أبو مسلم الخراساني: شخصية تاريخية بارزة في الفتوحات الإسلامية

أبو مسلم الخراساني

أبو مسلم الخراساني هو عبد الرحمن بن مسلم، ويُعرف أيضًا باسم إبراهيم، وهو أحد الشخصيات البارزة في الدولة العباسية، حيث لعب دورًا حيويًا في قيادتها. ورغم أن التفاصيل المتعلقة بأصله تظل غير مؤكدة وفقاً لآراء المؤرخين، إلا أنه صرح بأنه “يتبع دين الإسلام وولاءه لآل محمد، ويسير على الطريق الصحيح”، مما يشير إلى عدم رغبته في تحديد أصل معين. هناك بعض الروايات التي تشير إلى أنه يدعي الأصالة العربية، لكن الرواية الأكثر شيوعًا تفيد بأنه نشأ في قرية قريبة من أصبهان تُدعى مَاه البصرة. وكان والده من أصل فارسي، بينما والدته كانت جارية تم بيعها لعيسى العجلي بعد تعرض الأسرة لأزمة مالية، وأنجبت لاحقًا إبراهيم الذي نشأ في كنف العجليين وخدمهم، حيث بدأ يجمع الأموال لهم من مزرعتهم في أصبهان والكوفة، مما جعله مولاهم.

أما فيما يتعلق بتغيير اسمه، فقد حدث ذلك عندما انتقل إلى الكوفة، حيث التقى بالدعاة العباسيين وتعلم منهم أصول التشيع، ومن بينهم بكير بن ماهان. وبدأ يعمل لصالح أهل البيت، وعندما رأى العباسيون كفاءته وذكاءه، قرروا ضمّه للدعوة العباسية، وأخذه الإمام إبراهيم تحت جناحه. أُعجب الإمام بذكائه وأعلم الشيعة العباسيين بأنه من ضمن المأمولين لدعم الثورة، ثم قام بتغيير اسمه إلى عبد الرحمن وتلقى لقب أبو مسلم، وكان في ذلك الوقت في التاسعة عشر من عمره.

أبو مسلم الخراساني وولايته على خراسان

قام الإمام إبراهيم بتعيين أبي مسلم نائبًا عنه في خراسان ليكون قائدًا للتنظيم العباسي السري، لكن تعيينه لم يُرحب به من قِبَل بعض القادة العباسيين بسبب صغر سنّه. إلا أنه أظهر شجاعة فذة وقدرة غير عادية في المهمة الموكلة إليه. وعندما بدأت الدولة الأموية في الأفول، اشتعلت الثورة العباسية وكان أبو مسلم قائدها، وقد حقق فيها انتصارات بارزة وتمكن من السيطرة على خراسان بعد أن أرسل العباسيون جيوشهم إليها، متدريجيا استولى على مدنها. وكان يمتلك معرفة دقيقة بتلك المناطق بفضل زياراته المتكررة. وتجدر الإشارة إلى أن مدينتي بلخ وجرخان صمدتا طويلًا أمام الهجوم العباسي قبل أن يقع عليهما السيطرة بعد جهد كبير. بعدها، سعى الخراساني للتخلص من كبار السياسيين العباسيين، فقام بعقد تحالفات متعددة حتى حقق هدفه وأصبح القائد المسيطر في تلك المنطقة، كما استطاع بذكائه توسيع ولاية فارس وخوارزم وبلاد ما وراء النهر، ليصبح جزء كبير من أراضي الدولة العباسية تحت تصرفه، وأصبح يدير شؤون ولايته كما يشاء، متجاهلاً أوامر الخليفة العباسي حتى عُرف بأنه والٍ متمرد لا يبالي بأحد.

وفاة أبو مسلم الخراساني

قُتل أبو مسلم الخراساني على يد أبي جعفر المنصور. فبعد أن توسع نفوذه وكبر جيشه، تنافس مع عبد الله بن علي ونزع منه ولايته على مصر والشام، وأخرجه من خراسان. وبعدها أرسل أبو جعفر المنصور وفداً إلى أبي مسلم ليحصي ما غنمه من جيش عبد الله، لكنه لم يستجب، بل غضب واستنكر الأمر، مما أدى إلى توتر العلاقات بينهما. كما أن الخليفة العباسي عيّن من ينوب عنه في الخلافة قبل أن ينتقل من الأنبار إلى المدائن للقاء أبي مسلم. وتبادل الطرفان المراسلات حتى قرر أبو مسلم الحضور إلى الخليفة، وبعد أن قبّل يده، غادر ثم عاد في اليوم التالي ليتحدث معه. وخلال النقاش، حاول أبو مسلم الاعتذار عن تصرفاته أثناء عتاب الخليفة له، إلا أن أبا جعفر المنصور كان قد أمر حراسه بقتل أبي مسلم حالما يسمعونه يصفق، وفور انتهاء العتاب، قام أبو مسلم بالتصفيق بيديه مما أدى إلى مقتله على يد الحراس.