مصر
تُعَدُّ مصر منبعاً للفن والحضارة منذ العصور القديمة، حيث تملك ثروة طبيعية تتمثل في نهر النيل الذي ساهم في جذب السكان للاستقرار على ضفتيه. إنّ خصوبة الأراضي المحيطة بالنيل شجعت على الزراعة والنمو الاقتصادي. ويعتبر المعلمون التاريخيون، مثل أهرامات الجيزة وتمثال أبو الهول، جزءاً لا يتجزأ من التراث المصري. كما أن لمصر شعراء عظام مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، الذين تركوا بصمة واضحة في الأدب العربي بإبداعاتهم الشعرية المتنوعة.
أجمل شعر في حب مصر
قصيدة “بني مصر”
كتب الشاعر أحمد شوقي العديد من القصائد التي تعبر عن حبه لمصر، ومن أهمها:
بني مصرٍ مكانكمو تُهيَّا
فَهَيَّا مَهدُوا للمُلكِ هيَّا
خذوا شمسَ له حليَّا
ألم تَكُ تاجَ أَوّلِكم مَلِيَاً؟!
على الأخلاقِ الملكَ وابنوا
فليسَ وراءَها للعِزِّ رُكن
أليس لكم بوادي النِّيل عدنٌ
وكوثرها الذي يجري شهيّاً؟!
لنا وطنٌ بأَنفسِنا نَقيه
وبالدُّنيا العريضة ِ نَفتديه
إذا ما سيلتِ الأرواحُ فيه
بذلناها كأنْ لم نعطِ شيَّاً
لنا الهرَمُ الذي صحِبَ الزمانا
ومن حَدَثانِه أَخذ الأَمانا
ونحنُ بنو السَّنا العلي، نمانا
أَوائلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُّقِيا
تطاولَ عهدهمْ عزا وفخراً
فلما آل للتاريخ ذُخْراً
نشأنا نشأة ً في الجدِ أخرى
جَعَلنا الحقَّ مَظْهرَها العَلِيّا
جعلنا مِصْرَ مِلَّة َ ذي الجَلالِ
وألفنا الصليبَ على الهلالِ
وأقبلنا كصفٍّ من عوالِ
يشدُّ السَّمْهَرِيُّ السَّمْهَرِيّا
نرومُ لمصرَ عزًّا لا يرامُ
يرفُّ على جوانبه السَّلامُ
وينعَمُ فيه جيِرانٌ كِرامُ
فلن تجدَ النَّزيلَ بنا شقيَّا
نقومُ على البناية ِ محسنينا
ونعهَدُ بالتَّمامِ إلى بنينا
إليْكِ نَموتُ ـ مِصْرُ ـ كما حَيينا
ويبقى وجهكِ المفديُّ حيَّاً
قصيدة في حب مصر
يا مصر، حبكِ في الفؤادِ كبيرٌ
وله أريجٌ طيبٌ وعبيرُ
هو دوحةٌ أغضانُها كعروقِنا
يمتدُّ فينا عطرُها المسحورُ
هو ذلكَ الجبل الأشمُّ كمجدنا
رغمَ الزوابع راسخٌ ووقورُ
هو شمسُنا الخضراءُ من أنوارها
لا يستقرُّ بأرضنا دَيجورُ
يا مصرُ، يا أرض السماحةِ والندى
يا واحةً يسعى لها المقهورُ
في وجهها للزائرينَ بشاشةٌ
ورحابةٌ ومودةٌ وسرورُ
في حضنِها دفءُ الأمانِ لخائفٍ
بالحقِّ يُجبرُ عندها المكسورُ
في عُسْرها جادَت وكمْ ذي عُسرةٍ
بلغَ الذُّرا وتقهقرَ الميسورُ
يا مصرُ، كم أدمى فؤادكِ حاسدٌ
أو جاهلٌ متعاقلٌ موتورُ
ولكم عفوتِ تكرمًا عن شاردٍ
فأتى إليكِ وذنبه مغفورُ
يا مصرُ، يا مهدَ الحضارةِ والهدى
وترابُ أرضكِ مؤمنٌ وطهورُ
كم شدتِ في دنيا العلومِ منارةً
يكفيكِ هذا الأزهرُ المعمورُ
فيك المآذنُ والقباب شموخُها
يبقى وسعيُ المارقينَ يبورُ
يجتثُّ ما غرسوا ويذبلُ ذكرهم
ويخوض فيهم ماردٌ مأجورُ
يا مصر، يا أرضَ المروءةِ والنُّهى
مهما علا واستكبرَ المغرورُ
من فيض نيلك أينعتْ عَبر المدى
رغمَ الأنوف براعمٌ وزهورُ
يا مصر، لسنا الأدعياءَ، وحبُّنا
فيه التُّقى، وعطاؤنا موفورُ
يا مصر، نحن الأوفياءُ ودربُنا
دربُ الهداةِ، وسِفرنا منشورُ
الصدقُ شيمتهُ وسرُّ بقائهِ
ويشعُّ من ألقِ الحروف النورُ
قصيدة “لا كنا نعرف ألف”
نالت مصر نصيباً وافراً من الشعر العامي، حيث عبرت كلماته بشكل بسيط ومعانيها العميقة، ومن هذه الأشعار ما يأتي:
لا كنا نعرف (ألف)، ولا كنا نعرف (با)
ولا شوفنا عمرنا نور
غير لما قمرك جه
وفضلت رمز الأمان
والناس ما لاقياش وطن
وزرعتي قمح وغيطان
وغلبتي كل المحن
أقف انتباه يا زمان!
مصر الأبية آه!
ولا كنا نعرف (ألف)، ولا كنا نعرف (با)
والدفة لو مالت
نعدلها بكتافنا
اسمك في حناجرنا وأغانينا وهتافنا
مصر اللي نقشت حجر
وعلمتنا العد
مصر اللي جيشها عبر
مصر اللي بنت السد
لا تعبنا يوم م السفر
ولا كَلّ مجدافنا
والدفة لو مالت نعدلها بكتافنا.
مقتطفات شعرية
إن تسألي عن مصر حواء القرى
إن تسألي عن مصر حواءِ القرى
وقرارةِ التاريخِ والآثارِ
فالصُّبحُ في منفٍ وثيبة واضحٌ
مَنْ ذا يُلاقي الصُّبحَ بالإنكار؟
بالهَيْلِ مِن مَنْفٍ ومن أَرباضِها
مَجْدُوعُ أَنفٍ في الرّمالِ كُفارِي
خَلَتِ الدُّهُورُ وما التَقَتْ أَجفانُه
وأتتْ عليه كليلةٍ ونهار
ما فَلَّ ساعِدَه الزمانُ، ولم يَنَلْ
منه اختلافُ جَوارِفٍ وذَوار
كالدَّهرِ لو ملكَ القيامَ لفتكةٍ
أَو كان غيرَ مُقَلَّمِ الأَظفار
وثلاثةٍ شبَّ الزمانُ حيالها
شُمٍّ على مَرّ الزَّمانِ، كِبار
قامت على النيلِ العَهِيدِ عَهِيدةً
تكسوه ثوبَ الفخرِ وهيَ عوار
من كلِّ مركوزٍ كرَضْوَى في الثَّرَى
متطاولٍ في الجوَّ كالإعصار
الجنُّ في جنباتها مطروةٌ
ببدائع البنَّائي والحفَّار
والأَرضُ أضْيَعُ حِيلةً في نَزْعِها
من حيلةِ المصلوبِ في المسمار
تلكَ القبورُ أضنَّ من غيب بما
أَخفَتْ منَ الأَعلاق والأَذخار
قصيدة في الحنين إلى مصر
كتب الشاعر محمد سامي البارودي، المعروف بلقب شاعر السيف والوطن، قصيدة تعبر عن حنينه لمصر حينما أوقده الشوق فقال:
سمعتُ صوتك منساباً إلى أُذني
حتى أهاج بصدرى كامن الشجن
حفظت حبك رغم البعد يا أملي
وصنت ذكرك فى سري و فى علني
أقول للنفس أن تأسى ببعدكم
فما استجابت إلى قول و لا فطن
زرعت للشوق يكوينى بحرقته
ويصطلي النفس فى هم و في حزن
نفيتُ عنك مع الأحلام تأخذني
إليك رغم بعيد الأرض أبعدني
و كنت توأم روحى لا أفارقه
إلّا أفارق من قلب ومن بدن
و أنت تبقين بالخرطوم نائية
وتوأم الروح مشتاق إلى الوطن
أحب صوتك مهما كان ذكّرني
وعادني طيفك الغالي فأسعدني
رددتِ ذاكرتي لمّا يغيّرها
بُعْدُ المكان ولابُعْدٌٌ عن الوسن
قتيل حبك لا دنيا تبدّله
ولا الظروف ولا سيلٌ من المحن
إذا قسوتُ فما بالصدر عادته
وكم يذيب فؤادي شوق مُرتََهَن
تطير روحى إلى دنياك شاردة
وأكتوي بلهيب القيد والعُن
فهل ديار أبى يا هند تذكرني
وهل تراب ذرا إذ غبتُ أنكرني
كم للتراب بأرض النيل معذرتي
وللفيافي وللأرياف والمدن
إذا نأينا فقد كانت لنا قدراً
رحلاتنا وجريض العيش والسكن
مأساتنا أننا نحيا هوامشها
دنيا تداعبنا بالهم والاحزان