أحكام النون الساكنة والتنوين في اللغة العربية

أحكام النون الساكنة والتنوين

تُعرف النون الساكنة بأنها نون ثابتة لفظًا وكتابة، توجد في الأسماء والأفعال والحروف، بينما التنوين هو نون ساكنة تُضاف إلى نهاية الأسماء لفظًا وتفارقها كتابةً، دون دلالة على التأكيد. تنقسم أحكام النون الساكنة والتنوين إلى أربعة أقسام، والتي سنتناولها بالتفصيل فيما يلي:

الإظهار

الإظهار يعني بيان النون الساكنة أو التنوين عند النطق بأحد حروف الحلق، التي تشمل: الهمزة، الهاء، العين، الحاء، الغين، الخاء. يمكن تذكرها من خلال العبارة: “أخي هاك علماً حازه غير خاسر”. يظهر الإظهار في حالة وجود النون في كلمة واحدة، كما في قوله تعالى في سورة الفاتحة: (أَنْعَمْتَ)، وأيضًا عند النون في كلمتين، كما في قوله تعالى: (مِن هادٍ). ويقتصر الإظهار عند التنوين على كلمتين، كما هو في قوله تعالى: (عَذَابٌ عَظِيمٌ).

الإدغام

اللغة تُعرف الإدغام بأنه إدخال شيء في شيء آخر، أما اصطلاحًا فهو دمج حرف ساكن مع حرف متحرك بشكل يُنتج حرفًا مشددًا. أحرف الإدغام هي ستة: الياء، الراء، الميم، اللام، الواو، والنون، وتجمع في كلمة “يرملون”. ينقسم الإدغام إلى قسمين كما يلي:

الإدغام بغنّة

تشمل أحرف الإدغام بغنّة أربعة وهي: الياء، والنون، والميم، والواو، وتُجمع في كلمة “ينمو”. يُشترط في هذا النوع أن تأتي النون الساكنة أو التنوين في نهاية الكلمة الأولى، ويبدأ حرف الإدغام بغنّة في بداية الكلمة الثانية، كما في قوله تعالى بسورة الزلزلة: (وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ)، وأيضًا في قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ). إذا تواجدت النون الساكنة مع حرف الإدغام في نفس الكلمة، يتوجب الإظهار، خاصة عند حرفي الواو والياء، ويطلق عليه الإظهار المطلق، وقد ورد في القرآن الكريم في أربع كلمات، وهي: صنوان، وقنوان، والدنيا، بنيان.

الإدغام بغير غنّة

يوجد في هذا النوع حرفان فقط هما: اللام والراء. يتمّ فيه حذف الغنّة لتخفيف الوزن عند النطق، لتفادي ثقلها، كما في قوله تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ)، و(أن لَّن يَنقَلِبَ).

الإقلاب

يعني الإقلاب في اللغة تحويل الشيء عن وجهه، وفي الاصطلاح هو قلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميم مخفية مع غنّة عند وجود حرف الباء بعدها. يتمثل حرف الإقلاب في حرف واحد وهو “الباء”، ويشار إليه بدلالة على رسمه في المصحف الشريف كعلامة ميم عُكَّازيَّة (م)، كما في قوله تعالى: (سَمِيعًا بَصِيرًا).

الإخفاء

تعني كلمة الإخفاء الستر، ولكن في الاصطلاح تعني النطق بالحرف بطريقة وسط بين الإظهار والإدغام دون تشديد، مع وجود الغنّة عندما تأتي النون الساكنة أو التنوين بعد أحد حروف الإخفاء. أحرف الإخفاء تضم خمسة عشر حرفًا، وهي: الصاد، الذال، الثاء، الكاف، الجيم، الشين، القاف، السين، الدال، الطاء، الزاي، الفاء، التاء، الضاد، والظاء. يظهر هذا النوع في قوله تعالى في سورة آل عمران: (يَنصُرْكُمُ)، وكذلك في قوله: (سَمِيعٌ قَرِيبٌ). للإخفاء ثلاث مراتب، على النحو التالي:

• أعلى مرتبة: وهي تكون مع الطاء، والدال، والتاء، حيث يكون فيها الإخفاء أقرب إلى الإدغام.
• أدنى مرتبة: وهي مع القاف، والكاف، فيها يكون الإخفاء أقرب إلى الإظهار.
• مرتبة متوسطة: تشمل باقي أحرف الإخفاء، وتكون في وسط بين المرتبة العليا والدنيا.

أما الفرق بين الإخفاء والإدغام، فهو أن الإخفاء لا يأتي معه تشديد في النطق، بينما الإدغام يتم في غير الحرف دون الحاجة لدوره على الفعل. يُقال: “أُخفيت النون عند السين” لا في السين، بينما يقال: “أُدغمت النون في اللام” لا عند اللام.

تمارين على أحكام النون الساكنة والتنوين

إليك بعض التطبيقات التي توضح أحكام النون الساكنة والتنوين في آيات قرآنية مختارة:

قال تعالى في سورة الأنعام: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ۖ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.

قال تعالى في سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.

قال تعالى في سورة طه: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا}.

قال تعالى في سورة الكهف: {قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا}.

قال تعالى في سورة البقرة: {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}.

قال تعالى في سورة الإسراء: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا}.

يتضح من ذلك أن الأحرف في التجويد لا يكون لها مخرج واحد، كما صنفها علماء الشريعة الإسلامية، فكل من الإظهار، الإدغام، الإقلاب، والإخفاء لهم خصائصهم الخاصة.