عمر بن الخطاب
عُرف الصحابي الجليل عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب العدوي القريشي، حيث يلتقي نسبه مع نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي. وُلد -رضي الله عنه- في مكة بعد عام الفيل بسنوات ثلاث عشرة. من صفاته الخلقية، كان يتمتع بطول القامة، ولون بشرة أبيض يميل إلى الحمرة، كما كان أصلعاً قوي البنية، ويقوم بخضب شعره بالحناء والكتم.
أخلاق وصفات عمر بن الخطاب
الشجاعة
تُعتبر الشجاعة من أبرز السمات التي تمتع بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. كان لا يتردد في التضحية في سبيل الله والدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم. التاريخ والسير مليئتان بمواقف الشجاعة والثبات لعمر، حيث يُروى عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه استفسر عن سبب تسمية عمر بالفاروق، فأجابه بعدما سمع قصة إسلامه: “قلت يا رسولَ اللهِ أَلَسْنَا على الحقِّ إن مِتْنَا وإنْ حَيينَا؟ قال: بَلَى والذي نفسي بيدِهِ إنكم على الحقِّ وإن مِتُّمْ وإن حَييتمْ”. وعند خروج المسلمين إلى المسجد، رأوا قريشًا وقد خيم عليهم الكآبة، ومن هنا تمت تسمية عمر بالفاروق من قِبَل الرسول.
ولقد ذكر عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قائلاً: (واللهِ ما استطَعْنا أن نُصلّيَ بالبيتِ حتّى أسلَم عمرُ فلمَّا أسلَم عمرُ قاتَلهم حتَّى ودعونا فصلَّيْنا). الشجاعة التي تحلى بها الفاروق تجلت أيضاً في إعلانه إسلامه علنًا رغم خوفه من بطش قريش. فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال عنه: (ما لَقِيَكَ الشَّيْطانُ قَطُّ سالِكًا فَجًّا إلَّا سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ).
القوة
امتدّت قوة الفاروق -رضي الله عنه- لتشمل الجانب البدني والنفسي والإيماني. فقد اكتسب القوة البدنية من ظروف حياته وتربيته القاسية في مكة، حيث عايش صعوبات الحياة. وقد ورث قوة الإرادة من والده الخطاب بن نفيل الذي كان معروفًا بشدة بأسه. وكان الفاروق رجلًا ضخماً وطويل القامة، مما أعطاه هيبة بين الناس. كما كانت قوته البدنية تجعله مُميزاً في مشيته وقدرته على التحمل.
بالإضافة إلى ذلك، برزت قوته النفسية من شجاعته وصراحته، حيث لم يتردد في الإعلان عن حبه للنبي، وفي إسلامه الذي أعلنه بشكل جريء. وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أرْأَف أمتي بأمتي أبو بكرٍ، وأشدُّهم في دينِ اللهِ عمرَ).
العدل
كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مثالاً يُحتذى به في تحقيق العدل بين الناس. كان يقيم حدود الله بلا تمييز، حتى إنه كان يعتبر نفسه أمام الله، حيث قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- إن عمر كان يوجه أهل بيته ليكونوا قدوة. وفي مثال آخر، عندما عطل نهرٌ تقدم جيش في فارس، أعلن عمر -رضي الله عنه- عزله لقائد الجيش بعد وفاة أحد الجنود بسبب برودة الماء.
صواب الرأي
تميز عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بقدرته العالية على اتخاذ القرارات الصائبة. فقد نزل القرآن الكريم مؤيدًا لرأيه في عدة مناسبات، مثل معركة بدر والتي شهدت قتل سبعين من المشركين وسبْعِين أُسرَى. وقد اقترح الفاروق قتل الأسرى، ونزلت آيات قرآنية تأييدًا لهذا الرأي.
نشأة عمر بن الخطاب
وُلِد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في بيئة صعبة لم تعرف الرفاهية، حيث كان مُكلفًا برعاية الإبل منذ صغره وعمل بالتجارة حتى أصبح من أغنياء مكة. خلال فترة جاهلية، تبوأ مكانة مرموقة في المجتمع. وفي السنة السادسة من بعثة النبي، أسلم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد دعاء الرسول لعمله على نصرة الدين. وبعد إسلامه، لقب بالفاروق، حيث فرّق به الله بين الحق والباطل.