الشعر
يعتبر الشعر نوعاً من الكلام الذي يحمل معانيً موزونةً وقافيةً، ويهدف إلى التعبير عن أفكار معينة. يُعد الشعر ديوان العرب، حيث يسجل أحسابهم وأنسابهم وأحداثهم، ويحتوي على حكمتهم وبلاغتهم. يحمل الشعر كلماتٍ تحمل معانٍ لغويةً عميقة تؤثر في الإنسان عند قراءتها أو سماعها. أي نص لا يتضمن الوزن الشعري لا يعد شعراً، وفي هذا المقال، سنستعرض بعض الأشعار الدينية.
العز للإسلام
أحمد شوقي، أحد أبرز الشعراء والأدباء المصريين، وُلد في 16 أكتوبر 1868م في القاهرة القديمة، ودرس الترجمة حتى تخرجه في عام 1887م. ومن أشهر قصائده الدينية نذكر الأبيات التالية:
العز للإسلام
منارة الوجود
هداية الإمام
ومطلع السعود
عصابة الصديق
وراية الفاروق
والحق والوسيلة
والسمحة الظليلة
ومعقل الفضيلة
وغابة الأسود
الفُرس في لوائه
والهند في ضيائه
في الأرض صار كالعلم
بعزة تمحو الظلم
بين الكتاب والقلم
مظفّر الجنود
الشام من أسرّته
ومصر نور غرته
من هالة لهاله
يمزق الجهالة
ويهزم الضلالة
ويحطم القيود
علاقة القلوب
وعروة الشعوب
مشى هدى ورحمه
بينهم وذمه
فليس بين أمه
وأختها حدود
من أحس لي أهل القبور ومن رأى
وُلِد أبو العتاهية في عين التمر عام 747م، ثم انتقل إلى الكوفة وتوفي في بغداد، ويختلف المؤرخون حول سنة وفاته، حيث قيل 826 وغير ذلك. ومن قصائده الدينية نعرض الأبيات التالية:
مَن أَحَسَّ لي أَهْلَ القُبورِ وَمَن رَأَى
مَن أَحَسُّهُم لي بين أَطباقِ الثَّرَى
مَن أَحَسَّ لي مَن كُنتُ آلَفُهُ وَيَأ
لَفُني فَقَد أَنكَرتُ بُعْدَ المُلتَقَى
مَن أَحَسَّهُ لي إِذ يُعالِجُ غُصَّةً
مُتَشاغِلاً بِعِلاجِها عَمَّن دَعا
مَن أَحَسَّهُ لي فَوقَ ظَهرِ سَريرِهِ
يَمشي بِهِ نَفَرٌ إِلى بَيتِ البِلى
يا أَيُّها الحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ
أَفنَيتُ عُمرَكَ بِالتَعَلُّلِ وَالمُنى
أَمّا المَشيبُ فَقَد كَساكَ رِداؤُهُ
وَابتَزَّ عَن كَفَّيكَ أَثوابَ الصِّبا
وَلَقَد مَضى القَرنُ الَّذينَ عَهَدتَهُم
لِسَبيلِهِم وَلَتَلحَقَنَّ بِمَن مَضى
وَلَقَلَّ ما تَبقى فَكُن مُتَوَقَّعاً
وَلَقَلَّ ما يَصِفو سُرورُكَ إِن صَفا
وَهِيَ السَّبيلُ فَخُذ لِذَلِكَ عُدَّةً
فَكَأَنَّ يَومَكَ عَن قَريبٍ قَد أَتى
إِنَّ الغِنى لَهُوَ القُنوعُ بِعَينِهِ
ما أَبعَدَ الطِبعَ الحَريصَ مِنَ الغِنى
لا يَشغَلَنَّكَ لَو وَلَيتَ عَنِ الَّذي
أَصبَحتَ فيهِ وَلا لَعَلَّ وَلا عَسى
خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍ
فَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوى
عَلَمُ المَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمُريدِهِ
وَأَرى القُلوبَ عَنِ المَحَجَّةِ في عَمى
وَلَقَد عَجِبتُ لِهالِكٍ وَنجاتُهُ
مَوجودَةٌ وَلَقَد عَجِبتُ لِمَن نَجا
وَعَجِبتُ إِذ نَسي الحِمامَ وَلَيسَ مِن
دونِ الحِمامِ وَإِن تَأَخَّرَ مُنتَهَى
ساعاتُ لَيلِكَ وَالنَهارِ كِلَيهِما
رُسُلٌ إِلَيكَ وَهُنَّ يُسرِعنَ الخُطا
وَلَئِن نَجَوتَ فَإِنَّما هِيَ رَحمَةُ الـ
مَلِكِ الرَحيمِ وَإِن هَلَكتَ فَبِالجَزا
يا ساكِنَ الدُنيا أَمِنتَ زَوالَها
وَلَقَد تَرى الأَيّامَ دائِرَةَ الرَحى
وَلَكُم أَبادَ الدَهرُ مِن مُتَحَصِّنٍ
في رَأسِ أَرعَنَ شاهِقٍ صَعبِ الذُرى
أَينَ الأُلى بَنوا الحُصونَ وَجَنَّدوا
فيها الجُنودَ تَعَزُّزاً أَينَ الأُلى
أَينَ الحُماةُ الصابِرونَ حَمِيَّةً
يَومَ الهِياجِ لِحَرِّ مُجتَلَبِ القَنا
وَذَوُو المَنابِرِ وَالعَساكِرِ وَالدَسا
كِرِ وَالمَحاصِرِ وَالمَدائِنِ وَالقُرى
وَذَوُو المَواكِبِ وَالمَراكِبِ وَالكَتا
أَئبِ وَالنَجائِبِ وَالمَراتِبِ في العُلى
أَفناهُمُ مَلِكُ المُلوكِ فَأَصبَحوا
ما مِنهُمُ أَحَدٌ يُحَسُّ وَلا يُرى
وَهُوَ الخَفِيُّ الظاهِرُ المَلِكُ الَّذي
هُوَ لَم يَزَل مَلِكاً عَلى العَرشِ اِستَوى
وَهُوَ المُقَدِّرُ وَالمُدَبِّرُ خَلقَهُ
وَهُوَ الَّذي في المُلكِ لَيسَ لَهُ سِوى
وَهُوَ الَّذي يَقضي بِما هُوَ أَهلُهُ
فينا وَلا يُقضى عَلَيهِ إِذا قَضى
وَهُوَ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّداً
صَلّى الإِلَهُ عَلى النَبِيِّ المُصطَفى
وَهُوَ الَّذي أَنجى وَأَنقَذَنا بِهِ
بَعدَ الصَلالِ مِنَ الضَلالِ إِلى الهُدى
حَتّى مَتى لا تَرعَوي يا صاحِبي
حَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى
وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ وَفيهِما
عِبَرٌ تَمُرُّ وَفِكْرَةٌ لِأُلي النُهى
حَتّى مَتى تَبغي عِمارَةَ مَنزِلٍ
لا تَأمَنُ الرَوعاتِ فيهِ وَلا الأَذى
يا مَعشَرَ الأَمواتِ يا ضيفانَ تُر
بِالأَرضِ كَيفَ وَجَدتُمُ طَعمَ الثَرى
أَهلَ القُبورِ مَحا التُرابُ وُجوهَكُم
أَهلَ القُبورِ تَغَيَّرَت تِلكَ الحُلى
أَهلَ القُبورِ كَفى بِنَأيِ دِيارَكُم
إِنَّ الدِيارَ بِكُم لَشاحِطَةُ النَوى
أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم
مَن مَاتَ أَصبَحَ حَبلُهُ رَثَّ القِوى
كَم مِن أَخٍ لي قَد وَقَفتُ بِقَبرِهِ
فَدَعَوتُهُ لِلَّهِ دَرُّكَ مِن فَتى
أَأُخَيَّ لَم يَقِكَ المَنِيَّةَ إِذ أَتَت
ما كانَ أَطعَمَكَ الطَبيبُ وَما سَقى
أَأُخَيَّ لَم تُغنِ التَمائِمُ عَنكَ ما
قَد كُنتُ أَحذَرُهُ عَلَيكَ وَلا الرُقى
أَأُخَيَّ كَيفَ وَجَدتَ مَسَّ خُشونَةِ الـ
مَأوى وَكَيفَ وَجَدتَ ضيقَ المُتَّكا
قَد كُنتُ أَفرَقُ مِن فِراقِكَ سالِماً
فَأَجَلُّ مِنهُ فِراقُ دائِرَةِ الرَدى
فَاليَومَ حَقَّ لي التَوَهُّعُ إِذ جَرى
قَدَرُ الإِلَهِ عَلَيَّ فيكَ بِما جَرى
تَبكيكَ عَيني ثُمَّ قَلبي حَسرَةً
وَتَقَطُّعاً مِنهُ عَلَيكَ إِذا بَكى
وَإِذا ذَكَرتُكَ يا أُخَيَّ تَقَطَّعَت
كَبِدي فَأُقلِقتُ الجَوانِحُ وَالحَشا
القدس
نزار قباني، شاعر ودبلوماسي سوري معاصر وُلد في 21 مارس 1923، وتخرج من كلية الحقوق بجامعة دمشق عام 1945، ثم انضم إلى وزارة الخارجية السورية. ومن قصائده الدينية نستعرض ما يلي:
بكيت حتى انتهت الدموع
صليت حتى ذابت الشموع
ركعت حتى ملّني الركوع
سألت عن محمد فيكِ وعن يسوع
يا قُدسُ يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء
يا قدسُ يا منارةَ الشرائع
يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع
حزينةٌ عيناكِ يا مدينةَ البتول
يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول
حزينةٌ حجارةُ الشوارع
حزينةٌ مآذنُ الجوامع
يا قُدس يا جميلةً تلتفُّ بالسواد
من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة
صبيحةَ الآحاد
من يحملُ الألعابَ للأولاد
في ليلةِ الميلاد
يا قدسُ يا مدينةَ الأحزان
يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان
من يوقف الحجارة يا بلدي
من يوقفُ العدوان يا بلدي
عليكِ يا لؤلؤةَ الأديان
من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران
من ينقذُ الإنجيل
من ينقذُ القرآن
من ينقذُ المسيحَ ممن كَتبوا المسيح
من ينقذُ الإنسان
يا قدسُ يا مدينتي
يا قدسُ يا حبيبتي
غداً غداً سيزهر الليمون
وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون
وتضحكُ العيون
وترجعُ الحمائمُ المهاجرة
إلى السقوفِ الطاهره
ويرجعُ الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة
يا بلدي
يا بلد السلام والزيتون
عليك بعد الإله معتمدي
الشاعر أبو الحسين الجزار، من أبرز شعراء الصعاليك في العصر المملوكي، وُلِد في الفسطاط عام 601هـ / 1205م، وُلد وترعرع فيها وتوفي في 18 شوال 672هـ. وله العديد من القصائد، ومن بينها هذه القصيدة التي تُصنف كقصيدة دينية من نوع العمودية على بحر المنسرح:
عليك بعد الإله مُعتَمَدي
إذ أنت ما زلت آخِذاً بيدي
ملكتني إذ غدوت لي سَنَداً
فأنت يا سيدي إِذاً سندي
أنت على ضعف حالتي أبداً
أشفقُ من والد على والدِ
رفعتَ قدري بعد الخمول وقد
كنتُ كمثل الغريب في بلدي
نَوَّهتَ بي إذ غدا الصديقُ لما
يراه وهو العدو من حَسَدي
ومذ توصَّلت أو وَصلتُ إلى
بابك لم أفتقر إلى أحدٍ
مولاي يدعوك من له أملٌ
فيك جميلٌ وحُسنُ مُعتَقَدٍ
فلا تَكِلهُ إلى سواك ومن
سواكَ بعد المُهَيمنِ الصَّمَدِ
يا حاسما جَورَ ذا الزمان لقد
فَتَّ زماني بالجَور في عَضُدي
وجُوخَتي لو تُباعُ لم يَكُ لي
شيءٌ يُوارى من بعدها جَسَدي
تَزِيد جسمي بَرداً ولستُ كمن
يقولُ يا بَردَها على كَبِدي