أجمل العبارات في فن الغزل

أروع ما قيل في الغزل: فاروق جويدة

قصيدة “لو أستطيع” للشاعر فاروق جويدة:

لو أستطيع حبيبتي لنثرت شيئاً من عبيرك بين أنياب الزمان، فلعلّه يوماً يفيق ويمنح الناس الأمان. لو أستطيع حبيبتي لجعلت من عينيك صبحاً في غدير من حنان، ونسجت أفراح الحياة حديقةً لا يدرك الإنسان شطآنها. وجعلت أصنام الوجود معابد، ينساب شوق الناس إلى إيمانٍ به. لو أستطيع حبيبتي لنثرت بسمتك التي يوماً غفرت بها الخطايا والجراح، وجمعت كل الناس حول ضيائها ليُدركوا معنى الصباح. لو أستطيع حبيبتي لغرستُ من أغصان شعرك واحةً، وجعلت منها بيتاً تحجّ له الجموع، وجعلت ليل الأرض نبراً من شموع، ومحوت عن وجه المنى شبح الدموع. فغداً سنهزم في جوانحنا المخاوف والظنون، ونعود بالأمل الحنون. فالحلم رغم اليأس يسبح في العيون، وما زال يسبح في العيون. ما زلت أحلم يا رفيقة حزن أيامي وما زال الجنون، فالحلم في زمن الظلام مخاوف وضياع أيام وشيء من جنون، لكنني ما زلت رغم الخوف ورغم اليأس ورغم الحزن أعلم من نكون. هيا لنحلم بين أعشاب السكون، فغداً سنصبح للربيع حديقة، ويصيح صمت الأرض: فليحيا الجنون!

أروع ما قيل في الغزل: المتنبي

قصيدة “ما كنت ممن يدخل العشق قلبه” للمتنبي:

وما كنت ممن يدخل العشق قلبه، ولكن من يبصر جفونك يعشق. أغرّك منّي أن حبّك قاتلي، وأنّك مهما تأمري القلب يفعل. يهواك ما عشت القلب، فإن أمت يتبع صداي صداك في الأقبر. أنت النعيم لقلبي والعذاب له، فما أمرّك في قلبي وأحلاك. وما عجبي موت المحبّين في الهوى، ولكن بقاء العاشقين عجيب. لقد دبّ الهوى لك في فؤادي، دبّ دم الحياة إلى عروقي. خليلي فيما عشتما هل رأيتما قتيلاً بكى من حبّ قاتله قبلي؟ لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم، ولا رضيت سواكم في الهوى بدلاً. فليت هذا الحبّ يعشق مرّةً، فيعلم ما يلقى المحبّ من الهجر. عيناك نازلتا القلوب فكلّها، إما جريح أو مصاب المقتل. وأنا لأهوى النوم في غير حينه، لعلّ لقاءً في المنام يكون. ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشق، ولكنّ عزيز العاشقين ذليل. نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى، ما الحبّ إلا للحبيب الأوّل. إذا شئت أن تلقى المحاسن كلّها، ففي وجه من تهوى جميع المحاسن. لا تحارب بناظريك فؤادي، فضعيفان يغلبان قويّاً. إذا ما رأت عيني جمالك مقبلاً، وحقّك يا روحي سكرت بلا شرب. كتب الدّمع بخدّي عهده للهوى والشوق يملي ما كتب.

أحبّك حبّين: حبّ الهوى، وحبّاً لأنّك أهل لذاك. رأيت بها بدراً على الأرض ماشياً، ولم أر بدراً قطّ يمشي على الأرض. قالوا الفراق غداً لا شكّ، قلت لهم بل موت نفسي من قبل الفراق غداً. قفي ودعينا قبل وشك التفرّق، فما أنا من يحيا إلى حين نلتقي. قبلتها ورشفت خمرة ريقها، فوجدت نار صبابة في كوثر. ضممتك حتى قلت ناري قد انطفت، فلم تطف نيراني وزيد وقودها. لأخرجن من الدنيا وحبكم بين الجوانح لم يشعر به أحد. تتبع الهوى روحي في مسالكه حتى جرى الحب مجرى الروح في الجسد. أحبك حباً لو يفض يسيره على، الخلق مات الخلق من شدة الحب.

أروع ما قيل في الغزل: حسين أحمد النجمي

قصيدة “عذبة النجوى” للشاعر حسين أحمد النجمي:

أسافر في عينيك أبحث عن مأوى، أيا رحبة الأحداق يا عذبة النجوى. نسيت على أهدابك السود عالمي، وحلّقت مشتاقاً مع الأنجم النشوى. أبحرية العينين وردية الشذى، تحرضني أمواج عينيك أن أهوى. أذوب على ترنيمة الشوق فيهما، وأبحر في أحداق ليلهما الأحوى. حنانهما يحدو قوافل أدمعي، ويهدي لي الأشعار والمنّ والسلوى. بها جزر الأحلام موال عاشق، يرددها لحناً ويسمو بها شدوا. كغابات نخل شامخات إلى العلى، تعلمنا قاماتها الفخر والزهوا. يلوح لنا من خلفها روض حالم، به ذكريات اليأس عن خاطري تطوى. ألملم أشواقي إليك قصيدةً، بها قصة العشاق من بعدنا تروى. سألت الليالي عنك يا نجمة الرؤى، وأخبرتها أني على البعد لا أقوى. أنا الشاعر (النجمي) ينتابني الأسى، فأعزف أشعاري وأسمو عن الشكوى. ملئت دواوين الشذا من تألقي، سقيت المدى شعراً وما استطعت أن أروى. ينام الذي تخلو من الهمّ روحه، ومن أدمن الأشواق صلب على البلوى. هبي الشاعر المجروح حبك وارسمى، على مقلتيه السعد يا عذبة النجوى.

أروع ما قيل في الغزل: نزار قباني

قصيدة “مخطّط لاختطاف امرأة أحبها” للشاعر نزار قباني:

فكلّ السنوات تبدأ بك وتنتهي بك. سأكون مضحكاً لو فعلت ذلك لأنك تسكنين الزمن كله وتسيطرين على مداخل الوقت. إن ولائي لك لم يتغيّر، كنت سلطانتي في العام الذي مضى وستبقين سلطانتي في العام الذي سيأتي. ولا أفكر في إقصائك عن السلطة، فأنا مقتنع بعدالة اللون الأسود في عينيك الواسعتين، وبطريقتك البدويّة في ممارسة الحب. لا أجد ضرورةً للصراخ بنبرة مسرحيّة، فالمسمّى لا يحتاج إلى تسمية، والمؤكّد لا يحتاج إلى تأكيد. إنني لا أؤمن بجدوى الفنّ الاستعراضي، ولا يعنيني أن أجعل قصتنا مادة للعلاقات العامة. سأكون غبياً لو وقفت فوق حجر أو فوق غيم وخشفت جميع أوراقي، فهذا لا يضيف إلى عينيك بعداً ثالثاً، ولا يضيف إلى جنوني دليلاً جديداً. إنني أفضّل أن أستبقيك في جسدي طفلاً مستحيل الولادة وطعنةً سريّة لا يشعر بها أحد غيري. لا تبحثي عنّي ليلة رأس السنة، فلن أكون معك، ولن أكون في أيّ مكان. إنني لا أشعر بالرغبة في الموت مشنوقاً في أحد مطاعم الدرجة الأولى، حيث الحبّ.. طبق من الحساء البارد لا يقربه أحد، وحيث الأغبياء يوصون على ابتساماتهم قبل شهرين من تاريخ التسليم. لا تنتظريني في القاعات التي تنتحر بموسيقى الجاز، فليس باستطاعتي الدخول في هذا الفرح الكيميائي، حيث النبيذ هو الحاكم بأمره، والطبل.. هو سيد المتكلمين. فلقد شفيت من الحماقات التي كانت تنتابني كلّ عام، وأعلنت لكلّ السيدات المتحفزات للرقص معي، أن جسدي لم يعد معروضاً للإيجار، وأن فمي ليس جمعية توزع على الجميلات أكياس الغزل المصطنعة والمجاملات الفارغة. إنني لم أعد قادراً على ممارسة الكذب الأبيض، وتقديم المزيد من التنازلات اللغوية والعاطفية. إقبلي اعتذاري يا سيدتي، فهذه ليلة تأميم العواطف، وأنا أرفض تأميم حبي لك، أرفض أن أترك أسراري الصغيرة لأجعلك ملصقاً على حائط. فهذه ليلة الوجوه المتشابهة والتفاهات المتشابهة، ولا تشبهين إلا الشعر. لن أكون معك هذه الليلة، ولن أكون في أي مكان. فقد اشتريت مراكب ذات أشرعة بنفسجية، وقطارات لا تتوقّف إلاّ في محطة عينيك، وطائرات من الورق تطير بقوة الحب وحده، واشتريت ورقاً وأقلاماً ملونة، وقررت أن أسهر مع طفولتي.

أروع ما قيل في الغزل: إبراهيم الحضرمي

قصيدة “أللبدر جعد أم على البدر مطرف” للشاعر إبراهيم الحضرمي:

أللبدر جعد أم على البدر مطرف، أم الكواكب الدري خال مقرطف. أأم بدر سلمى لاح من نحو قصرها، فها هو ذا البين المصارع مشرف. تساقط عنها فاستنار جبينها، خمار على المتنين منها ومطرف. فما أن تلألأ خد سلمى وجيدها، ولباتها إلا بروق تخطف. كأن التهاب الجمر إبراق حليها، إذا جعدها عن حليها يتكشف. كأن ثناياها إذا ما لثامها، تزايل ياقوت نقي مصفف. كأن التفات الظبي يحكي التفاتها، إذا التفتت والجعد منها مغلف. ولكنها أحيان تنشر فرعها، على درعها تسبي العقول وتشغف. هي الطفلة العذر التي حين أعرضت، وأشرق كعباها الغزال المهفهف. هي الريمة الوحشية العبهر التي، تكنفها القصر المنيف المزخرف. زبيبة قصر لم تنلها أعاصر، ولا الشمس إن الشمس بالوهج تكسف. ولا سرحت سرح الرعاء فأرعدت، فرائصها الأمطار والرعد يقصف. ولا زعزعتها العيس حلا ورحلة، ولا أرقت خوفاً للهفان تهتف. مكننة عن أن تر غير أنها، بحسن الحيا والدل والدين توصف. قصور بطرفي طرفها غير مقصر، لها وهي من محرابها تتشرف. فصدت حياء ثم خرت وحليها، يرن رنيناً والملا يترفرف.

أروع ما قيل في الغزل: ابن هانئ الأصغر

قصيدة “سدلت غدائر شعرها أسماء” للشاعر ابن هانئ الأصغر:

سَدَلَتْ غدائرَ شعرِها أَسماءُ، وَسَرَتْ فما شَعَرَتْ بها الرُّقَبَاءُ. والليلُ تحت سَنَا الصباحِ كأَسودٍ، وَضَحَتْ عليه عِمَامةٌ بيضاء. زارتْ نُعَاماها وزارَ خيالها، فتيمَّمَتْ بكليهما تَيْماءُ. ومشتْ تميس يجرُّفضلَ ذيولها، دِعْصٌ يميلُ وبانةٌ غَنَّاء. هُنَّ المها يحوي كناسُ قلوبنا، منهن ما لا تحتوي السِّيراءُ. يُوحِشْنَ أفئدةً وهنَّ أَوانِسٌ، ويرُعْنَ آساداً وهنّ ظباء. وتحولُ دون قبابها هنديةٌ، بيضاءُ أو يَزَنِيَّةٌ سمراء. لأُمَزِّقَنَّ حشا الدُّجُنَّةِ نحوها، والليلُ قد دَهِمَتْ به الدهْناءُ. في متن زنجيِّ الأَديمِ كأنما، صَبَغْتهُ مما خاضَها الظلماء. وكأن محمرَّ البروقِ صوارمٌ، سُفِحَتْ على صفحاتِهِنّ دماء. أَو يَثْنِيَنِّي لا أَزورُ خيامَها، ولأَسعدَ القاضي الأشمِّ مضاء. قاضٍ له دِينٌ وصدقُ شهادةٍ، ذو الجاه فيها والضعيفُ سواءُ. وعدالة حُفِظَتْ بعقلٍ راسخٍ، لا تستميلُ جنابَهُ الأَهواء.

أروع ما قيل في الغزل: أبو النجم العجلي

قصيدة “نظرت فأعجبها الذي في درعها” للشاعر أبو النجم العجلي:

نَظَرَت فَأعجبها الَّذي في دِرعِها، مِن حُسنِهِ وَنَظَرتُ في سِربالِيا. فَرَأَت لَها كَفلاً يَنوءُ بِخَصرِها، وَعثاً رَوادِفُهُ وَاِخثَمَ ناتِيا. ضَيفاً يَعُضُّ بِكُلِّ عَردٍ نالَهُ، كَالقَعبِ أَو صَرحٍ يُرى مُتَجافِيا. وَرَأَيتُ مِنتَشِرَ العِجانِ مُقَبَّضاً، رِخواً حَمائِلُهُ وَجِلداً بالِيا. أُدني لَهُ الرَكبَ الحَليقَ كَأَنَّما، أُدني إِلَيهِ عَقارِباً وأَفاعِيا. إِنَّ النَدامَةَ وَالسَدامَةَ فَاِعلَمَنْ، لَو قَد صَبَرتُك لِلمَوايس خالِيا.