أرقى قصائد الغزل في العصر العباسي
- يقول الشاعر ابن المعتز:
قد صد قلبي قمرٌ
يسحر منه النظرُ
وقد فنيت بعده
وضاع ذاك الحذرُ
بوجهٍ كأنما
يقدح منها الشررُ
وشاربٍ قد همَّ أو
نمَّ عليه الشعرُ
ضعيفةٌ أجفانهُ
والقلب منه حجرُ
كأنما ألواحُهُ
من فعله تعتذرُ
لم أرَ وجهًا مثل ذا
نجا عليه بشرُ
- يقول ابن الرومي:
يا قمرًا فوق رأسه تاجٌ
يخجل من حسن لونه العاجُ
إذا تمشى يكاد يجذبه
ردفٌ له كالكثيب رَجراجُ
كأنما في جيوبه قمرٌ
وفي السروايل منه أمواجُ
إن كنت عني متمتعًا بغنىً
فإن فقري إليك محتاجُ
- يقول البحتري:
كدتُ أقضي إذا غاب عني الحبيبُ
وسواءٌ حضورهُ والمغيبُ
كنتُ إن جئته لأشكو إليه
مَضَضَ الحبِّ قالَ أنتَ كذوبُ
وعسى اللهَ أن يُفرِّحَ ما أص
بحتُ فيهِ وكلُّ آتٍ قريبُ
أنا في أسرتي وأهلي كأني
بينهم حينَ لا أراكَ غريبُ
من قروحٍ نبَتنَ في كبدٍ جا
دَ عليها من البكاء شؤبوبُ
فأهيني أو أكرمي فلعمري
ما لأُنثى سواكِ عندي نصيبُ
- ويقول أيضًا:
أميرتي لا تغفري ذنبي
فإن ذنبي شدة الحبِّ
يا ليتني كنتُ أنا المُبتلى
منكِ بأدنى ذلك الذنبِ
حدثتُ قلبي عنكم كاذبًا
حتى قد استحييتُ من قلبي
إن كان يرضيكم عذابي وأن
أموت بالحسرة والكربِ
فالسَمع والطاعة مني لكم
حسبي بما يرضيكم حسبي
قصائد غزل للشاعر المرقش الأكبر
- قال الشاعر:
قل لأسماء أنجزي الميعادَ
وانظري أن تزوديني منكِ زادًا
أينما كنتِ أو حللتِ بأرضٍ
أو بلادٍ أحييتِ تلكَ البلادا
إن تكوني تركتِ ربعتك بالشأ
مِ جاوزتِ حُميرًا ومُرادًا
فارتمي أن أكون منكِ قريبًا
فاسألي الصادرين والورّادا
وإذا ما رأيتِ ركبًا مخبِّ
ين يقودون مقرباتٍ جِيادًا
فهمُ صحبتِي على أرحلِ المَيْسِ
يزجُّون أينقًا أفرادًا
وإذا ما سمعتِ من نحوِ أرضٍ
بمُحبٍ قد ماتَ أو قيلَ كادا
فاعلمي غير علم شَكٍّ بأنّي
ذاكِ وأبكي لمُصَفّدٍ أن يُفادى
أو تناءت بكِ النوى فلقد قادتِ
فؤادي لحينه فانقادا
ذاك أني علقت منكِ جوى الحبّ
وليدًا فزدتُ سنًا فزادا
- ويقول أيضًا:
أغالبك القلب اللجوج صبابةً
وشوقًا إلى أسماء أم أنتَ غالبُهْ
يهيمُ ولا يعيا بأسماء قلبُه
كذاك الهوى إمرارُه وعواقِبُهْ
أيُلحى امرؤ في حبَّ أسماء قد نأى
بغمزٍ من الواشين وازورَّ جانبُهْ
وأسماء هَمُّ النفس إن كنتَ عالمًا
وبادي أحاديث الفؤادِ وغائبهْ
إذا ذكرَتْها النفسُ ظلْتُ كأني
يُزعزعني قفقاف وِردٍ وصالبُهْ
قصيدة “هل لقلبي قرار”
- يقول الشاعر ابن زهير الحفيد:
هل لقلبى قرار
والأحبة ساروا
رواحًا
يا فؤادَي عزاء
كان ما الله شاء
هل تردّ القضاء
فلتوالِ الدعاء
أن يرد القطار
فيعود المزار
سراحًا
كتَموا الاِرتحالا
عن كئيبٍ نكالا
ثم زموا الجمالا
وعلوها الجمالا
حيث ساروا أناروا
والليالي أصاروا
صباحا
إذ نأوا بارتحال
وسروا بالهلال
طالعا في كمال
من سُتور الحِجال
ليت أني جار
لهم ما النهار
ألاحا
تركوا بالمغاني
هائم القلب عاني
مغرماً بالأماني
نادبًا للحسان
مفرّدا لا يُزارُ
أوحشته الديارُ
فناجا
لا أُسمّي حبيبي
خوفَ واشٍ رقيبِ
يا عليم الغيوبِ
أنتَ تدري الذي بي
قلبي المُستطار
خانَهُ الاصطبار
فباحا
إن نأوا بفؤادي
وتوخوا بعادي
وأراحوا رقادي
يا إله العباد
لقّهُم حيث ساروا
أنجدوا أم أغاروا
نجاحا
أروع قصائد الغزل
- يقول الشاعر الأعشى:
أجدَّكَ لم تَغتَمِض ليلةً
فتَرقُدَها مع رُقادِها
تَذَكَّرُ تَيّا وأَنّى بها
وقد أخلَفَت بعضَ ميعادِها
فميطي تميطي بصُلبِ الفؤادِ
وصولِ حبالٍ وكَنّادِها
ومِثلِكِ مُعجَبَةٍ بالشَبا
بِصاك العَبيرُ بأجسادِها
تَسَدَّيتُها عادني ظلمةٌ
وغفلةُ عينٍ وئقاداتِها
فَبِتُّ الخليفَةَ من زَوجِها
وسَيّدَ نُعمٍ ومُستادِها
ومُستَدبِرٍ بالَّذي عندَهُ
على العاذِلاتِ وإرشادِها
وأبيضَ مُختَلِطٍ بالكِرا
ما يَتَغَطّى لِأنفادِها
أتاني يُؤامِرُني في الشَمو
لِليلاً فقلتُ له غادِها
أرحنا نُباكِرُ جدَّ الصَبو
حِقبلَ النُفوسِ وحَسّادِها
فقُمنا ولمّا يَصِح ديكُنا
إلى جَونَةٍ عندَ حدّادِها
تَنَخَّلَها مِن بِكارِ القِطافِ
أُزَيرِقُ آمِنُ إِكسادِها
فقُلنا له هَذِهِ هاتِها
بِأَدْماءَ في حَبلِ مُقتادِها
فقالَ تزيدونني تِسعَةً
ولَيسَت بِعَدْلٍ لأَندادِها
فقلتُ لمِنصَفِنا أَعطِهِ
فلَمّا رأى حَضرَ شُهّادِها
أَضاءَ مِظَلَّتَهُ بِالسِرا
جِ والليلُ غامِرُ جدّادِها
دَراهِمُنا كُلَّها جَيِّدٌ
فلا تَحبِسَنّا بِتَنقادِها
فَقَامَ فَصَبَّ لَنا قَهوَةً
تُسَكِّنُنا بَعدَ إِرعادِها
كُمَيتاً تَكَشَّفُ عَن حُمرَةٍ
إذا صَرَّحَت بَعدَ إِزبادِها
كَحَوصَلَةِ الرَألِ في دَنِّها
إذا صُوِّبَت بَعدَ إِقعادِها
- يقول الشاعر القاضي الفاضل:
قل للحبيب إذا تلوتَ لنا اسمَهُ
أفلا تلوتَ به أبا السبطينِ
الناسُ كَنّوهُ بسبطٍ واحدٍ
واللهُ كَنّاهُ أبا الفتحتينِ
ما الفتحُ مثلُ السَدِّ يفدي بالغَ
فتحَيْنَ مِنهُ بالِغُ السَدَّينِ
قصرت مَهابَتُهُ العيونَ فكلُّ ذي
عينٍ يَوَدُّ فِداهُ بالعَينَينِ
لِمَ لا تُفَدّى بِالعُيونِ يَدٌ إِذا
أعطت فكلُّ يدٍ تَروحُ بعينِ
- يقول الشاعر ابن زيدون:
يا غزالاً أَصارَني
موثَقاً في يَدِ المِحَن
إنني مُذ هجَرتَني
لم أذُق لَذَّةَ الوَسَن
ليتَ حظّي إشارَةٌ
مِنكَ أو لحظةٌ عَنَن
شافِعي يا مُعَذِّبي
في الهوى وجهكَ الحَسَن
كنتُ خلوًا منَ الهوى
فأنا اليومَ مُرتَهَن
كانَ سِرّي مُكَتَّماً
وهوَ الآنَ قَد عَلَن
ليسَ لي عَنكَ مَذهَبٌ
فكما شئتَ لي فكُن
- يقول الشاعر ابن سناء الملك:
نسيمُ ربْعك أفديه بأنفَاسي
وصوتُ حليك أحكيه بوَسواسِ
يا حاجبيةُ مِن قوسٍ بحاجبها
ردّت سهامُك ما قالَتْه أقواسي
أُسْمَى بِضَحَّاك فَوْزي فيكِ من كربٍ
وفوزُ غيري يسميه بعبّاسِ
حبسٌ عليكِ قلوبُ الخلقِ قاطبةً
فحسنُ وجهِك ديوانٌ لأحْباس
إن غابَ قدُّك في مخضَرِّ بُردَتِه
غالطتُ قلبي بأغصانٍ من الآس
وقلتُ والنفسُ غَرْقى في كَرى ولهي
أَفْدِي فماً لكِ أَضْحَى طيفُه كاسي
لو لنتِ لي مِتُّ من عشقٍ ومن كَلِف
فلستُ أَشكرُ إلاَّ قلبَكَ القاسِي
ينسى ادكاريَ والنسيانُ يذكره
يا حرَّ قلباه من ذا الذَّاكِر الناسِي