أصالة الرأي صانتني
قال الطغرائي:
لقد حمتني أصالة الرأي من الأخطاء
وجمال الفضل أضفى عليّ صبغة العظمة
مكاني مجدي أولاً وآخراً مبدأ
كالشمس التي تسطع في وضح النهار كالأفراح
فلا مكان لي بين الأوهام ولا مسكن لي
لا نشأتي ولا قافلتي هنا ولا دوابي
وحدتي عن الأهل كرمحٍ بلا عيوب
فلا صديق أشاركه همومي
ولا رفيق يشاطرني الأفراح
طالت غربتي حتى حنّت راحلتي
ووسادتها المثقلة بعبء العذاب
وضج من تعب نفسي وما حظيت
بدفة من الرفاق ولا الفخر في حظي
أريد يدًا أستعين بها
لقضاء حقوقي تجاه الأعلين
والزمان يعكس آمالي ويؤنسني
من الغنيمة بعد الكد بالكلام العقيم
مع الأسى الصابر كما في الأمل
فالكلمات حلوة ومعاناة مريرة قد اختلطت
برقة الشعر وبقسوة الواقع
طردت نومي عن عيني من شغف المحبوب
والليل أغراني بالاستسلام لغوايات النوم
في وقت استجاب الحضور الذي على أحوال مختلفة
فقولت: أدعوك للمروءة لتنصُرَني
وأنت قد تخذلني عند السخائم
تنام عيناي بينما عين النجم ساهرة
وتبقى الألوان تحت ظلمة الليل
فهل ستمتد لي يدُ عون في ما قد تنوي
أما الخسارة تشدني أحيانًا عن الفشل
أريد الدرب المؤدي إلى الحي من إضمٍ
وقد رماه رماة من بني ثُعَلٍ
يحميهم السيف الأملح والسمر المعتاد
تتألق شعورهم بظلال الفخر والكرامة
فسر بنا في ظلام الليل معتمدين
على عبير الطيب يدلنا إلى الأمل
فالحب حيث الشجاعة والأسود رابضة
تتألق نصالهم بمياه الجمال والنجاح
قد زادت ذاكرة أهل الفضل
ما بالكرائم من جبن وبخل
يبيت لهيب العشق في صدورهم
بينما نار الكرم من بينهم على القمم
يقتلن مشاعر الحب بلا حياة
وينحرون كرامة الخيل والإبل
يشفى العاشق من الأغاني في بيوتهم
بمقدار من لذة الخمر والعسل
لعل مجرَّد لمسة بها
يجلب نسيم الشفاء في الآلام
لا أكره الطعنة حين تُشرّع
بتعزيزات من سهام العيون الساهرة
ولا أهاب زهرات الفرح تُشعرني
بالأضواء في منتصف الليل
ولا أفرط في عشق الغزلان
ولو اجتاحتني أسراب العواصف
حب الأمان يمنع الهم من صاحبه
عن العلا ويغري الإنسان بالكسل
فإن مالت نواياك فعليك بالانعزال
ادعِ غمر المجد لأهل المقامات العالية
واكتفِ بحظك القليل في المعاني
فطاعة الذليل تخفضه في العيش
بينما المجد يرفع الأنباء الكريمة
فخذ من عينيك الرغبة وتحلى بالشجاعة
معززًا بالمناقشات الفكرية بإصرار
إن المجد قد حدثني بصدق
فيما يصدق أن العز في الفهم
لو كان في الشرف الوصول إلى الأماني
لما غادرت الشمس مكان الأمل
ناديت الحظ إن كان للنصح مُستمعًا
لكن الحظ بعيد عن الجهالة
ربما إن أظهر فضلي ونقصهم
إذا كنت للسلطان خِدْنًا فلا تُشِرْ
قال الطغرائي:
إذا كنت خادماً للسلطان فلا تُشير
عليه بما يضرّه في حياته
لقد قيل في أساطير الماضي أن ثعلباً
وذئباً تقاطعوا عند أسدٍ قوي
أضرا به جوع استمر طويلاً فضعف
وظل له جلدٌ رقيق وأقسام
فقد فاز الذئب يوماً بخلوة
قال: يكفي أن يكون الثعلب طعامك
فكل ولا تتردد فإنه ليس عيبًا
لكن اعطِ نصيحة تحميك من شرورهم
نحاسنا تغلنا وزئبقنا
قال الطغرائي:
نحاسنا تغلنا وزئبقنا
ما رفعت يدي عن العيب
وهو بريق الفضة إذا بَدَا
أما إذا احمرّ فإنه من معادنها
وإن توحدت في بحر الإبداع
إخوان يجمعهم الفعل الجيد
والجسد الضعيف يشكل عبئاً بالثقل
والروح خفيفة كطائر يحلق
تتجه في أعيانها إلى العلاء
بينما الناس ينشغلون بالزئبق
مع الكبريت في تفاعلاتهم
تركو النور يستضىء بمرآة الحياة
فيما سائرهم يعبرون في ظلام الجهل
جمعنا العلم في بيتين
قال الطغرائي:
جمعنا العلم في بيوتنا
نِعمة لذوي الفطنة
تسير الحياة بالماء
وعقد الماء بالجسد
ومن مخرجاتهما نتاجُ
بعناء الجهد والتحديات
وما تدرك ما تعددت أفكارك
إذا لم تكن تملك بؤرة فكرية