يحرص المؤمن الحق دائماً على الالتزام بأوامر الله عز وجل ورسوله الكريم، من خلال السعي الحثيث لجمع المعلومات اللازمة في شتى مجالات حياته. ولم يترك الله عز وجل أي قضية من أمور الدنيا للتكهن أو التخمين.
تاريخ فرض الصلاة
- تناول القرآن الكريم أحكام تقديم الصلاة، وإذا كنت ترغب في معرفة تلك الأحكام وما إذا كانت جائز القيام بها أم لا، فما عليك سوى قراءة هذا المقال للتعرف على التفاصيل.
- في ليلة الإسراء والمعراج، وعبر السماوات السبع عندما عرج الرسول الكريم مع جبريل عليه السلام، أراد الله أن يُبلغ النبي محمد عليه الصلاة والسلام بفرض الصلاة على أمة الإسلام.
- روى النبي صلى الله عليه وسلم ما جرى في تلك الليلة، حيث قال: (فَرَضَ اللَّهُ عز وجل عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا. قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ).
- وهكذا فرضت الصلوات الخمس على المسلمين.
لماذا فُرضت الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج؟
- تعتبر الصلاة العبادة الوحيدة التي فُرضت في السماء السابعة، مما يُظهر أهميتها البالغة، حيث إن أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة هو الصلاة.
- تأتي رحلة الإسراء والمعراج وفرض الصلاة بعد عام الحزن الذي فقد فيه الرسول زوجته خديجة وعمه أبو طالب، مما يُبرز أن الصلاة تُساعد في تخفيف الهموم.
- خلال رحلته، مر النبي بالبيت المعمور في السماء السابعة، ويُقال إنه بيت يدخل فيه سبعون ألف ملك يومياً لأداء الصلاة، مما يُظهر أن الصلاة هي عبادة أهل السماء.
كيف كانت الصلاة قبل فرضها في ليلة الإسراء والمعراج؟
- تباينت آراء الفقهاء وعلماء الدين حول شكل الصلاة قبل فرضها كخمس صلوات واجبة على كل مسلم أداؤها يومياً.
- قال الإمام الحربي إن الصلاة قبل الفرض كانت تتكون من أربع ركعات، موزعة كالتالي: ركعتان في الصباح وركعتان في المساء.
- بينما يرى الإمام الشافعي استناداً إلى قوله تعالى: (فاقرؤوا ما تيسر منه)، أن الفرض كان صلاة الليل كاملاً.
- أما ابن حجر الهيتمي، فيشير إلى أن الله لم يُكلف المسلمين في البداية إلا بالتوحيد والإيمان به وبرسوله الكريم، بالإضافة إلى ما كان عليه النبي من قيام الليل.
عدد ركعات الصلوات المفروضة
- قبل الهجرة، كانت تُصلى الفرض ركعتين، ولكن مع هجرة الرسول إلى المدينة المنورة، تم زيادة ركعتين على كل من صلاة الظهر، العصر، والعشاء.
- أصبح عدد ركعات الصلوات الخمس كالتالي:
- صلاة الظهر، وعدد ركعاتها أربعة.
- صلاة العصر، وعدد ركعاتها أربعة.
- صلاة المغرب، وعدد ركعاتها ثلاثة.
- صلاة العشاء، وعدد ركعاتها أربعة.
- صلاة الفجر، ركعتين.
كيفية قصر الصلاة ولمن تجوز
- يقصد بصلاة القصر، أن يقوم المسلم بأداء الصلوات المفروضة التي عدد ركعاتها أربع وتُصلى ركعتين فقط.
- لا يُسمح بالقصر في صلاة الفجر والمغرب.
- تشرع قصر الصلاة فقط للمسافر، وفقاً لقوله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا).
شروط صلاة القصر ومتى تنتهي رخصته
- أباح الله رخصة صلاة القصر للمسافر ليخفف عنه، مؤكداً أن الدين الإسلامي يسعى لتيسير الأمور على الإنسان، كما في قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
- لكي تُجوز صلاة القصر، يجب أن تصل المسافة التي يقطعها المسافر إلى 90 كيلومتراً أو أكثر.
- عدد الصلوات المسموح قصرها هو 20 صلاة، وإذا استمر السفر أكثر من ذلك، فلا يجوز القصر.
- تُعتبر النية شرطاً أساسياً لصلاة القصر قبل كل صلاة.
جمع الصلاة وشروطها
- المقصود بجمع الصلاة، هو أن يقوم المصلي بضم صلاتي الظهر والعصر، إما بأدائهما معاً في وقت الظهر أو بالتأخير بهما معاً في وقت العصر.
- نفس الأمر ينطبق على الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء.
- يجب على المصلي أن يُحضّر نية الجمع قبل البدء في الصلاة الأولى.
- تُصلى الصلاة الثانية مباشرة بعد الأولى دون فاصل زمني طويل بينهما.
حالات يجوز فيها جمع الصلاة
- يستند المسلم في جميع أموره إلى ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله الكريم، حيث أشار علماء الدين إلى جواز جمع الصلاة بناءً على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
- يجوز للمسافر جمع الصلاة وقصرها، كما جاء في حديث معاذ: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يُصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً» رواه مسلم.
- يجوز أيضاً جمع الصلاة للمريض، كما روى ابن عباس: «جمع صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته».
- يجوز جمع الصلاة في الأجواء الشديدة البرودة وفي حالة المطر.
هل هناك حرمانية في وصل الصلاة بالصلاة وهل يشمل النافلة؟
- نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربط صلاة الفرض بالنوافل أي وصلها، مُشيراً إلى أنه يجب تغيير مكان الصلاة أو الفصل بينهما بالكلام.
- حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله)، أي يُشير بذلك إلى السبحة.
- هناك بعض الفقهاء الذين أرجعوا الأمر في تغيير مكان الصلاة إلى كثرة مواضع السجود التي تشهد لصاحبها يوم القيامة، كما جاء في قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} سورة الزلزلة.
أهمية الصلاة وتأثيرها على حياة المسلم
- لا شك أن للصلاة أهمية كبيرة في تعديل السلوك البشري، وتشجيعهم على التمسك بالصفات الحميدة التي ميزها الله بها في كتابه الكريم.
- كما أشار الله عز وجل في القرآن إلى أن الصلاة تبعد الفرد عن المعاصي، حيث قال تعالى: «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ» سورة العنكبوت.
- أكد الله سبحانه وتعالى على أن الصلاة تزيد من الشعور بالسلام والراحة الداخلية، كما قال في كتابه الكريم: «إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا*إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا*وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا*إِلَّا الْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ» سورة المعارج.
هل يجوز قطع الصلاة المفروضة بدون عذر شرعي؟
- اتفقت آراء العلماء على أنه لا يجوز قطع الصلاة المفروضة عمداً لأمر من أمور الدنيا، وذلك كقطعها للرد على الهاتف أو ما شابه، وهذا مدعوم بما ورد في القرآن الكريم وبعض أقوال السلف الصالح.
- أوضح الله عز وجل مسألة قطع الصلاة بدون عذر شرعي في كتابه، حيث قال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ» سورة محمد.
- وأشار كبار الفقهاء إلى نفس الأمر حيث قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: «سائر النوافل من الأعمال حكمُها حكم الصيام في أنها لا تلزم بالشروع ولا يجب قضاؤها إذا خرج منها إلا الحج والعمرة».
حالات أجاز فيها الفقهاء قطع الصلاة
- أقر عدد من الفقهاء بجواز قطع الصلاة في بعض الحالات الخاصة، مع التأكيد على أنه لا يجوز القطيعة لأجل الرد على الهاتف أو التعامل مع أمر دنيوي.
- أشار كثير من مفسري الكتاب والسنة إلى ذلك، حيث قال الشيخ عبد العزيز بن باز: «قطع الصلاة لمصلحة مهمة أو لدفع خطر كإنقاذ حريق أو غريق أو دفع صائل، كل ذلك لا بأس به».
- كما يجوز قطع الصلاة أيضاً إذا كان الشخص في سفر وانتابه الخوف من اللصوص.
- يجوز كذلك قطع الصلاة لتلبية استغاثة شخص ملهوف.
- وإذا لاحظ الشخص حيواناً ضاراً يقترب منه، فيجوز له قطع صلاته لدفع الضرر.
أحكام تقديم الصلاة
- استناداً إلى قول الله تعالى: «إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا»، لا يجوز إقامة الصلاة قبل الوقت المحدد لها، لأن أداء الصلاة في وقتها يعد من أحب الأعمال إلى الله.
- وعد الله تعالى الذين يحرصون على صلواتهم بجنات كما في قوله: «وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَـئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».
- تُعد قصة فرض الصلاة في رحلة الإسراء والمعراج واحدة من أعظم القصص، حيث أبلغ الله عز وجل رسوله مباشرة دون وساطة، مما يعكس عظمة شعيرة الصلاة التي تُعتبر عمود الدين الإسلامي.