على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
تتجلى العزائم على قدر أصحاب العزيمة،
وكذلك المكارم تأتي في متناول الكرام.
تبدو الأمور صغيرة في عيون الصغار،
أما أمام العظماء، فتبدو الأمور العظيمة صغيرة.
يتحمل سيف الدولة ما لا تستطيع الجيوش القوية تحمله،
في الوقت الذي تعجز فيه الجيوش المجرّبة.
يطلب عند الآخرين ما يجده في نفسه،
وهو أمر لا تدعيه الوحوش المفترسة.
وقفتَ، وما في الموت من شكٍّ للواقف،
كأنك في جفن الموت وهو نائم.
تمر بك الأبطال في هزيمة،
بينما وجهك مشرق وثغرك مبتسم.
تجاوزت مقدار الشجاعة والحكمة،
إلى قول قوم إنك لغيب عالِمٌ.
ضمت جناحيهم على القلب ضمةً،
تموت القوافي تحتها، والقوائم.
لكل امرىءٍ من دهره ما تعوّدا
لكل إنسان من زمانه ما اعتاد عليه،
تعوّد سيف الدولة الطعن في الأعداء.
وإن حدثت إشاعات ضده، فإنها لن تنال منه،
ويسعد بمآسي أعدائه ويتمنى لهم ما يخطط لهم.
كثيراً ما يتسبب في أذى نفسه.
وهدى الجيش إليك، في حين لم يكن قد اهتدى،
ومستكبر لم يعرف الله؛ وأخذاً بسيفه، شهد.
إنه البحر، فاغمر فيه إذا كان هادئًا،
احذره إذا كان متلاطماً.
لقد رأيت البحر يُعيق الفتى،
وها هو يأتي بصدره ملتهبًا.
تظل ملوك الأرض خاشعة له،
تتركه هالكًا وتلقاه ساجدًا.
عيدٌ بأيّ حالٍ عدت يا عيدُ
عيدٌ بأي حال عدت يا عيد،
بما مضى أم بأمرٍ يجدد فيك؟
أما الأحبة، فالصحارى تفصل بينهم،
فليت بينك وبينهم مسافة.
لم يترك الزمن من قلبي أو كبدي،
شيئاً تُحبّه عينٌ أو جديل.
يا ساقيّ، هل هو خمرٌ في كؤوسكما،
أم في كؤوسكما همومٌ وإرهاقٌ؟
أصخةٌ أنا؟ لماذا لا تحرّكُني،
هذه المدام وهذه الأغاريد؟
لقد نزلت في ضيافة الأوغاد،
حيث القرى والرحيل محدود.
جود الرجال من الأيدي وجودهم،
من ألسنتهم، فلا كانوا ولا الجود.
ما يقبض الموت نفساً إلا ويد في يده رائحة وتقيا،
كلما اغتال العبد سيده،
أو خان له في مصر تمهيد.
صار الخصي إمام الهاربين بها،
فالحر مستعبد والعبد معبود.
العبد ليس أخاً لحُرٍّ صالح،
ولو أنه وُلِدَ في ثياب الحر،
لا تشترِ العبد إلا ومعه العصا،
إن العبيد لأنجاسٌ مَناكيد.
ما كنت أظنني سأعيش إلى زمن،
يسيء فيه إليّ عبدٌ وهو محمود.
ولا توهّمت أن الناس قد فقدوا،
وأن مثل أبي البيضاء موجود.
لا خيل عندك تهديها
لا خيل عندك تهديها ولا مال،
فلنسعد بالنطق، إن لم تسعد الحال.
اجزي الأميرَ الذي مُنِحَتْهُ نعمة مفاجئة،
دون قول، وفعل الناس أقوال.
لهوى النفوس سريرة لا تعلم
والهم يخترم الجسم نحافة،
ويشيب ناصية الصبي ويهرم.
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله،
وأخو الجهالة في الشقاء ينعّم.
ومن العداوة ما ينالك نفعه،
ومن الصداقة ما يضرّ ويؤلم.
ملومكما يجل عن الملام
ومن يجد الطريق للمجد،
فلا يترك المطي بلا سنام.
ولم أرى في عيوب الناس شيئاً،
كَنقص القادرين على التمام.
أقمت بأرض مصر، فلا ورائي،
تخب بي الركاب، ولا أمامي.
وملّني الفراش، وكان جنبي،
يملّ لقاءه في كل عام.
قليل عائدي، سقيم فؤادي،
كثير حاسدي، صعب مرامي.
عليل الجسم، ممتنع القيام،
شديد السكر من غير المدّام.
وزائرتي كأن بها حياء،
فليس تزور إلا في الظلام.
بذلت لها المطارف والحشايا،
فاعتذرت، وباتت في عظامي.
يضيق الجلد عن نفسي وعنه،
فتوسعُه بأنواع السقام.
إذا ما فارقتني، غسلتني،
كأنا عاكفان على حرام.
كأن الصبح يطردها فتجري،
مدامعها بأربعة سجيم.
أراقب وقتها من غير شوق،
مراقبة المشوق المستهام.
ويصدق وعدها، والصدق شر،
إذا ألقاك في الكُرَب العظام.
أبنت الدهر عندي كل بنت،
فكيف وصلتِ أنت من الزحام؟
جرحتِ مجرّحاً لم يبق فيه،
مكانٌ للسيوف ولا للسهام.
وفارقت الحبيب بلا وداع،
ووَدّعت البلاد بلا سلام.
يقول لي الطبيب: أكلت شيئاً،
وداؤك في شرابك والطعام.
وما في طبّه أنّي جواد،
أضر بجسمي طول الجَمَام.
تعوّد أن يغبر في السرایا،
ويدخل من قتامٍ فيقتم.