أحكام الزكاة وكيفية تطبيقها في الإسلام

تعريف الزكاة وبيان فرضيتها

تُعرف الزكاة في اللغة بأنها البركة والطهارة والنماء، وهي تأتي من الفعل “زكا”، حيث يعني زكا الشيء أي زاد ونما. وفي الاصطلاح، تعني مقدارٌ محدد من الأموال، يتم إخراجه في أوقات معينة ويصرف لأصناف محددة. وقد سميت الزكاة بهذا الاسم لأنها تزيد في مال صاحبها الذي تخرج منه، وتزكي نفس المزكي، كما قال الله -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيَهِم بِهَا). تعتبر الزكاة فرض عين على كل من توافرت فيه شروط وجوبها، وقد ورد تأكيدها في الكثير من نصوص القرآن والسنة، كما جاء في قوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ).

فرض الله -تعالى- الزكاة في بداية الإسلام -قبل الهجرة- في مكة المكرمة، حيث كان الأمر بإخراجها مطلقاً، دون تحديد لنوع المال الواجب فيه الزكاة، أو مقداره، أو وقته، بل كان متروكاً لكرم المسلم وشعوره بحاجات الآخرين، كما جاء في قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). بعد أن تمكن الإيمان في قلوب المؤمنين في السنة الثانية من الهجرة، بين الله -تعالى- أحكام الزكاة بتفاصيلها، من حيث الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقدارها، ووقت إخراجها. وفي السنة التاسعة من الهجرة، بدأ النبي -عليه الصلاة والسلام- بإرسال الجباة لتحصيل الزكاة وتوزيعها على مستحقيها.

أهمية مشروعية الزكاة

أوجب الله -تعالى- الزكاة لتلبية احتياجات المسلمين، وتعزيز مكانة الإسلام، وحفظه وتقويته. ولا تُصرف الزكاة لغير المسلمين، إلا المؤلفة قلوبهم، كما يجب أن تُستخدم لمن يعين بها على طاعة الله -تعالى-، كما قال الله -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

شروط وجوب الزكاة

تجب الزكاة في حالة توفر عدة شروط، وفيما يلي تلك الشروط:

  • الإسلام: لا تجب الزكاة على غير المسلم، لكن الشافعية أوجبوها على مال المرتد قبل ردته.
  • الحرية: لا تجب الزكاة على العبد بإجماع الفقهاء، ويجب أن تكون على سيده، في حين يرى المالكية عدم الوجوب على العبد أو سيده.
  • البلوغ والعقل: شرطٌ خاص عند الحنفية، بينما أوجبها الجمهور على الصبي والمجنون، فيخرج وليهما الزكاة من مالهما.
  • النماء: يجب أن يكون المال نامياً أو قابلاً للنماء، مثل الذهب والفضة.
  • بلوغ النصاب: يختلف بحسب نوع المال، وسيتم توضيحه في الفقرات التالية.
  • الملك التام للمال: يجب أن يملك المسلم المال ويكون قادراً على التصرف فيه.
  • حولان الحول: يجب أن يمضي عام قمري على المال وهو في ملك صاحبه، باستثناء الزروع والثمار، ويشترط الحنفية بلوغ النصاب في طرفي الحول.
  • الخلو من الدين: شرطٌ عند الحنفية في غير الحرث، واشترطه الحنابلة في جميع الأموال.
  • الزيادة عن الحاجات الأساسية: يجب أن يكون المال الزائد عن احتياجات الإنسان الأساسية.

مصارف الزكاة

تُصرف الزكاة إلى ثمانية أصناف فقط، وقد ذكرها الله -تعالى- بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). وفيما يلي توضيح لكل مصرف:

  • الفقراء والمساكين: الفقراء هم من لا يمتلكون مالًا أو كسبًا، بينما المساكين هم الذين لا يستطيعون كسب ما يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
  • المؤلفة قلوبهم: هؤلاء يتلقون الزكاة لتقوية إيمانهم أو لتأليف قلوبهم للإسلام، سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين.
  • في الرقاب: يشمل المكاتبين الذين يحق لهم العتق بعد سداد ديونهم.
  • الغارمون: هم أصحاب الديون، حيث يمكن إعطاؤهم الزكاة لسد ديونهم.
  • في سبيل الله: وهم المجاهدون الذين لا يتلقون رواتب من الدولة.
  • العاملون عليها: وهم الذين يتولون جمع الزكاة وتوزيعها.
  • ابن السبيل: هو المسافر المنقطع عن الزاد في طريقه، والذي يحتاج المساعدة للعودة إلى بلده.

أموال الزكاة

أوجب الله -تعالى- الزكاة على عدة أنواع من المال، منها:

  • الأنعام: مثل الإبل والبقر والغنم.
  • الخارج من الأرض: مثل الحبوب وغيرها.
  • المعادن: كالعناصر القيمة المدفونة.
  • الذهب والفضة والنقود.
  • عروض التجارة: والتي تتعلق بالقيمة.

أنصبة ومقادير أموال الزكاة

لكل نوع من أموال الزكاة مقدار ونصاب محدد في الشرع، وهي كالتالي:

  • النقدان: الذهب والفضة حيث نصاب الذهب هو 85 غرامًا، والفضة 595 غرامًا، ومقدار الزكاة هو 2.5%.
  • الزروع والثمار: نصابها هو خمسة أوسق، وهو يعادل 611 كيلوغرام.
  • المعادن: يجب فيها الزكاة بغض النظر عن النصاب أو الحول.
  • الركاز: يجب فيها الخُمس.
  • الأنعام: النصاب محدد حسب الأنواع، مثل أنعام الغنم أو البقر أو الإبل.

فضل الزكاة ومكانتها في الإسلام

تعتبر الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، حيث قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ). ومن فضائلها العديد، ومنها:

  • صفة الأبرار الذين يدخلون الجنة، كما ذكر الله -تعالى-.
  • تعتبر وسيلة لنيل رحمة الله.
  • تؤكد على صدق إيمان صاحبها.
  • تسهم في إعانة الفقراء وتحقيق التكافل الاجتماعي.
  • ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالصلاة في العديد من الآيات، مما يدل على أهميتها.

______________________________________________

الهامش

* الركاز: الكنز المدفون دون مالك، سواء كان نقدًا أو معدناً.