مع اقترابنا من القرن الحادي والعشرين، لم تعد التحديات العالمية التي نواجهها محصورة في قضايا مثل الاحتباس الحراري أو تلوث المياه فحسب. بل واجهتنا أيضًا مشاكل جديدة تتعلق بالتقدم التكنولوجي السريع والانفتاح العالمي الذي جاءت به وسائل التواصل الاجتماعي. لقد أصبح العالم الآن أشبه بغرفة صغيرة، مما أدى إلى تدفق ثقافي واسع. في هذه المقالة، سنستعرض أضرار وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي على الفرد والمجتمع.
أضرار وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي
أدى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي إلى تحويل كوكب الأرض إلى منصات ومواقع تركز على المنفعة الشخصية. نتيجةً لفكرة الربح عبر الإنترنت، سعى الجميع لتقديم أي محتوى يمكن أن يجذب انتباه الجمهور، مما أتاح الفرصة للكثيرين لتحقيق دخل من دون الحاجة لشهادة جامعية أو مؤهل تعليمي. يكفي أن يمتلك الفرد كاميرا وهاتفًا ليشارك مقاطع فيديو غير مثمرة.
سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي على الأفراد
توجه العديد من الأفراد نحو إلحاق الأذى بالآخرين من أجل المنفعة الشخصية، بينما يغفلون عن إهدار أوقاتهم الثمينة في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة، مما يعود بالنفع على آخرين. وأصبح إدمان وسائل التواصل الاجتماعي حقيقة مقلقة، تضاهي أي نوع آخر من الإدمان. يُعتبر هذا الاضطراب غير معترف به طبيًا، ولم يتم تحديد علاج له، إذ يمكن تشبيهه بفيروس يؤثر على الحياة اليومية ويؤدي إلى مشكلات نفسية وصحية عقلية، تؤثر في شخصية الأفراد وطريقة حياتهم.
سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع
تسهم وسائل التواصل الاجتماعي في ظهور العديد من المخاطر على المجتمع، حيث تتسبب في تعطيل الأنشطة اليومية وتقليل عدد العاملين في قطاعات معينة، بالإضافة إلى العديد من الأضرار الأخرى، ومن أهمها:
- انتشار انتحال الشخصيات: تُعدّ ظاهرة انتحال الشخصيات العامة ومشاركة المحتوى من خلال شخصيات وهمية من أخطر التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، مما يعزز نشر معلومات مضللة تضر بالمجتمع والأمن الداخلي وتزيد من الفتن.
- ظهور مواقع غير قانونية: أدى تطور مواقع التواصل الاجتماعي إلى بروز ما يُعرف بالديب ويب ومنصات تنشر السلوكيات المجرّمة، ما يساهم في توسع القيم الأخلاقية السلبية ويعزز مشاهد الجرائم العنيفة.
- حالات الانتحار: شهدت وسائل التواصل الاجتماعي انتشار مقاطع لشباب يُقدمون على الانتحار أثناء البث المباشر، مما تسبب في فوضى اجتماعية واضحة، كما حدث مع الممثل الأمريكي جاي بودي الذي انتحر بعد اتهامه بالاعتداء الجنسي.
- انخفاض التواصل العاطفي: أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى تراجع التواصل العاطفي الحقيقي بين الأشخاص، مما زاد من الفجوة بين الأجيال، وخلق شرخًا في القيم الاجتماعية.
- تباطؤ الحملات التسويقية: أثرت وسائل التواصل على الاقتصاد بشكل سلبي، بحيث لم تعد هناك قيود على الاستيراد والتصدير، فأي شخص أصبح قادرًا على شراء أي شيء من أي مكان في العالم.
- زيادة الكسل: أدى احتمال تحقيق الربح بسهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى تراجع الدافع لدى الأفراد للجد والعمل الجاد، مما أدى إلى إغفال التعليم والمهنة كطرق لتحقيق النجاح.
- تدني تقدير الذات: يُقلل العديد من الشباب من تقدير أنفسهم نتيجة للمقارنات الضارة مع المشاهير، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى أن الفتيات اللواتي يقضين فترات طويلة على هذه المنصات يعانين من تدني احترام الذات.
في الختام، قدمنا في هذه المقالة لمحة عن أضرار وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي على الأفراد والمجتمع، موضحين التأثيرات السلبية التي قد تنتج عن قضائنا لساعات طويلة في هذا الفضاء الإلكتروني. نأمل أن تستفيق الجماعات من غفلتها قبل فوات الأوان.