دعاء النبي محمد لأمته
كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مملوءًا بالرحمة وحرصًا عظيمًا على أمته، فقد بذل جهده في سبيل نجاتهم وبيان سبيل الحق لهم. قال الله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ).
وفي قوله تعالى: (حريص عليكم)؛ يعكس حبه العميق لمصلحة أمته، حيث كان يسعى جاهدًا لتحقيق خيرهم وهدايتهم إلى الإيمان ويؤلمه أن يروا أي انحراف عن الخير. فقد كان أرحم بالمسلمين من والديهم. ومن مظاهر حرصه عليهم كان يُكثر من الدعاء لهم، ومن هذه الأدعية ما يلي:
دعاء النبي لأمته في كل صلاة
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتذكر أمته في كل صلاة، كما روت عائشة -رضي الله عنها-: (عندما رأيتُ طِيب نفس النبي -صلى الله عليه وسلم-، قلتُ: يا رسول الله، ادعُ الله لي. فقال: (اللهم اغفر لعائشة ما تقدّم من ذنبها وما تأخر، ما أسرّت وما أعلنت). فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك. فقال لها النبي: (أيسُرُّكِ دعائي؟) فقالت: وما لي لا يسُرُّني دعاؤُكَ؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (والله إنّها لدعائي لأمّتي في كل صلاة).
ومن الأحاديث التي تدل على حرص النبي على أمته: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ قوله تعالى في إبراهيم: (ربّ إنّهن أضللن كثيراً من الناس، فمن تبعني فإنّه مني). كما قال عيسى -عليه السلام-: (إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم). فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله -عز وجل-: يا جبريل، اذهب إلى محمد، ورَبُك أعلم، فاسأله ما يُبكيك؟ فتحدث جبريل إلى النبي بما علمه الله.
دعاء النبي لأمته وتمّت استجابة بعضه
قال خباب بن الأرت -رضي الله عنه-: (صلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاةً فأطالها، فقالوا: يا رسول الله، لقد صلّيت صلاة لم تكن تصلّيها. قال: أجل، إنّها صلاة رغبة ورهبة، سألت الله فيها ثلاثًا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألتُه أن لا يهلك أمّتي بسَنة فأعطانيها، وسألتُه أن لا يسلّط عليهم عدوًا من غيرهم فأعطانيها، وسألتُه أن لا يذيق بعضهم بأس بعض، فمنعنيها).
هذا الحديث يُشير إلى دعاء النبي لأمته بعدم انقطاع نسلها كما حدث مع بعض الأمم السابقة مثل عاد وثمود، مما يجعل هذه الأمة محفوطة بإذن الله وباقية.
دعاء النبي لأمته يوم القيامة
لقد كانت لكل الأنبياء -عليهم السلام- دعوة مستجابة لأمتهم، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأنه أعدّ هذه الدعوة لتكون شفاعته يوم القيامة. فقد قال: (لكل نبي دعوة، فأريد -إن شاء الله- أن أختبئ دعواتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة). وهذا يوضح أن لكل نبي دعوة استجاب الله -عز وجل- لها، بينما نبينا أخر استجابة دعوته ليوم القيامة، تلبيةً للحاجة الملحة للشفاعة في ذلك اليوم.