أحكام دفن الموتى في الإسلام

أحكام الجنائز

الجنائز هي جمع كلمة جنازة، والتي تُعرف شرعًا بأنها الاسم الذي يطلق على الميت وهو مُحمل على النعش. تتضمن الجنائز مجموعة من الأحكام الشرعية التي سنقوم بشرحها في العناوين التالية:

حمل الجنازة واتباعها

يُعتبر حمل الجنازة واتباعها واجبًا على المسلم، حيث يُشير حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ، كما ورد عن أبِي هُرَيْرَةَ، حيث قال: قالَ رسولُ الله -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ علَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلامِ، تَشْمِيتُ العَاطِسِ، وإجابَةُ الدَّعْوَةِ، وعِيادَةُ المَرِيضِ، واتِّباعُ الجَنائِزِ)، مما يبرز أهمية اتباع الجنازة كحق من حقوق الميت على أخيه المسلم.

كما أوضح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه: (مَن شَهِدَ الجَنازَةَ حتَّى يُصَلِّيَ، فَلَهُ قِيراطٌ، ومَن شَهِدَ حتَّى تُدْفَنَ كانَ له قِيراطانِ، قيلَ: وما القِيراطانِ؟ قالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ) فضلًا يُشير إلى أهمية حمل الجنازة واتباعها.

المشي بالجنازة

المشي مع الجنازة يعد من السنن التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. واختلف العلماء في كيفية السير في الجنازة على قولين:

  • القول الأول: يُستحب الإسراع في المشي، وهو مذهب جمهور العلماء، مستندين إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَسْرِعُوا بالجِنَازَةِ، فإنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وإنْ يَكُ سِوَى ذلكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عن رِقَابِكُمْ). وقد ذهب ابن حزم إلى وجوب ذلك.
  • القول الثاني: يُستحب التوسط في المشي، وهو رأي بعض أهل العلم، مستندًا إلى حديث ضعيف رواه أبو موسى الأشعري.

حول القيام للجنازة عند مرورها، فقد ذهب الحنفية إلى عدم مشروعية القيام، بينما ذهب المالكية والحنابلة إلى كراهته، حيث أنه ليس عليه دليل من عمل السلف. وعلى الناحية الأخرى، أشار القليوبي إلى فضيلة القيام والدعاء للميت عند مرور الجنازة.

صلاة الجنازة

تُعتبر صلاة الجنازة فرض كفاية، فإذا قام بها مجموعة من المسلمين سقط الإثم عن البقية. يجوز أداؤها في المسجد أو خارجه، والأفضل أداؤها في مكان مُحدد لذلك. وحرام أن تُصلى على الميت بين القبور. وتتضمن صفاتها ما يلي:

  • يقف الإمام عند رأس الرجل، وعند عجيزة المرأة.
  • يكبر الإمام أربع تكبيرات، مع الشرح التالي:
    • بعد التكبيرة الأولى، يقرأ سورة الفاتحة.
    • بعد التكبيرة الثانية، يصلي على النبي، ويفضل أن يأتي بالصلاة الإبراهيمية.
    • بعد التكبيرة الثالثة، يدعو للميت.
    • بعد التكبيرة الرابعة، يدعو لنفسه وللمؤمنين.
  • يسنّ للإمام والمصلين رفع أيديهم عند كل تكبيرة.
  • يسلم على اليمين والشمال.

أحكام متعلقة بالميت

تغسيل الميت هو واجب على المسلمين، ويجوز لأي مسلم تغسيل أخيه المسلم، ولكن الأفضل أن يفعله أقاربه، شرط أن يكونوا من نفس الجنس، مع استثناء الزوجين. شروط الغسل أن يتم تعميم الماء على الجسد ثلاث مرات مع النية، وهناك طريقة كاملة للغسل ولكن ليس هذا موضع الحديث عنها.

تكفين الميت

يجب على المسلمين تكفين الميت بما يستره، وفقًا لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ). ويُسن أن يُكفن الرجل بثلاث لفائف مع ربط خرقة حول العورة، بينما يُكفن المرأة بخمس لفائف بحيث تُؤزر بمئزر ثم تُلبس القميص وتُغطى بالخمار.

دفن الميت

حفر القبر ودفن الميت يعد من فروض الكفاية، وقد اتفق أهل العلم على أن الطريقة الصحيحة لدفن الميت تنطوي على وضعه على الجانب الأيمن متوجهًا إلى القبلة. وقد تعددت أقوالهم حول طريقة إنزاله إلى القبر على قولين:

  • القول الأول: يُدخَل من جهة القبلة حيث يكون المدفَن مستقبلاً القبلة.
  • القول الثاني: يُوضع عند آخر القبر، ثم يُنزل من قبل رأسه بشكل مائل.

ويُسن في دفن الميت ترديد الدعاء الثابت في السنة: (بسمِ اللَّهِ وباللَّهِ وعلى ملَّةِ رسولِ اللَّهِ، وقد قالَ مرَّةً: بسمِ اللَّهِ وباللَّهِ وعلى سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-).