قصيدة لوليتا
- يقول الشاعر:
عندما بلغ عمري خمس عشرة
أصبحت أجمل تِرَة بألف مرة
أصبح حبي لك أكبر
بألف مرة..
ربما مر عامان
لم تكن تعير اهتماماً لوجهي المدور
كان جمالي متوسّطاً..
وفساتيني كانت تغطي الركبتين
أتاني إليك بثوبي المدرسي
وشريطي القرمزي
كان يكفيني أن تهديني
دمية.. قطعة سكر..
لم أكن أطلب أكثر من ذلك
ثم تطورت الأمور..
فبعد ذلك، لم أعد أقبل بقطعة سكر وحدها
ودميتي.. كنت أركلها بعيداً
أصبحت اللعبة أكبر وأخطر
بألف مرة..
أنت الآن اللعبة الأعظم في حياتي
أصبحت أجمل لعبة بين يدي
عندما بلغ عمري خمس عشرة..
عندما بلغ عمري خمس عشرة
كل ما في داخلي أصبح يغني ويتفتح
كل شيء.. أصبح أخضر
شفتيَّ كخوخ.. وياقوت مهشم
وفي صدري ضحك قبة من الرخام
وينابيع.. وشمس.. وصنوبر
أصبح المرآة تخدر إذا تلمس نهدي
والذي كان طبيعياً منذ عامين يتحول
فتخيل..
الطفلة التي كانت تلعب عند بابك
والتي كانت تغفو في حضنك عندما تتعب
أصبحت دُرّة ثمينة..
لا يمكن تقديرها..
عندما بلغ عمري خمس عشرة
أصبحت أجمل..
وسيدعونني للرقص.. وسأقبل
سأتلفّف بشالٍ من القصب
وسأبدو كالأميرات في قاعة عربية..
لن تخجل مني بعد اليوم
لأنني أصبحت أطول..
آه، كم رددت صلواتي لأكون أطول..
إصبعٍ أو إصبعين..
آه.. كم حاولت أن أظهر أكبر
لسنة أو سنتين..
آه.. كم كنت غاضبة من وجهي المدور
وذؤاباتي.. وثوبي المدرسي
وعلى الحب.. بصورة أبوية
لا تعاملني بصفة أبوية
لأنني أصبحت في الخامسة عشرة.
قصيدة لا غالب إلا الحب
- يقول الشاعر:
رغم ما يثور في عيني من اضطراباتٍ
ورغم ما يسكن في عينيك من أحزان
رغم العصر الذي
يطلق النار على الجمال، كما كان..
والعدل، كما كان..
والرأي، كما كان
أقول: لا غالب إلا الحب
أقول: لا غالب إلا الحب
للمرة المليون..
لا غالب إلا الحب
فلا يمنعنا من اليباس،
إلا شجر الحنان..
رغم هذا الزمن المظلم
ويقتل الكتاب…
ويطلق النار على الحمام.. والورود..
والأعشاب..
ويدفن القصائد العظيمة..
في مقبرة الكلاب..
أقول: لا غالب إلا الفكر
أقول: لا غالب إلا الفكر
للمرة المليون،
لا غالب إلا الفكر
ولن تموت الكلمة الجميلة
بأي سيفٍ كان…
وأي سجنٍ كان.
وأي عصرٍ كان…
رغم الذي حاصروا عينيك..
وأحرقوا الخضرة والأشجار
أقول: لا غالب إلا الورد..
يا حبيبتي.
والماء، والأزهار.
رغم كل الجدب في أرواحنا
وندره الغيوم والأمطار
ورغم كل الليل في أعيننا
لا بد أن ينتصر النهار…
في زمنٍ تحوّل القلب فيه
إلى إناءٍ من خشب..
وأصبح الشعر فيه،
في زمن اللاعشق.. واللاحلم.. واللابحر..
أقول: لا غالب إلا النهد..
أقول: لا غالب إلا النهد..
للمرة المليون،
لا غالب إلا النهد..
وبعد عصر النفط، ومازوت
لا بد أن ينتصر الذهب…
رغم هذا الزمن المليء بالشذوذ.
والحشيش..
والإدمان..
رغم عصرٍ يكره التمثال، اللوحة،
والعطور..
رغم هذا الزمن الهارب..
إلى عبادة الشيطان..
رغم من سرقوا أعمارنا
وانتزعوا من جيوبنا الأوطان
رغم ألف مخبرٍ محترفٍ
صممه مهندس البيت مع الجدران
رغم آلاف التقارير التي
يكتبها الجرذان للجرذان
أقول: لا غالب إلا الشعب
أقول: لا غالب إلا الشعب
للمرة المليون،
لا غالب إلا الشعب.
فهو الذي يقدّر الأقدار
وهو العليم، الواحد، القهار…
رغم آلاف التقارير التي
يكتبها الجرذان للجرذان
أقول: لا غالب إلا الشعب
أقول: لا غالب إلا الشعب
للمرة المليون،
لا غالب إلا الشعب.
فهو الذي يقدّر الأقدار
وهو العليم، الواحد، القهار…
قصيدة على عينيك يضبط العالم ساعاته
- يقول الشاعر:
قبل أن تصبحي حبيبتي
كان هناك أكثر من تقويمٍ للزمن.
كان للهنود نظامهم،
وللصينيين نظامهم،
وللفرس نظامهم،
وللمصريين نظامهم،
ولكن بعد أن أصبحت حبيبتي
صار الناس يقولون:
السنة الألف قبل عينيها
والقرن العاشر بعد عينيها.
وصلت في حبك إلى حد التبخر
وأصبح ماء البحر أكبر من البحر
ودمع العين أكبر من العين
ومساحة الطعنة..
أكبر من مساحة اللحم.
أتوحد بك أكثر
بت أصبحت شفتاي لا تكفيان لتغطية شفتيك
وذراعاي لا تكتفيان لتطويق خصرك
وصارت الكلمات التي أعرفها
أقل بكثير،
من عدد الشامات التي تطرز جسدك.
لم يعد بوسعي،
فمنذ أعوامٍ،
وهم يعلنون في الجرائد أنني مفقود
ولا زلت مفقوداً..
حتى إشعارٍ آخر..
لم يعد بوسع اللغة أن تقولك..
صارت الكلمات كخيولٍ خشبية
ولا تطالك..
كلما اتهموني بحبك..
أشعر بتفوقي.
وأعقد مؤتمراً صحفياً،
أوزع فيه صورك على الصحافة،
وأظهر على شاشة التلفزيون
وأنا أضع في عروة ثوبي
وردة الفضيحة..
كنت أستمع إلى العشاق
يتحدثون عن أشواقهم
فأضحك..
وشربت قهوتي وحيداً..
عرفت كيف يدخل سيف الشوق في الخاصرة
ولا يخرج أبداً..
مشكلتي مع النقد
أنني كلما كتبت قصيدةً باللون الأسود
قالوا إنني نقلتها عن عينيك..
أنني كلما نفيت علاقتي بك
سمعن خشخشة أساورك
في ذبذبات صوتي
ورأين قميص نومك
لا تعوديني عليك..
فقد نصحني الطبيب
أن لا أترك شفتي في شفتيك
أكثر من خمس دقائق
وأن لا أجلس تحت شمس نهديك
أكثر من دقيقةٍ واحدةٍ
إن كنت تعرفين رجلاً..
يحبك أكثر مني
فدليني عليه
لأهنئه..
وأقتله بعد ذلك..
أكثر من دقيقةٍ واحدةٍ
حتى لا أحترق..
إن كنت تعرفين رجلاً..
يحبك أكثر مني
فدليني عليه
لأهنئه..
وأقتله بعد ذلك.
قصيدة حب 1980
- يقول الشاعر:
يصبح دمي بنفسجياً..
تهجم كريات العشق على بقية الكريات
وتأكلها..
تهجم الكلمة الأنثى على بقية الكلمات
وتطردها…
ويكتشفون من تخطيط قلبي..
أنه قلب عصفور..
أو قلب سمكة..
وأن مياه عينيك الدافئة..
هي بيئتي الطبيعية
والشرط الضروري لاستمرار حياتي..
عندما تصبح المكتبات
ويصبح مكتب البريد
حقلاً من النجوم.. والأزهار… والحروف المقصبة
أقع في إشكالٍ لغويٍ كبير..
أسقط من فوق حصان الكلمات
كرجلٍ لم ير الخيل في حياته..
ولم ير النساء..
آخذ صفراً في الأدب
آخذ صفراً في الإلقاء
أرسب في مادة الغزل
لأنني لم أستطع أن أقول بجملةٍ مفيدة
كم أنت رائعة
وكم أنا مقصرٌ في مذاكرة وجهك الجميل
وفي قراءة الجزء العاشر بعد الألف..
من شعرك الطويل…
اشتغلت عاماً كاملاً
على قصيدةٍ تلبسينها عام 1980
إلا هدايا القلب
إلا أساور حناني…
اثني عشر شهراً.. وأنا أشتغل
كدودة الحرير أشتغل..
مرةً بخيطٍ وردي..
ومرةً بخيطٍ برتقالي..
حيناً بأسلاك الذهب
وحيناً بأسلاك الفضة
لأفاجئك بأغنية..
تضعينها على كتفيك كشال الكشمير..
ليلة رأس السنة..
وتثيرين بها مخيلة الرجال.. وغيرة النساء..
اثني عشر شهراً..
وأنا أعمل كصائغٍ من آسيا..
في تركيب قصيدةٍ..
تليق بمجد عينيك..
والياقوتة بالياقوتة..
وأصنع منها حبلاً طويلاً.. طويلاً من الكلمات
أضعه حول عنقك.. وأنا أبكي…
اثني عشر شهراً
وأنا أعمل كنساجي الشام
وفلورنسا.. والصين.. وبلاد فارس..
في حياكة عباءةٍ من العشق..
لا يعرف مثلها تاريخ العباءات..
ولا تاريخ الرجال..
اثني عشر شهراً..
وأنا في أكاديمية الفنون الجميلة
أرسم خيولاً بالحبر الصيني
تشبه انفلات شعرك
وأعجن بالسيراميك أشكالاً لولبية
تشبه استدارة نهديك..
وعلى الزجاج رسمت..
صنعت الأصوات التي لها رائحة..
والرائحة التي لها صوت..
ورسمت حول خصرك ريحاً بالقلم الأخضر..
حتى لا يخطر بباله أن يصبح فراشةً.. ويطير
اثني عشر شهراً..
وأنا أكسر اللغة إلى نصفين..
والقمر إلى قمرين..
قمرٍ تستلمينه الآن..
وقمرٍ تستلمينه في بريد عام 1980