بركة الوالدين
يُعد الوالدان من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، فما أروع أن يكون المرء قادرًا على الاستمتاع بمشاهدتهما وهما بصحة جيدة، والاستفادة من نصائحهما وتوجيهاتهما في مساره الحياتي. يتحتم على الأبناء شكر الله على هذه النعمة العظيمة، وإظهار البر والإحسان لوالديهم. قال الله تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
أحاديث نبوية حول بر الوالدين
توجد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تشير إلى أهمية بر الوالدين وفضل الإحسان إليهما، ومن هذه الأحاديث:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، وسخطُهُ في سخطِهما).
- سأل عبد الله بن مسعود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أحب الأعمال إلى الله، فقال: (الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوَالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ).
- جاء رَجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واستأذَنَه في الجهادِ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحَيٌّ والِداكَ؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهِدْ).
- سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: (يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ صَحَابَتي؟ قال: أُمُّكَ، قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: ثُمَّ أُمُّكَ، قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: ثُمَّ أُمُّكَ، قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال: ثُمَّ أبُوكَ).
- جاء رجل يُدعى جاهمة وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسولَ اللَّهِ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ؟ فقالَ: هل لَكَ مِن أمّ؟ قالَ: نَعَم، قالَ: فالزَمها فإن الجنةَ تحتَ رِجلَيها).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنةِ، فإن شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مِنَ الكَبائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ والِدَيْهِ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وهلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أحدِّثُكم عن أكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قال: الإشراكُ باللَّهِ، وعقوقُ الوالدينِ).
- كان هناك ثلاثة رجال انطبقت عليهم صخرة في الغار، فدعا أحدهم بعمله الصالح مخلصا لله تعالى، فقال: (اللَّهُمَّ إنَّه كانَ لي وَالِدَانِ شيخَانِ كَبِيرَانِ، وَامْرَأَتِي، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ أَرْعَى عليهم، فإذا أَرَحْتُ عليهم، حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ، فَسَقَيْتُهُما قَبْلَ بَنِيَّ، وَأنَّهُ نَأَى بِي ذَاتَ يَوْمٍ الشَّجَرُ، فَلَمْ آتِ حتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُما قدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كما كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بحِلَابِ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤُوسِهِما أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُما مِن نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذلكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابتغاءً لوجهكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى منها السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ منها فُرْجَةً، فَرَأَوْا منها السَّمَاءَ)، فكان برّه لوالديه سببًا في نجاة الجميع.
حقوق الوالدين على أبنائهم
حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضرورة الإحسان للوالدين، وإكرامهم وتقديرهم، والاعتراف بفضلهم. وفيما يلي دليل على بعض حقوق الوالدين على أبنائهم في القرآن الكريم والسنة النبوية:
- الإحسان إليهما: قال تعالى: (قَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)، كما قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وقوله: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا).
- شكرهم: قال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
- الطاعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأطِعْ والدَيْكَ، وإنْ أمراكَ أنْ تخرجَ مِن دُنياكَ، فاخرجْ لهُما).
- الإنفاق عليهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنتَ ومالُكَ لوالدِكَ، إنَّ أَولادَكم مِن أطيَبِ كَسبِكم، فكُلوا مِن كَسبِ أَولادِكم).
- الاهتمام بهما عند الكبر: قال تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
- الدعاء لهما: قال تعالى: (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).