مديح المفضل: تأملات شعرية
يا للمفضل، تغمرني مدائحه الجديدة.
لقد خلعتُ عني ثوبَ المظهر الأنيق،
وما ازددتُ دهشةً بأثواب الصبَا الغضة.
فكيف لي أن أفتخر بزي من زهور الصبا،
لكَ يا الله، درك من مهري الذي جرى رحيلُه.
عتيقُ المجالس قد خاب أمل الأحرار،
لقد بعَثْناك لتبحث عن القول من قرب،
فأتيتَ بالنجم مشدودًا من الأفق.
وقد تأملتُ فيكَ الفهم وهو في حرارة.
من كل جانبٍ كالنار تصاعدت في السهول،
أيْقنتُ أن حبال الشمس ستصل إليّ،
عندما رأيتُ خيط المشرق اللامع.
هذا شعرٌ عن الملوك محتجب،
فلا تُظهره بكثرة ضجيج الأسواق،
كأنه يُظهر منظرًا عجيبًا في الربيع.
ومع أنه صار مكشوفًا على الطرق،
أمامه كم من رياضٍ حزين، حيث لا يُرعى فيها،
أسد الشراء وهي مرعى الجانحة.
فأطلب مفاتيح باب الرزق من ملك،
قد منحك مفتاح مملكة نادرة.
لفظٌ كأن حلاوة السكر تُسكنه،
فمن احتفظ بشيءٍ منه لم يَفِقِ.
صَبَّحتني منه كاساتٍ غنيت بها،
حتى دخلت المنية بين ولا ومُغتبق.
شعرٌ يبعث الحماسة لدى من يسمعه.
فهو العلاج لمرض الجبن والقلق،
عندما يتناغم الشادي مع يراعه،
يسير نحو الموت بلا خوف أو تردد.
وإن تجسد تحُد الصخور،
قد أكرمت عليه بعذوبة غير مفرطة.
فاقتبس النظم ترتيبًا كالزينة على
شخصٍ بهي بلا طيش أو تهور.
الحجل للرجل والتاج العالي لما
فوق الحجاج وعقد اللؤلؤ للعنق.
ونهض إلى أرض قومٍ صائب جوهم،
كنهر الفضة في يوم غزير المطر.
غيابهم إلى الوصول ناصر ومربوطة،
بل أترك أناسًا إذا جادوا على رجلٍ،
موحدين بعين المظلوم الغاضب.
كأن الطيور فيما بينم انضموا ممنوعين.
ما الصيف يكسوهم أشجاراً من الورق،
لا ترضى حتى تراك يسراك واطئةً.
على ركائب من الحصان كالشفق،
أمامك الخيل، الكاشفة بأجِلّتِها،
من افخر الأقمشة أو من النسيج الفاخر.
كأنما الآل يجري في مراكيها،
وسط النهار وإن أسرجن في الغسق.
كأنها في نضارة ذائبة سبحت،
واستُنقذت بعد أن شرفت على الغرق.
ثقلٌ في النهضة مما حُلي بالماء،
فليس لك إلا المشي والعنق.
تسمو بما قلدته من أعتنِتِها،
منيفة كصائدة ترتفع،
وخُلّة الضرب لا تبقي له ذيلاً.
وحلة الحرب ذات السرد والحلق.
لا تنسَ لي نفحاتي وانسَ لي زللي،
ولا يضرك خلقي واتبع خلاقي،
فرُبما ضار خِلٌّ نافعٌ دائم.
كالرقة حين تحدث عارض العطر،
وعطفة من صديق لا تدوم بها،
كعطفة الليل بين الصبح والفلق.
فإن توافق في معنىً بَنُو زمنٍ،
فإن جلّ المعاني غير مُتفق.
قد يبعد الشيء من شيء يُشابه.
إن السماء هي نظير الماء في الزرَق.
يا راعي الود ورثاء قائل الأفعال
يا راعي الود الذي تُغني أفعاله،
بدونه لا تجد صفة تعبر عما بداخلك.
لو كنت حياً ما كنت لأقطعك، فاستخدم اعتذاري،
إليك لخُلّةٍ بأكملها.
فالأرض تعلم أنني مُتصرّفٌ،
من فوقها وكأني من تحتها.
غدر بيَ الدهر وكل مصاحب لك،
كالصبر مع الغدر الممزوج.
شُغف بوامق قلبي الحريص، وقد أظهرتْ
مقتي لِما أظهرته من مُقتها.
لا بد للحسناء من ذامٍ ولا،
ذام لنفسي غير سوء حظي.
ولقد كنتُ معكَ في هزائمي مُشاركًا،
وحللتُ في وادي الهموم وخفتِها.
كرهتُ بعد الثلاثة تحملًا،
طرق العزاء على تغيير عاداتهم.
وعليّ أن أقضي صلاتي بعدما،
فاتتني إذا لم أتيها في وقتها.
إن الصروف كما علمتَ صوامتٌ،
عنا وكل عبارة في صمتها!
متفكرٌ للدهر إن تستفتحه،
نفس ليس لها عذر في جُرمها.
وتكون كالأوراق الظاهرة على الفتى،
ومصابٌ كريح تهب لحطامها.
جازاكَ ربك بالجنات، فهذه
دار وإن حسنت تغرّ بسحتها.
ضل الذي قال البلاد قديمة،
بالطبع كانت والأنام نبتت بها.
وأمامنا يوم تقام فيه هجودهم،
بعد العذاب الشديد والشقاء.
لا بد للزمن المسئ بنا إذا
قويت حبال أخوةٍ من بتّها.
فاللّه يرحم من مضى مُتفضلًا،
ويقيك من جزل الخطوب وشدّتها.
ويُطيل عمرك للصديق فطوله،
سببٌ إلى غيظ الأعداء وكبتها.
الآن الأمر أسهل مما تتوقع
الأمرُ أيسرُ مما أنتَ مضمِّرُهُ،
فاطرح ما يؤذيك ويسر كلّ ما صعُب.
ولا يُسرّك إن بلّغته أملٌ،
ولا يهمّك صوت غريبٍ إذا نعب.
إن جد عالمك المادي في نبأٍ،
يغشاهُم فتصور جدهم لعباً.
ما الرأي عندك في ملكٍ تدين لهُ،
مصرٌ أيختار دون الراحة التعب؟
لن تستقيم أمور الناس في عصر،
ولا استقامت فذا أمنًا وذا رعبا.
ولا يقوم على حقٍ بنو زمن،
من عهد آدمَ كانوا في الهوى شُعَبًا.