الإمام أحمد بن حنبل
الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيَّان، هو أحد أبرز علماء الإسلام، حيث يعود نسبه إلى شيبان ويصل إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من خلال نزار بن معد. وُلد الإمام أحمد في شهر ربيع الأول من عام 164 هـ في بغداد. وُلدت أمه في مدينة مرو وهي حامل به، وأصل أسرته من البصرة. نشأ الإمام أحمد في بغداد حيث تلقى تعليمه الأول، ثم انطلق في طلب الحديث النبوي الشريف إلى عدة مناطق منها البصرة، الحجاز، اليمن، والكوفة. قام بأداء فريضة الحج خمس مرات، ثلاث منها ماشياً. استمر في طلب العلم حتى بلغ مراتب عالية من الإمامة، وذاع صيته في أرجاء العالم الإسلامي، حيث تجمع حوله الطلاب بشغف كبير. توفي الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- في بغداد يوم الجمعة في 12 ربيع الأول من سنة 241 هـ.
إمامنا أحمد والخباز
عندما نزل الإمام أحمد بن حنبل في مدينة unfamiliar للمقيمين هناك، قرر أن يستريح في أحد المساجد بعد يوم طويل من السفر. ومع ذلك، رفض الحارس السماح له بالنوم، فقال الإمام أحمد: “سأنام عند موضع قدمي فقط”. وبالرغم من ذلك تم إخراجه من المسجد. في تلك الأثناء، شاهد خباز الإمام أحمد في الطريق وعرض عليه أن يبيت في بيته. وبالفعل، اقترح الخباز على الإمام أن ينام لديه. بينما كان الخباز يعجن العجين، كان يستغفر الله باستمرار، فقال له الإمام أحمد: “هل وجدت نتيجة لذلك؟” فأجابه الخباز: “نعم، وكل دعوة دعوت الله بها قد استجاب لي، باستثناء واحدة”، وسأله الإمام عن تلك الدعوة، فأجابه: “دعوت الله أن يريني الإمام أحمد بن حنبل”. عندها قال الإمام: “أنا أحمد بن حنبل، وقد جُررت إليك جراً”. لكن هذه القصة لا تُعتبر صحيحة عن الإمام أحمد بن حنبل.
كما أشار كل من الإمام ابن الجوزي في كتابه “مناقب الإمام أحمد” والإمام ابن النجار في “ذيل تاريخ بغداد” إلى رواية مشابهة عن الإمام أحمد. فقد روى أنه بعد إطلاق سراحه من محنة قول بخلق القرآن، خاف أن يأتي إليه إسحاق بن راهويه فذهب إليه، وعند وصوله إلى مدينة الري، دخل مسجداً. وعندما حان وقت الإغلاق، قيل له: “اخرج”، فرد عليهم: “هذا مسجد الله، وأنا عبد الله”. فتم إخراجه رغم المطر والرعد، وفي تلك الأثناء، خرج رجل من منزله وأخذ بيد الإمام إلى داره وأعطاه ثياباً جافة، ثم سحبه لتناول الطعام. وعندما سأل الرجل عن بلده، أجابه الإمام: “أنا من بغداد”، فقال الرجل: “هل تعرف أحمد بن حنبل؟” فأجاب الإمام: “أنا أحمد بن حنبل”، فقال الرجل: “وأنا إسحاق بن راهويه”. وقد أشار الإمام الذهبي إلى أن هذه القصة وُصفت بأنها موضوعة.
مؤلفات الإمام أحمد بن حنبل
كان الإمام أحمد ينصح تلاميذه بعدم كتابة أقواله، ولكن تم نقل بعض مؤلفاته، من أبرزها كتابه المعروف “المسند” الذي يحتوي على ثلاثين ألف حديث. كان يقول لابنه عبد الله: “احفظ هذا المسند، سيكون للناس إماماً”. وله مؤلفات أخرى في التفسير، والناسخ والمنسوخ، والتاريخ، وأيضاً كتاب “حديث شعبة”، و”المقدَّم والمؤخَّر” في القرآن، و”جوابات القرآن”، و”المناسك الكبير” و”الصغير”. نادراً ما توجد مسألة إلا وللإمام أحمد نص فيها من الفروع والأصول.
آراء الإمام أحمد في الزهد والتقوى
قال عمر بن صالح الطرطوسي: “ذهبت أنا ويحيى الجلاَّء إلى الإمام أحمد بن حنبل وسألته بما تلين القلوب؟ فأجاب: “بأكل الحلال”. وأيضاً ذكر أبو عصمة بن عاصم البيهقي: “نمت ليلة عند أحمد بن حنبل، فوضع لي الماء، فلما استيقظت وجدت الماء كما هو، فقال: سبحان الله! رجلٌ يطلب العلم لا يكون له وردٌ من الليل”. وعندما ودّع علي بن المديني الإمام أحمد، سأله: “أوصني بشيء”، فقال: “اجعل التقوى زادك”. بينما قال عبد الله ابن الإمام: “قلت لأبي يوماً: أوصني، فقال: انوِ الخير، فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير”.
زوجات الإمام أحمد بن حنبل وأبناؤه
تزوج الإمام أحمد بن حنبل من امرأتين؛ الأولى هي عباسة بنت الفضل، وأنجبت له ابناً عام 203 هـ، وهو صالح. وبعد وفاتها، تزوج الإمام من ريحانة بنت عمه عمر، حيث أنجبت له ابنًا آخر عام 213 هـ، وهو عبد الله. وبعد وفاة ريحانة -رحمها الله- اشترى الإمام جاريةً تُسمى حُسْن، والتي أنجبت له زينب، ثم التوأم الحسن والحسين، اللذان توفيا قريبًا من ولادتهما. وبعد ذلك رزق بالأبناء الحسن ومحمد، وبلغا الأربعين من العمر، ثم وُلد له سعيد فيما بعد.