أبو هريرة وعمر بن الخطاب: علاقات وصراعات في التاريخ الإسلامي

فضائل عمر بن الخطَّاب وأبو هريرة رضي الله عنهما

فضائل عمر بن الخطَّاب

عُمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- يُعتبر من أبرز الشخصيات في تاريخ الإسلام، حيث يأتي في المرتبة الثانية بعد أبي بكرٍ -رضي الله عنه-. يجتمع نسبه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في كعب. كان من السابقين إلى الإسلام، وإسلامه مثّل نقطة انطلاق عظيمة للإسلام والمسلمين، فقد عانى الصحابة من صعوبات الصلاة عند الكعبة حتى أتى إسلامه. وهو -رضي الله عنه- أول من أعلن إسلامه بصوت عالٍ، وقد كان محبوبًا لدى الله -تعالى- عندما دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- له بالهداية، واستجاب الله لدعائه بإسلام عمر. ولقبه النبي -عليه الصلاة والسلام- بـ “الفاروق” لأنه قاد الفهم بين الحق والباطل، ودعائم الحق ظلت على لسانه وقلبه. ومن فضائله أن الشياطين كانت تفرّ منه، واستُشهد -رضي الله عنه- وهو يصلي بعد حكمه لبلاد المسلمين لمدة عشر سنوات.

فضل أبو هريرة

عرف أبو هريرة -رضي الله عنه- بالعديد من الفضائل. فقد رافق النبي -عليه الصلاة والسلام- لمدة أربع سنوات، حيث روى عنه الكثير من الأحاديث وحصل على علم جليل. وقد اختاره النبي -عليه الصلاة والسلام- ليكون مؤذناً وإماماً في البحرين. لم يكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتردد في الإجابة عن أسئلته المتعلقة بالعلم، بينما كان هو -رضي الله عنه- شغوفًا بالمعرفة والبحث في الدين. وكان الصحابة يستفسرون منه عن أمور دينهم، ومن جهته، أحب النبي -عليه الصلاة والسلام- شغفه للعلم، مما جعله يسأله أسئلة جريئة لم يجرؤ أحد من الصحابة على طرحها.

كما كان -رضي الله عنه- محبًا لرؤية النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان يشعر بالسعادة الكبيرة حين الحديث معه. وهناك العديد من الأحاديث التي تشيد به وتظهر رضا النبي -عليه الصلاة والسلام- عنه، حيث ساهم في نشر الحديث في مكة والمدينة ودمشق والعراق والبحرين، ورغم وجود العديد من علماء الصحابة، كان يتمتع بسمعة مرموقة كمفتٍ.

أبو هريرة في زمن خلافة عمر بن الخطَّاب

لقد كان لأبو هريرة -رضي الله عنه- دور بارز في الإفتاء خلال خلافة عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-. كان يقدم الفتوى وسط حضور ابن عباس -رضي الله عنه-، ولقد عينه عمر والياً على البحرين ليقوم بإفتاء أهلها. وفي الوقت الذي أبدى فيه حرصه على عدم الإكثار من الحديث، بسبب مخاوفه من الوقوع في الخطأ والانشغال عن القرآن، إذ سمح له لاحقاً بمشاركة علمه بعد أن شهد تقواه وورعه. وقد توقف أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الإخبار في فترة خلافة عمر على الرغم من كونه أحد أبرز الصحابة في الحديث، وهو ما كان يُعبر عنه رؤية الخلفاء الراشدين للقضاء على أي فرصة للمنافقين للتحريف في الأحاديث. وعاد أبو هريرة -رضي الله عنه- لرواية الأحاديث عندما احتاج الناس إلى علمه.

يُذكر أن أبا هريرة -رضي الله عنه- كان مكرساً جهده لطلب العلم وتعليمه خلال خلافة عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-. رافقه في أسفاره إلى الحج، وشارك في معركة اليرموك. عُين مرة druge كوالٍ على البحرين ثم تم إعفاؤه من الولاية في فترة معينة، وعندما عرض عليه عمر أن يعود للولاية، أبدى أبو هريرة -رضي الله عنه- قلقه من احتمال أن يتحدث دون علم أو أن يقضي بغير حلم.

توليّة عمر بن الخطَّاب لأبي هريرة

أرسل عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- أبا هريرة والياً إلى البحرين، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أرسله إليها قبلاً لنشر الإسلام وتعليم الناس أمور دينهم. لكن عمر -رضي الله عنه- عزل أبا هريرة عن ولاية البحرين بناءً على ملاحظاته حول اهتمامه بالصلاة والعبادات. وعند محاولة عمر لإعادته للولاية، أبدى أبو هريرة -رضي الله عنه- رفضه، وعاد إلى المدينة حيث توفي في السنة السابعة والخمسين للهجرة.