حديث قدسي يشجع على الاستغفار
ورد في صحيح المسلم عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-، أنه قال: (عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيما رواه عن الله تعالى أنه قال: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا. يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمتكم، فاستطعِموني أُطعِمكم. يا عبادي، كلكم عار إلا من كسوتكم، فاستكْسوني أُكْسكم. يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم).
يتناول هذا الحديث القدسي المطول العديد من التوجيهات الإلهية، حيث يؤكد الله -تعالى- لعباده أن الظلم غير مقبول منه وهو بعيد عنه، وقد حرّم على عباده أن يظلم بعضهم بعضاً. ويوضح لهم أيضاً أنهم سيبقون في ضلال ما لم يهديهم هو -سبحانه وتعالى-، ويحثهم على طلب الهداية والعمل بطرقها.
وبالمثل، يُظهر الحديث أن الجوع والعار لا يمكن للعبد تحقيقهما بدون رزق الله -تعالى-، لذا يجب عليه أن يسعى إلى طلب ذلك من ربه الكريم. وبعد ذلك، يوضح الله -تعالى- أن ذنوب بني آدم كثيرة في جميع أوقاتهم، وهو الذي يغفر هذه الذنوب ويمحوها من خلال التوبة والاستغفار، ولذلك يحث -عز وجل- عباده على الاستغفار ويدعوهم للقيام بذلك.
حديث قدسي يحذر من الانشغال عن الاستغفار
عن معقل بن يسار -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يقول ربكم: يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي، أملأ قلبك غنى وأملأ يديك رزقاً، يا ابن آدم، لا تباعد مني، أملأ قلبك فقراً وأملأ يديك شغلاً).
هذا الحديث يبرز أهمية التفرغ للعبادة ويحذر من الانشغال بعيدًا عن ذلك. كما يوضح أثر كثرة العبادة وتخصيص القلب لها؛ إذ يقول الله -تعالى- لعباده: إن استغليتم قلوبكم لعبادتي عبر الاستغفار والذكر، ستمتلئ قلوبكم بالثروة والرضا، ولن تضطروا لسؤال الآخرين، وسوف أفيكم بحاجتكم من الرزق. أما إذا ابتعدتم عني، فستبقى قلوبكم فارغة من الغنى وستكون مشغولة بأمور لا تعود عليكم بالنفع.
حديث قدسي عن فضل الاستمرار في الاستغفار
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن عبداً اقترف ذنباً، فقال: ربي، أذنبت، فاغفر لي، فقال ربه: هل علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي. ثم أمهل ما شاء الله، ثم اقترف ذنبًا آخر، فقال: ربي، أذنبت آخر، فاغفر لي، فقال: هل علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي. ثم أمهل ما شاء الله، ثم اقترف ذنباً، فقال: ربي، أذنبت آخر، فاغفر لي، فقال: هل علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاثاً، فليعمل ما شاء).
يبرز هذا الحديث الجوانب الواسعة من رحمة الله -عز وجل- وغفرانه العطوف. كما يشدد على أهمية الاستمرارية في الاستغفار، إذ يغفر الله -تعالى- لجميع ذنوب عباده طالما أنهم يستغفرونه ويجددون توبتهم بقلب صادق، مهما تكرر وقوعهم فيها، إلا أن ذلك يتعلق بالذنوب التي لا تتعلق بحقوق الآخرين، فهذه تحتاج إلى إعادة الحق لأصحابه، بجانب الاستغفار والتوبة.
حديث قدسي حول سعة مغفرة الله
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله -تعالى-: يا ابن آدم! إنك كلما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم! لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بمثلها مغفرة).
يدل هذا الحديث على أن باب التوبة مفتوح أمام كل معصية، مهما كانت كمية الذنوب ووفرة الخطايا. حيث إن الله -عز وجل- لديه مغفرة واسعة، لدرجة أنه حتى لو كانت ذنوب العبد تملأ ما بين السماوات والأرض، فإن الله -سبحانه وتعالى- سيغفر له إذا دعا ربّه ورجاه واستغفاره وتاب عن أفعاله، ولن تكون كثرة ذنوبه عائقًا أمام مغفرته.