ما هي الأحاديث الصحيحة حول فتن آخر الزمان، وكيف يمكن التفريق بين الأحاديث الصحيحة، سواء من ناحية المصدر أو السند، وبين الأحاديث غير الصحيحة؟ السنة النبوية الشريفة تركت لنا إرثاً غنياً لا يُنسى من الأحاديث التي تناولت مختلف جوانب الحياة وقضاياها، مما يجعل من الضروري التمييز بين الأحاديث الصحيحة وتلك التي لا تستند إلى أدلة موثوقة، خاصة في موضوعات حساسة كعلامات الساعة أو ما يُعرف بآخر الزمان.
أحاديث تذم أحوال الناس في آخر الزمان
يواجه الكثيرون صعوبة في معرفة صحة بعض الأحاديث النبوية المتعلقة بآخر الزمان، لذا سنستعرض في ما يلي مجموعة من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بهذا الموضوع:
- تحدثت العديد من الأحاديث عن الفتن القادمة في آخر الزمان. على سبيل المثال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «لَيأتِيَنَّ على الناسِ زَمانٌ قلوبُهم قلوبُ الأعاجمِ، حُبُّ الدُّنيا وسُنَّتُهم سُنَّةُ الأعرابِ، ما أتاهم من رزقٍ جعلوه في الحيوانِ، يَرَوْن الجهادَ ضَررًا، والزكاةَ مَغْرمًا.»
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «يَكونُ في هذه الأُمَّةِ في آخِرِ الزَّمانِ رجالٌ -أو قال: يَخرُجُ رجالٌ مِن هذه الأُمَّةِ في آخِرِ الزَّمانِ- معهم أسْياطٌ كأنَّها أذنابُ البَقرِ، يَغدونَ في سَخَطِ اللهِ، ويَروحونَ في غَضَبِه.»
- وورد عنه أيضًا:
- «يأتي على الناسِ زمانٌ ما يُبَالِي الرجلُ من أين أصاب المالَ، مِن حلالٍ أو حرامٍ.»
- كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «أنَّ بينَ يَدَيِ الساعَةِ تسليمُ الخاصّةِ، وفَشْوُ التجارَةِ، حينَ تُعِينُ المرأةُ زوجَها على التجارةِ، وقطعُ الأرحامِ، وشهادةُ الزورِ، وكتمانُ شهادةِ الحقِّ، وظهورُ العلْمِ، وفي روايةٍ قال: إِنَّ مِنْ أشراطِ الساعَةِ أنْ يُسَلِّمَ الرجُلُ لَا يُسَلِّمُ إلَّا للمعرفةِ.»
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بقَبْرِ الرَّجُلِ فيَقولُ: يا لَيْتَنِي مَكانَهُ.»
- وأضاف:
- «لا تقومُ الساعةُ حتى يخرجَ رجلٌ من قحطانَ يسوقُ الناسَ بعصاهُ.»
- وأحد الأحاديث المهمة في هذا السياق يتعلق بموعد قيام الساعة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.»
أحاديث عن مصر في آخر الزمان
توجد بعض الأحاديث التي تشير إلى مدن معينة خلال آخر الزمان، مما يُظهر معنى خاصاً. وفيما يلي بعض الأحاديث التي تناولت مصر في هذا السياق:
- حديث عن أبي ذر رضي الله عنه:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سيكونُ بمصرَ رجلٌ من بني أميةَ أخنسُ يلي سلطانًا ثم يغلبُ عليه أو ينتزعُ منه فيفرُّ إلى الرومِ فيأتي بهم إلى الإسكندريةِ فيقاتلُ أهلَ الإسلامِ بها فذلك أولُ الملاحمِ.»
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «إنَّكم سَتفتَحونَ أرضًا يُذكَرُ فيها القِيراطُ، فاستَوصوا بأهلِها خيرًا؛ فإنَّ لهم ذِمَّةً ورَحِمًا، فإنْ رَأيتُم رَجُلين يَقتَتلانِ في مَوضعِ لَبِنةٍ فاخرُجْ مِنها.»
أحاديث عن الشام في آخر الزمان
تطرقت الأحاديث النبوية إلى بلاد الشام، ورغم الأزمات، إلا أن لها مكانة خاصة. إليكم أهم هذه الأحاديث:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا.» قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وفي نَجْدِنَا؟ قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا.» قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وفي نَجْدِنَا؟ فأظنه قال: «في الثَّالِثَةِ: هنَاكَ الزَّلَازِل والفِتَن، وبِهَا يَطْلع قَرْن الشَّيْطَانِ.»
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «بَيْنا أنا في مَنامي، أتَتْني الملائكةُ، فحمَلَتْ عَمودَ الكتابِ من تحتِ وِسادَتي، فعمَدَتْ به إلى الشامِ، ألَا فالإيمانُ حيث تقَعُ الفِتَنُ بالشام.»
أحاديث عن الفتن في آخر الزمان
تطرق الإمام البخاري ومسلم في أحاديثهم لموضوع الفتن وآثارها، وإليكم واحدة من أهم الأحاديث:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «ستكونُ فتن القاعدُ فيها خير من القائِم، والقائمُ فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي مَنْ يُشْرفْ لها تَسْتَشْرِفْه فمن وجد فيها مَلْجأ أو مَعَاذًا فَلْيَعُدْ به.»
- هذا الحديث مخرج من صحيح مسلم.
- مال رجالٌ إلى الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قالوا:
- «رفعتهم إلى الخليفة الحجاج الذي يعاملهم بسوء.»
- فقال لهم: «اصْبِرُوا، فإنَّه لا يَأْتي علَيْكُم زَمَانٌ إلَّا الذي بَعْدَهُ شَرٌّ منه، حتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِن نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم.»
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ.» قالوا: وما الرُّوَيْبضةُ؟ قال: «الرَّجلُ التَّافِهُ في أمرِ العامَّةِ.»
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- «سيكونُ في آخرِ الزمانِ خَسْفُ وقذفٌ ومَسْخٌ، إذا ظَهَرَتِ المعازِفُ والقَيْناتُ، واسْتُحِلَّتِ الخمْرُ.»
- كما قال الرسول الكريم:
- «يتقارَبُ الزَّمانُ وينقُصُ العِلمُ وتظهَرُ الفِتَنُ ويُلقى الشُّحُّ ويكثُرُ الهَرْجُ.» قالوا: وما الهَرْجُ يا رسولَ اللهِ؟ فقال: «القتلُ، القتلُ.»
علامات الفتن في آخر الزمان
تشير الأحاديث النبوية إلى علامات محددة ستحدث عند اقتراب آخر الزمان، وفيما يلي أبرز هذه العلامات:
- تحول العقل إلى جهل.
- انتشار الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والبراكين.
- انتزاع البركة من الأرض.
- صعوبة التفرقة بين الحق والباطل للمؤمنين.
- حدوث هذه الظواهر بشكل متتابع وبدون فواصل زمنية.
- زيادة المهالك.
- قِلّة عدد المسلمين وتحول كثير من الناس إلى الكفر.
- تأثر الظالمين والصالحين بتلك العلامات.
- تفكك المجتمعات.
- سيطرة الخوف في صفوف الناس.
- انعدام الشعور بالأمان والمعاناة من الضعف العام.
كيفية الثبات ومقاومة فتن آخر الزمان
لا يمكن تحديد موعد آخر الزمان، فهو في علم الغيب، لكن يمكن تجنب تأثير الفتن من خلال اتباع التوصيات التالية:
- الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي كما هي بلا تحريف أو حذف.
- اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل بما ورد في القرآن الكريم.
- تجنب ارتكاب المحرمات والذنوب التي قد تؤثر على قلب المؤمن.
- الابتعاد عن الفواحش والآثام.
- تجنب الانسياق وراء الأخبار الكاذبة.
- التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والحفاظ على طاعته.
- توجيه الأمور والتوكل على الله.
- تجنب الانغماس في فتن الدنيا.
أحاديث إرشادية حول تصرف المرء في آخر الزمان
عندما يعم الاضطراب وتكثر الفتن، تكون الحاجة ملحة للمؤمنين للتمسك بهدي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وقد وردت الأحاديث النبوية التي توجه المسلم في تلك الأوقات الصعبة، ومن أبرزها:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً وأُمُورًا تُنْكِرُونَها.» قالوا: فَما تَأْمُرُنا يا رَسولَ اللَّهِ؟ قال: «أدُّوا إليهم حَقَّهُمْ، وسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ.»
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ الفُرَاتُ أن يُحسَرَ عن كَنْزٍ مِن ذَهَبٍ، فمَن حضَره فلا يأخُذْ منه شيئًا.»
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقُوا فَسَيَأْتي علَى النَّاسِ زَمانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بصَدَقَتِهِ، فلا يَجِدُ مَن يَقْبَلُها.»
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتانِ عَظِيمَتانِ، يَكونُ بيْنَهُما مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُما واحِدَةٌ وحتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبٌ مِن ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنَّه رَسولُ اللَّهِ،
- وحتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، ويَتَقارَبَ الزَّمانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ، وهو القَتْلُ، وحتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المالُ فَيَفِيضَ، حتَّى يُهِمَّ رَبَّ المالِ مَن يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ،
- وحتَّى يَعْرِضَهُ عليه، فَيَقُولَ الذي يَعْرِضُهُ عليه: لا أرَبَ لي به، وحتَّى يَتَطاوَلَ النَّاسُ في البُنْيانِ، وحتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بقَبْرِ الرَّجُلِ فيَقولُ: يا لَيْتَنِي مَكانَهُ وحتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِها،
- فإذا طَلَعَتْ ورَآها النَّاسُ -يَعْنِي آمَنُوا- أجْمَعُونَ، فَذلكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا،
- ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُما بيْنَهُما، فلا يَتَبايَعانِهِ ولا يَطْوِيانِهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بلَبَنِ لِقْحَتِهِ فلا يَطْعَمُهُ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وهو يُلِيطُ حَوْضَهُ فلا يَسْقِي فِيهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إلى فِيهِ فلا يَطْعَمُها.»
أحاديث في فضائل آخر الزمان
تتضمن أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم بشأن فضائل آخر الزمان العديد من الرسائل الأملية التي ترفع من معنويات المؤمنين في أوقات الشدة. تركز هذه الأحاديث على ما سيحدث في آخر الزمان من خيرات وفضائل رغم التحديات. ومن أهم هذه الأحاديث:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ خَلِيفَةٌ يَقْسِمُ المالَ ولا يَعُدُّهُ.»
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ، حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ تَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ.»
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّكم في زمانٍ من ترَك منكم عشرَ ما أمرَ بِه هلَك ثمَّ يأتي زمانٌ من عملَ منكم بعشرِ ما أمرَ بِه نجا.»
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَزالُ طائفةٌ مِن أُمَّتي على الحَقِّ ظاهرينَ، لا يَضُرُّهم مَن خالَفَهم حتى يَأتيَ أمْرُ اللهِ.»
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فيَهزِمُ اللهُ اليهودَ، فلا يَبْقَى شيءٌ مِمَّا خلق اللهُ عزَّ وجلَّ يَتَواقَى به يهوديٌّ، إلا أَنْطَقَ اللهُ ذلك الشيءَ، لا حَجَرٌ ولا شجرٌ ولا حائطٌ ولا دابةٌ، إلا الغَرْقَدَةُ، فإنها من شَجَرِهِم لا تَنْطِقُ، إلا قال: يا عبدَ اللهِ المسلمَ هذا يهوديٌّ فتَعَالَ اقتُلْه، فيكونُ عيسى ابنُ مريمَ في أُمَّتِي حَكَمًا عَدْلًا،
- وإمامًا مُقْسِطًا يَدُقُّ الصليبَ، ويَذْبَحُ الخِنْزيرَ، ويضعُ الجِزْيةَ، ويتركُ الصدقةَ، فلا يَسْعَى على شاةٍ ولا بعيرٍ، وتُرْفَعُ الشحناءُ والتباغُضُ، وتُنْزَعُ حِمَةُ كلِّ ذاتِ حِمَةٍ.»