وَنَمِر
تَخلِسُ الطَرفَ بِعَينَي بَرغَزٍ
وَبِخَدَّي رَشَإٍ آدَمَ غِر
وَلَها كَشحا مَهاةٍ مُطفِلٍ
تَقتَري بِالرَملِ أَفنانَ الزَهَر
وَعَلى المَتنينِ مِنها وارِدٌ
حَسَنُ النَبتِ أَثيثٌ مُسبَطِرّ
المنخل اليشكري
المنخل بن عبيد بن عامر بن ربيعة بن عمرو اليشكري، معروف بوسامته، وُلِد في مكة المكرمة عام 580 ميلادي وتوفي قرب الحبشة عام 607 ميلادي. لقد سُمي بالمنخل لأنه كان يُصاغ الشعر. قصيدته الشهيرة “إن كنتِ عاذلتي فسيري” قيل عنها إنها كانت السبب وراء مقتله. عُرف أيضًا بنزعة الغيرة على زوجة النعمان، مما أدى إلى طلب رأس المنخل. بعد فترة من الفرار، طلب العفو من النعمان وعاد ليصبح من أصدقائه.
أقوال المنخل اليشكري في الغزل
- قصيدة: إن كنتي عاذلتي فسيري
وَعَلى الجِيادِ المُضمَرا
تِ فَوارِسٌ مِثلُ الصُقورِ
يَعكُفنَ مِثلَ أَساوِدِ الـ
ـتَنّومِ لَم تَعكَف بِزورِ
يَخرُجنَ مِن خَلَلِ الـ
ـغُبارِ يَجِفنَ بِالنَّعَمِ الكَثيرِ
أَقَرَرتُ عَيني مِن أُلَـ
ـئِكَ فَوائِحِ بِالعَبيرِ
وَإِذا الرِياحُ تَناوَجَت
بِجَوانِبِ البَيتِ الكَسيرِ
الفَيتَني هَشَّ اليَدَينِ
بِمَريِ قِدحي أَو شَحيري
المرقش الأكبر
عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن وائل، وُلِد في اليمن عام 500 م ونشأ في العراق. تُصدر لَقَب المرقش بعد أن تعلم الكتابة وشارك في حرب البسوس. وهو شاعر مُتيم ابنة عمه أسماء بنت عوف بن مالك، وكان في حالة يأس حتى تزوجت أسماء أثناء سفره برجل عرض مالًا كبيرًا على والدها. بعد فترة من عدم الاستقرار، أصيب المرقش بمرض وتوفي في نجران عام 552 ميلادي.
أقوال المرقش الأكبر في الغزل
- قصيدة: سَرَى ليلاً خَيالٌ مِن سُلَيمَى
سَرَى ليلًا خَيالٌ مِن سُلَيمَى
فَأَرَّقَنِي وأَصحَابِي هُجُودُ
فَبِتُ أَديرُ أَمرِي كُلَّ حالٍ
وَأَرقُبُ أَهلَها وَهُمُ بَعيدُ
عَلى أَن قَد سَما طَرفِي لِنارٍ
يُشَبُّ لها بِذي الأَرطَي وَقُودُ
حَواليهَا مَهًا جُمُّ التَّراقِي
وَآرامٌ وَغِزلانٌ رُقُودُ
نَواعمُ لا تُعالج بُؤسَ عَيشٍ
أَوانسُ لا تَروحُ لا تَرودُ
يَرُحنَ مَعًا بِطاءَ المَشي بُدّاً
عَلَيهِنَّ المجاسِدُ والبُرودُ
سَكَنَّ بِبَلدةٍ وَسَكَنت أُخرى
وَقُطِّعَتِ المَواثِقُ والعُهودُ
فَما بالي أَفِي وَيُخانُ عَهدِي
وَما بالي أُصادُ ولا أَصيدُ
وَرُبَّ أَسيلَةِ الخَدينِ بِكرٍ
منَعَّمةٍ لَها فِرعٌ وَجيدُ
النابغة الذبياني
زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن مرة بن عوف بن سعد الذبياني، يُلقب بأبي أمامة، وُلِد في ديار غطفان عام 535 ميلادي وتوفي في نجد عام 604 ميلادي. عُرف بلقب النابغة نظرًا لموهبته الشعرية الاستثنائية، وقدم العديد من القصائد الجيدة وأصبح مرجعًا للشعراء في سوق عكاظ مثل الخنساء وحسان بن ثابت. كانت لديه علاقات جيدة مع بعض الملوك مثل: المنذر بن ماء السماء وعمرو بن هند والملك النعمان.
أقوال النابغة الذبياني في الغزل
- قصيدة: أمن آل مية رائح أو مغتد
نظَرَت بِمُقلَةِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ
أَحوى أَحَمِّ المُقلَتَينِ مُقَلَّدِ
وَالنَظمُ في سِلكٍ يُزَيَّنُ نَحرَها
ذَهَبٌ تَوَقَّدُ كَالشِهابِ الموقَدِ
صَفراءُ كَالسِيَراءِ أُكمِلَ خَلقُها
كَالغُصنِ في غُلَوائِهِ المُتَأَوِّدِ
وَالبَطنُ ذو عُكََنٍ لَطيفٌ طَيُّهُ
وَالإِتبُ تَنفُجُهُ بِثَديٍ مُقعَدِ
مَحطوطَةُ المَتنَينِ غَيرُ مُفاضَةٍ
رَيّا الرَوادِفِ بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
قامَت تَراءى بَينَ سَجفَي كِلَّةٍ
كَالشَمسِ يَومَ طُلوعِها بِالأَسعُدِ
أَو دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوّاصُها
بَهِجٌ مَتى يَرَها يُهِلَّ وَيَسجُدِ
أَو دُميَةٍ مِن مَرمَرٍ مَرفوعَةٍ
بُنِيَت بِآجُرٍّ تُشادُ وَقَرمَدِ
سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ
فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنا بِاليَدِ
بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ بَنانَهُ
عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَةِ يُعقَدِ
نَظَرَت إِلَيكَ بِحاجَةٍ لَم تَقضِها
نَظَرَ السَقيمِ إِلى وُجوهِ العُوَّدِ
تَجلو بِقادِمَتَي حَمامَةِ أَيكَةٍ
بَرَداً أُسِفَّ لِثاتُهُ بِالإِثمِدِ
كَالأُقحُوانِ غَداةَ غِبَّ سَمائِهِ
جَفَّت أَعاليهِ وَأَسفَلُهُ نَدي
زَعَمَ الهُمامُ بِأَنَّ فاها بارِدٌ
عَذبٌ مُقَبَّلُهُ شَهِيُّ المَورِدِ
زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُ
عَذبٌ إِذا ما ذُقتَهُ قُلتَ اِزدُدِ
زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُ
يُشفى بِرَيّا ريقِها العَطِشُ الصَدي
أَخَذَ العَذارى عِقدَها فَنَظَمنَهُ
مِن لُؤلُؤٍ مُتَتابِعٍ مُتَسَرِّدِ
لَو أَنَّها عَرَضَت لِأَشمَطَ راهِبٍ
عَبَدَ الإِلَهِ صَرورَةٍ مُتَعَبِّدِ
لَرَنا لِبَهجَتِها وَحُسنِ حَديثِها
وَلَخالَهُ رُشدًا وَإِن لَم يَرشُدِ
الأعشى
ميمون بن قيس بن ثعلبة بن بكر بن وائل، يُعرف بأبي بصير، وُلِد في عام 570 ميلادي في بلدة منفوحة الحضرية وتوفي عام 629 ميلادي. حصل على لَقَب “الأعشى” بسبب ضعف بصره. يُعتبر من فحول الشعراء في العصر الجاهلي، حيث عُرف بشعر المدح الذي نظمه للحصول على المال، كما نظم أيضًا شعر الهجاء. تشتهر قصيدته المعروفة “ودّع هريرة” بتغزله بمحبوبته هريرة.
أقوال الأعشى في الغزل
- قصيدة: خالط القلب هموم وحزن
خالَطَ القَلبَ هُمومٌ وَحَزَن
وَاِدِّكارٌ بَعدَما كانَ اِطمَأَنّ
فَهوَ مَشغوفٌ بِهِندٍ هائِمٌ
يَرعَوي حينًا وَأَحيانًا يَحِنّ
بِلَعوبٍ طَيِّبٍ أَردانُها
رَخصَةِ الأَطرافِ كَالرِئمِ الأَغَنِّ
وَهيَ إِن تَقعُد نَقًا مِن عالِجٍ
وَإِذا قامَت نِيافًا كَالشَطَن
يَنتَهي مِنها الوِشاحانِ إِلى
حُبلَةٍ وَهيَ بِمَتنٍ كَالرَسَن
خُلِقَت هِندٌ لِقَلبي فِتنَةً
هَكَذا تَعرِضُ لِلناسِ الفِتَن
- قصيدة: بانت سعاد
بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها رابا
وَأَحدَثَ النَأيُ لي شَوقًا وَأَوصابا
وَأَجمَعَت صُرمَنا سُعدى وَهِجرَتَنا
لَمّا رَأَت أَنَّ رَأسي اليَومَ قَد شابا
أَيّامَ تَجلو لَنا عَن بارِدٍ رَتِلٍ
تَخالُ نَكهَتَها بِاللَيلِ سُيّابا
وَجيدِ مُغزِلَةٍ تَقرو نَواجِذُها
مِن يانِعِ المَردِ ما اِحلَولى وَما طابا
وَعَينِ وَحشِيَّةٍ أَغفَت فَأَرَّقَها
صَوتُ الذِئابِ فَأَوفَت نَحوَهُ دابا
هِركَولَةٌ مِثلُ دِعصِ الرَملِ أَسفَلُها
مَكسُوَّةٌ مِن جَمالِ الحُسنِ جِلبابا
تُميلُ جَثلًا عَلى المَتنَينِ ذا خُصَلٍ
يَحبو مَواشِطَهُ مِسكًا وَتَطيابا
رُعبوبَةٌ فُنُقٌ خُمصانَةٌ رَدَحٌ
قَد أُشرِبَت مِثلَ ماءِ الدُرِّ إِشرابا
الخلاصة
لقد تميز الشعراء في العصر الجاهلي بالشعر الغزلي البارز مثل: امرؤ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، وعروة بن حزام، وطرفة بن العبد، والمنخل اليشكري، والمرقش الأكبر، والنابغة الذبياني، والأعشى، حيث يتمتع كل منهم بسيرة ذاتية فريدة إلى جانب العديد من القصائد الغزلية التي تعكس مشاعر الحب والعاطفة تجاه محبوباتهم.