يعدّ يوم عرفة من الأيام البارزة والمُحبّبة عند الله -عزّ وجلّ-، حيث يستحب فيه ذكر الله والدعاء والتوجه إليه سبحانه وتعالى. ويُعتبر هذا اليوم فرصة عظيمة للمسلمين، سواءً كانوا حجّاجاً أو غيرهم، ليعيّوا أهمية الدعاء ويسعوا لتحقيق القرب من الله. وقد جاء في الأحاديث النبوية ما يؤكد مكانة وأهمية الدعاء في هذا اليوم الفضيل.
روي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والأنبياء من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). وقد أشار العلماء إلى أن هذا الذكر مختص بالدعاء، نظراً لمكانته ومعناه.
ويقول المباركفوري إن “عبارة هذا الحديث لا تحتوي على النصيب المقتصر على قول ‘لا إله إلا الله’ بل تشير إلى أن خير الدعاء في يوم عرفة هو أي دعاء كان، كما أن قول النبي ‘وخير ما قلتُ’ دليل على أهمية ذكر الله قبل الدعاء من دون ضرورة لتقييد ذلك بالدعاء فقط.”
وفي رواية أخرى عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه من العمل فيها من هذه الأيام العشر، فاكثِروا فيها من التهليل والتكبير والتحميد). ولذا، يحرص المسلمون في هذا اليوم على كثرة ذكر الله، خاصةً من خلال قول: “لا إله إلا الله” و”الله أكبر” و”الحمد لله”.
توجد العديد من الأحاديث النبوية التي تتعلق بالذكر والدعاء في يوم عرفة، بما في ذلك أحاديث تُعتمد رغم ضعف سندها في بعض الأحيان. ومع ذلك، فإن أهل العلم يعتبرونها مفيدة في مجال فضائل الأعمال. الذكر والدعاء جائزان للمسلم في هذا اليوم المبارك سواءً كان حاجاً أو غير حاج، ومن بين الأذكار والأدعية المروية ما يُنسب لعلي -رضي الله عنه-، إذ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً، اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري، وأعوذ بك من وسواس الصدر وشتات الأمر وفتنة القبر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل وشر ما يلج في النهار وشر ما تهب به الرياح ومن شر بوائق الدهر).
إن الدعاء هو باب واسع، ومن المستحب في هذا اليوم أن يخلص المسلم في دعائه لله تعالى، متضرعاً ومتوسلاً بين يديه، مثنياً عليه ومصلياً على نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ثم يتضرع بحاجاته الخاصة وأمنياته الإيمانية، بالإضافة إلى ما يعبر عن مشاعره من أدعية مشروعة أو أدعية مأثورة عن الرسول الكريم، ويتوجب عليه الدعاء لنفسه ولأحبائه وللأمة الإسلامية.
يستحبّ في يوم عرفة وأيام العشر من ذي الحجة أن يواظب المسلم على ذكر الله -عز وجل-، استجابةً لأمره حيث يقول: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ). وقد ثبت أنّ ابن عمر وأبا هريرة -رضي الله عنهما- كانا يخرجان إلى الأسواق في الأيام العشر يُكبران، وكان الناس يُكبِّرون بتكبيراتهما.
أحدث التعليقات