أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي

أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي

تتعدد أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي، فهُناك العديد من العوامل التي يجب توافرها حتى يتم اعتبار المُتهم مُدان في هذه القضية، وبسبب كثرة حيثيات هذا الأمر واضطراب الأقاويل نستعرض لكم عبر موقع سوبر بابا أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي في مُحاولةٍ منا لقطع الشك باليقين.

أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي

على الرغم من شيوع استخدام كلمة غسيل الأموال إلا أن شريحة كبيرة من الناس يجهلون معنى هذه الجريمة، فمتى يُقال إن فُلانًا أجرم وقام بغسيل الأموال؟ لبيان ذلك علينا أن نتطرق إلى تعريف هذه الجريمة في المواد القانونية والدساتير التي ورد فيها هذا اللفظ حول العالم أجمع.

في قواميس القانون يُعتبر لفظ غسيل الأموال كناية عن جريمة يتم فيها الاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة ناتجة عن القيام بأمورٍ غير قانونية وغير شرعية مثل الإتجار بالأسلحة، المُخدرات، الأعضاء، الأطفال بالإضافة إلى تمويل الأعمال الإرهابية والتخريبية بكل تأكيد.

فكرة الغسيل هُنا هي التغطية على المصدر الحقيقي للأموال ومُحاولة التستر على الجرائم التي ارتكبها المالك الحالي لهذه الأموال عن طريق افتتاح بعض المشاريع مثلًا، ففي الكثير من الأحيان نُلاحظ ظهور سلسلة كبيرة من المحلات والمطاعم التي تفتتح فروعًا كثيرة على الرغم من عدم تحقيقها لنجاحات.

هذا الظهور يكون بشكل مُفاجئ، وبالرجوع إلى المالك جاءت العديد من التحقيقات الجنائية التي أثبتت كون مالك هذه المحلات يقوم بغسل الأموال، وعلى الرغم من سطحية المُصطلح إلا أن المعنى الحرفي لهذه الجريمة هي مُحاولة جعل الأموال القذرة والناتجة عن الجرائم في المقام الأول تبدو وكأنها نظيفة ومصدرها هذه المطاعم.

يتم تطبيق هذه الجريمة في سبيل القُدرة على صرف النقود فيما بعد بشكل لا يلفت الأنظار والشُبهات، ففي حال ما قام أحدهم بالسؤال عن مصدر هذه الأموال سيُقال له إنه يمتلك سلسلة من المحال ذات الصيت الواسع والانتشار في كافة المُدن.

هذا الفعل بكل تأكيد يُعتبر من الأمور التي يجرمها القانون في كُلِ حدبٍ وصوب، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص تسعى للتصدي إلى هذه الجرائم على الرغم من صعوبة التوصل لفاعليها وحقيقة مصادر الأموال، وهُناك عِدة شًروط وأركان لجريمة غسل الأموال في النظام السعودي يجب توافرها لتأكيد التُهمة ألا وهي:

1- الرُكن المادي للجريمة

يُعبر الرُكن المادي من أهم أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي، ويختص هذا الرُكن بالسلوك الإجرامي نفسه، والجدير بالذكر أن هذا السلوك الإجرامي والرُكن المادي للجريمة ينقسم بدوره إلى عدد من الصور ألا وهي:

  • تمويل الإرهاب بكافة أشكاله من عمليات، مُنظمات ومؤسسات بالإضافة إلى الأعمال التي تتسبب في نشاط العمل الإرهابي في المقام الأول.
  • العمل على إخفاء طبيعة الأموال والتعتيم على مصادرها، تحركاتها، مكانها وعمليات النقل الخاصة بها، ولكن من الشروط الضرورية لتحقيق هذا الشرط من شروط الإدانة وأركان الجريمة العلم بكون مصدر هذه النقود بعض الأعمال غير المشروعة وغير القانونية الإجرامية.
  • القيام بإجراء أية عمليات للبيع أو الشراء باستخدام هذه الأموال والمتحصلات مع العلم بكونها ناتجة عن الأعمال غير الشرعية والتي يُدينها القانون السعودي.
  • نقل الأموال والمُمتلكات أو المُتحصلات الناتجة عن النشاط الإجرامي، كما أن اكتساب هذه الأموال والعمل على استخدامها وصرفها مع العلم بمصدرها غير القانوني وغير المشروع يُدين المُتهم ويُعتبر من الأركان.

2- الرُكن المعنوي للجريمة

ينقسم الرُكن المعنوي من أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي على شقين اثنين ألا وهما القصد الجنائي العام، والقصد الجنائي الخاص، والتعريف الخاص بهذه الأركان تشتمل على ما يلي:

  • القصد الجنائي العام: علم المُتهم علم اليقين بكون مصادر هذه الأموال ناتجة عن القيام بنشاط إجرامي، وأن المصدر الخاص بها يندرج ضمن مصادر الكسب غير المشروع.
  • القصد الجنائي الخاص: أن يعمل المُتهم على استخدام هذه الأموال غير قانونية المصدر وتطويعها عن طريق العمل على الاستثمار بها أو افتتاح المشاريع التي من دورها أن تُساهم في إخفاء المصدر الرئيسي لهذه الأموال والتستر عليه.

3- الرُكن الملموس محل الجريمة

يختص هذا الرُكن من أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي بالعامل الملموس والمادي للجريمة ألا وهي النقود ذاتها، وهو الإثبات الأول والأبرز على قيام المُتهم بغسل الأموال، فمن المُمكن القول إنها محور القضية في المقام الأول.

هذه الأموال غير القانونية والناتجة عن عمليات الكسب غير المشروع لا تقتصر على الأموال الورقية والمادية، بل تتخطى ذلك إلى المنقولات والأصول الثابتة منها وغير الثابتة.

اجتماع أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي الثلاثة التي تم ذكرها أعلاه يُعد ضروريًا للغاية في سبيل إثبات كون المُتهم مُذنبًا، والإخلال بأيٍ منها يُعتبر من صور الأمور التي قد تُضيع الحقيقة.

لكن إثبات التُهمة يجعل الجاني يواجه ما جاء من نصوص ولوائح قانونية في نظام المملكة لمُكافحة هذه الجريمة الشنيعة في مُحاولة لصد كُل من سولت له نفسه وفكر في الإقدام على القيام بمثل هذه الجرائم.

نظام مُكافحة غسل الأموال في المملكة

في القانون السُعودي هُناك تعريف واضح وصريح لجريمة غسل الأموال، ويتم وصفها بكونها عمليات يقوم بها بعض المُجرمون في سبيل إضفاء صفة المشروعية والقانونية للمُتحصلات النقدية على الرغم من عدم قانونيتها في المقام الأول.

الأثر الاقتصادي والاجتماعي على حدٍ سواء الذي يترتب على هذه الجريمة يُعد كبيرًا للغاية وسلبيًا إلى حدٍ كبير، والبنك المركزي السعودي يعمل على وصف هذه الجرائم بكونها تتسبب بخطر جسيم في الجانب الاقتصادي والاجتماعي يعمل على إجراء خلل وضعف في المعايير المُجتمعية.

فغسل الأموال ينتج عنه فجوة اجتماعية كبيرة بين طبقات أبناء الوطن، وهذا يعمل على زيادة المُعدلات الخاصة بالفقر بشكل كبير وملحوظ.

لذا بالنسبة للمملكة العربية السعودية هذه الجريمة يتم اعتبارها من صور الجرائم التي لا يُمكن التهاون في مُعاقبة فاعلها حرصًا على ضمان العدل الاجتماعي وتوزيع الثروات بالشكل المنطقي والقانوني الذي نصت عليه التشريعات، الأعراف وغيرها من السندات واللوائح.

فالآثار الخاصة بغسل الأموال تتطور بشكل كبير لتتسبب على المدى البعيد بارتفاع في مُعدلات التضخم واضطرابات كبيرة في مستويات الأسعار مع ارتفاع غير منطقي وغير مقبول.

عقوبة مُرتكب الجريمة في القانون السعودي

أعلنت المملكة العربية السعودية في يوم الخامس من شهر صفر لعام 1439هـ عن إطلاق مرسوم ملكي يحمل رقم (م/20)، وهو مرسوم من إصدار الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود طيب الله أثره ولي عهد المملكة العربية السعودية السابق وخادم الحرمين الشريفين.

استند هذا المرسوم على المادة رقم 70 من النظام الأساسي للحُكم في المملكة، وهو القانون الصادر بالأمر الملكي رقم (أ / 90) وغيرها من المواد النابعة من مجلسي الوزراء والشورى على حدٍ سواء.

تم في هذا المرسوم الموافقة على نظام مُكافحة غسل الأموال بالصيغة التي عمل مجلس الوزراء على إرفاقها، بالإضافة إلى إصدار الأمر لنائب رئيس مجلس الوزراء والوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية والمعنية المُستقلة والحكومية في المملكة بتنفيذ المرسوم.

في هذا الأمر الملكي تم ذكر أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي، كما تم تحديد وتوضيح عقوبة مُرتكب هذه الجريمة، وقد جاءت هذه العقوبات في المادة السابعة والعشرين من قانون نظام مُكافحة غسل الأموال، ونصت هذه المادة على أنه:

يعاقب كل من يرتكب جريمة غسل الأموال -المنصوص عليها في المادة (الثانية) من النظام- بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز خمس عشرة سنة، أو بغرامة لا تزيد على سبعة ملايين ريال، أو بكلتا العقوبتين؛ إذا اقترنت الجريمة بأي من الآتي:

1- ارتكابها من خلال جماعة إجرامية منظمة.

2- استخدام العنف أو الأسلحة.

3- اتصالها بوظيفة عامة يشغلها الجاني، أو ارتكابها باستغلال السلطة أو النفوذ.

4- الاتجار بالبشر.

5- استغلال قاصر ومن في حكمه.

6- ارتكابها من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية أو في مرفق خدمة اجتماعية.

7- صدور أي حكم سابق محلي أو أجنبي بإدانة الجاني.

ما بعد تنفيذ العقوبة

نصت المادة الثامنة والعشرون من نفس القانون على أنه بعد انتهاء فترة العقوبة يُمنع المواطن سعودي الجنسية المحكوم عليه بعقوبة السجن في هذه الجريمة من السفر إلى خارج حدود المملكة نفس المُدة التي حُكم عليه بها بالسجن.

أما فيما يخص غير السعوديين فيتم إبعادهم خارج حدود المملكة بعد الانتهاء من إتمامه للعقوبة، ويتم بعدها حظره من العودة إلى المملكة العربية السعودية مدى الحياة.

الجدير بالذكر أن أكثر طُرق وأساليب غسل الأموال شيوعًا في المملكة العربية السعودية هي القيام بالتحويلات المالية، ففي الكثير من الأحيان يطلب أحدهم إجراء عملية تحويل من خلال حسابك لعدم امتلاكه حساب مثلًا، هذا يُعتبر مُساهمة ومُشاركة في غسل الأموال لذا وجب عليك أخذ الحيطة والحذر.