أحكام الطلاق في الزواج قبل القبول وبعد الفترة الخاصة بالفراق

إن إرساء دعائم حياة زوجية سعيدة يحتاج إلى مسؤولية كبيرة من الطرفين، حيث يبذلان جهدًا حقيقيًا لتجاوز المشكلات. ومع ذلك، قد تتطور بعض الخلافات بينهما إلى مرحلة الطلاق، مما يجعل ذلك حتميًا في بعض الحالات.

تعريف الطلاق

  • شرع الله سبحانه وتعالى الزواج كوسيلة لحماية المجتمع من الفواحش والمعاصي، ولتكوين أسر على أساس صالح تعيش في طاعة الله ورسوله.
  • يُفترض أن تُبنى الحياة الزوجية على المحبة والاحترام المتبادل، غير أن الاختلافات قد تعصف بهذه الحياة.
  • العلاقة الزوجية الصحية عادة ما تتضمن بعض المشكلات، لكن يتم تجاوزها بسرعة قبل أن تتفاقم.
  • يسعى الزوجان دائمًا للبحث عن حلول لتلك الخلافات، ولكن قد تفشل المحاولات بسبب مشاكل في شخصيات أحدهما أو كليهما.
  • قد يعاني أحدهما من سوء الخلق أو عدم الاحترام أو الخيانة، مما يُلجئ الله سبحانه وتعالى إلى إباحة الطلاق للمسلمين.
  • يصبح الطلاق ضرورة عند حدوث مشاكل بين الزوجين وضعف الرغبة في استمرار العلاقة.

أنواع الطلاق

  • ينقسم الطلاق إلى نوعين: الطلاق الرجعي والطلاق البائن.
  • الطلاق الرجعي يحدث عندما يطلق الزوج زوجته بنية العودة إليها، مع محاولة تحسين العلاقات بينهما دون قصد الإساءة أو حدوث خلافات جديدة.
  • يمكن للزوج استعادة زوجته خلال فترة العدة، وهي فترة محددة شرعًا، حيث لا يتطلب الأمر تقديم مهر جديد.
  • إذا تم طلاق الزوج للمرة الثانية، فإن الطلقتين الأولى والثانية تُعتبران طلاقًا رجعيًا خلال فترة العدة، وفي حال انتهاء العدة، يصبح الطلاق بائنًا.
  • تجد الزوجة نفسها في معضلة الاختيار بين العودة إلى زوجها أو الزواج من شخص آخر.
  • إذا قررت العودة، يجب على الزوج تقديم مهر جديد بسبب انتهاء فترة العدة.
  • في حالة الطلاق للمرة الثالثة، لا يحق للزوج العودة إلى زوجته إلا بعد أن تتزوج شخصًا آخر.

أحكام الطلاق قبل الدخول

  • إذا تمت الخطوبة بين الرجل والمرأة وحدثت خلافات قبل الدخول والخلوة، توجد شروط خاصة تتعلق بهذه الحالة.
  • لا عِدة على المرأة في هذه الحالة، كما جاء في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا”.
  • إذا حدث الانفصال قبل تحقيق الخلوة الشرعية، تكتسب المرأة نصف المهر المعيّن، بينما يحصل الزوج على النصف الآخر.
  • كما جاء في قوله تعالى: “وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ”.
  • الأفضل أن يتنازل أحد الطرفين عن نصيبه للطرف الآخر، كما ورد في قوله تعالى: “وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى”.
  • لا يحق للمرأة المطالبة بالنفقة إذا لم تتحقق الخلوة الشرعية.
  • تختلف أحكام الهدايا التي يمنحها الرجل لخطيبته بناءً على العرف المحلي؛ فإذا كانت تُعتبر جزءًا من المهر، تُوزع الهدايا كما المهر، أما إذا كانت تُعتبر هدايا مطلقة فلا يسترد منها شيء.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحلُّ لرجلٍ أن يعطيَ عطيةً، ثم يرجعَ فيها، إلَّا الوالدَ فيما يعطي ولدهُ”.

شروط وقوع الطلاق

  • توجد شروط معينة يجب توافرها ليكون الطلاق صحيحًا، وتنقسم هذه الشروط بين المطلق والمطلقة.
  • يجب أن يكون هناك عقد زواج صحيح بينهما.
  • يجب أن يكون المطلق بالغًا، إذ لا يقع الطلاق عن الصغير سواء كان مميزًا أم لا.
  • يجب أن يكون المطلق عاقلًا، حيث اتفق علماء وفقهاء على عدم صحة الطلاق من المجنون أو السكران.
  • يلزم أن تكون لدى المطلق نية واضحة للطلاق، دون أن يكون مُكرهًا، بينما يختلف العلماء حول طلاق السفيه أو المغضب.

شروط المطلقة

  • وجود العلاقة الزوجية بينها وبين زوجها.
  • ضرورة وصف المطلقة بوضوح، إذ يُعتبر ذلك أمرًا ضروريًا وقد اتفق عليه العلماء.

حقوق الزوجة في حالة الطلاق بعد الخلوة

  • حدد الله تعالى حقوق المرأة بعد انتهاء العلاقة الزوجية، حيث يجب على المطلق إيفاء المطلقة بحقوقها، مثل المهر المتفق عليه في عقد الزواج.
  • المهر من حق الزوجة بالكامل في حال تحقق الخلوة الشرعية، وكما ورد في قوله تعالى: “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً”.
  • كما قرر الله سبحانه وتعالى في آيات أخرى أن هذه الحقوق تشمل المهر أيضًا في حال الطلاق: “فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً”.

حق الزوجة في الصداق المعجل

المهر أو الصداق المعجل هو مبلغ من المال المحدد سلفًا من قبل أهل الزوجين يقدم للزوجة قبل الطلاق.

1- حق الزوجة في النفقة

  • توجد أنظمة للطلاق الرجعي والبائن لكل منهما أحكامه. في الحالة الأولى، تحصل الزوجة على نفقتها كاملة خلال فترة العدة، وتتضمن النفقة المأكل والمشرب والملبس والمسكن.
  • قال الله تعالى: “تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ”، مما يعني وجوب التزام الزوج بتوفير احتياجات الزوجة.
  • جاء في قول الله أيضًا: “وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا”، مما يبرز حق الزوج في رد زوجته.

2- نفقة المطلقة طلاقًا بائنًا الحامل

  • هناك إجماع بين العلماء على حق المرأة المطلقة الحامل في كامل النفقة والمسكن.
  • كما جاء في قوله تعالى: “وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ”.
  • كما أكد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ذلك لفاطمة بنت قيس بدعوته: “والله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملًا”.
  • تتضمن أيضًا ضرورة الإنفاق على الأبناء بعد الطلاق.

3- نفقة المطلقة طلاقًا بائنًا لغير الحامل

  • تتواجد ثلاثة آراء حول هذا الموضوع؛ الرأي الأول يدعم حق المرأة في السكن والنفقة بناءً على الآيات السابقة.
  • بينما الرأي الثاني، منسوب إلى المالكية والشافعية، يرى أن المرأة المطلقة بائنًا وغير حامل لها حق السكن دون النفقة.
  • أما الرأي الثالث منسوب إلى الحنابلة والظاهرية، فيؤكد على عدم حق المرأة المطلقة بائنًا وغير حامل في السكن أو النفقة.