إذا كنت من عشاق الشعر الصوفي، فإن هذا المقال هو الخيار الأمثل لك، حيث سنستعرض سوياً أروع ما قيل في هذا المجال.
سنسلط الضوء على أبرز مقتطفات الشعر الصوفي، ونتناول تعريفه وخصائصه، فتابع قراءة هذا المقال.
الشعر الصوفي
- يعود أصل الشعر الصوفي إلى الفترة الأولى للدولة الإسلامية، وكان من وسائل نشر الأفكار بين العرب والمسلمين.
- يُعد الشعر الصوفي من أجمل أشكال الأدب العربي، حيث يجسد معاني الحب والسلام الداخلي بصورة رقيقة.
- تحتوي أشعار الصوفية على عبارات تحمل أعمق المشاعر، مما يشعر القارئ براحة نفسية كبيرة.
- عبر العديد من الشعراء الصوفيين عن أفكارهم العميقة، ومن بين هؤلاء الشعراء برز جلال الدين الرومي.
- وكذلك عفيف الدين التلمساني وابن فارض وغيرهم من الشعراء الذين أبدعوا في هذا الفن.
- يمكن لأي شخص قراءة هذه الأشعار الرائعة المليئة بالفصاحة، مما يمنح القارئ شعوراً بالسعادة والراحة.
- يمتاز الشعر الصوفي بفرادته عن باقي أنواع الشعر.
- يتطلب فهم الشعر الصوفي معرفة عالية واطلاع واسع.
- ظهر الشعر الصوفي استجابةً لأفكار المتصوفة في بداية الدولة الإسلامية.
أجمل ما قاله الصوفية
كما ذكرنا، الشعر الصوفي هو تجسيد واضح لأسمى معاني الحب النابعة من القلب.
إليك أبرز الأشعار التي تعكس فكر الصوفيين وما يتميزون به:
أشعار ابن الفارض
تِهْ دَلاَلاً فأَنْتَ أهْلٌ لِذَاكا وتحَكّمْ فالحُسْنُ قد أعطاكا
ولكَ الأمرُ فاقضِ ما أنتَ قاض فَعَلَيَّ الجَمَالُ قد وَلاّكَا
وتَلافي إن كان فه ائتلافي بكَ عَجّلْ به جعِلْتُ فِداكا
وبِمَا شِئْتَ في هَواكَ اختَبِرْنِي فاختياري ما كان فيِه رِضَاكَا
فعلى كلّ حالَةٍ أنتَ مِنّي بيَ أَوْلى إذ لم أَكنْ لولالكا
وكَفَاني عِزّاً بحبّكَ ذلّي وخضوعي ولست من أكْفاكا
وإذا ما إليكَ بالوَصْلِ عَزّتْ نِسْبَتي عِزّةً وصَحّ وَلاكا
فاتّهامي بالحبّ حَسْبي وأنّي بَيْنَ قومي أعَدّ مِنْ قَتْلاَكَا
لكَ في الحيّ هالِكٌ بِكَ حيٌّ في سبيلِ الهَوَى اسْتَلَذّ الهَلاَكَا
عَبْد رِقّ ما رَقّ يوماً لعَتْقٍ لَوْ تَخَلّيْتَ عنه ماخَلاّكا
بِجَمَالٍ حَجَبْتَه بجَلاَلٍ هامَ واستَعْذَبَ العذابَ هناكا
وإذا ما أَمْنُ الرّجا منهُ أدْنا كَ فعَنْهُ خَوْف الحِجى أَقصاكا
فبِإقْدَام رَغْبَةٍ حينَ يَغْشا كَ بإحجامِ رَهبْةٍ يخشاكا
ذابَ فلبي فَأْذَنْ لَهْ يَتَمَنّا كَ وفيِه بَقِيّةٌ لِرَجَاكَا
أو مرِ الغمْضَ أَنْ يَمرّ بجَفْنِي فكأني بِهِ مطِيعاً عَصَاكا
فعسى في المَنام يَعْرِض لي الوَهْ م فيوحي سِرّاً إليّ سراكا
وإذا لم تنْعِشْ بِرَوْحِ التّمَنّي رَمَقِي واقتضى فنائي بَقاكا
وحَمَتْ سنّة الهوَى سِنَةَ الغُمْ ضِ جفونِي وحَرّمَتْ لقْياكا
أبْقِ لي مقْلَةً لَعَلّيَ يوماً قبل مَوتي أَرَى بها مَنْ رآكا
أينَ مِنّي ما رمْتُ هيهات بل أي نَ لعَيْنِي بالجَفْنِ لثمُ ثَراكا
فبَشيري لو جاء منكَ بعَطْفٍ وَوُجُودي في قَبْضَتِي قلتُ هاكا
قد كفى ما جرَى دماً من جفُونٍ بك قرحَي فهل جرى ما كفاكا
فأَجِرْ من قِلاَكَ فيك معَنّىً قبلَ أَن يعرفَ الهَوَى يَهواكا
هَبْكَ أنَ اللاّحي نَهاهُ بِجَهْلٍ عنك قل لي عن وَصْلِهِ من نَهاكا
وإلى عِشْقِكَ الجَمالُ دعاهُ فإلى هجَرِهِ ترى من دعاكا
أتُرى من أفتَاكَ بالصّدّ عنّي ولغَيري بالوُدّ مَن أفتاكا
بانْكِسَاري بِذِلّتي بخُضوعي بافْتِقَاري بفَاقَتي بغِناكا
لا تَكِلْنِي إلى قوَى جَلَدٍ خا نَ فإنّي أَصْبَحْتُ من ضعَفَاكَا
كنْتَ تجْفُو وكان لي بعضُ صَبْرٍ أحسَنَ اللهُ في اصطباري عَزاكا
كم صدوداً عساكَ ترْحَمُ شكْوا يَ ولو باسْتِمَاعِ قولي عساكا
شَنّعَ المرْجِفونَ عنكَ بِهَجري وأشاعُوا أنّي سَلَوْتُ هَواكا
تابع أشعار ابن الفارض
ما بأحشائهِمْ عشِقْتُ فأسلُو عنك يوماً دعْ يهجُروا حاشاكا
كيفَ أسلو ومقْلَتي كلّما لا حَ برَيْقٌ تلَفّتَتَ لِلِقاكا
إنْ تَبَسّمتَ تحتَ ضوءِ لِثَامٍ أو تَنَسّمْتُ الرّيحَ من أنْباكا
طِبْتُ نفْساً إذ لاحَ صبْحُ ثنايا كَ لِعَيْنِي وفاحَ طيبُ شذاكا
كلُّ مَنْ في حِمَاكَ يَهْوَاكَ لكِن أنا وحدي بكُلّ من في حِماكا
فيكَ معنىً حَلاّكَ في عينِ عقلي وبه ناظري معَنّى حِلاكا
فقْتَ أهْلَ الجمال حسْناً وحسْنى فَبِهِمْ فاقةٌ إلى معناكا
يحْشَرُ العاشقونَ تحتَ لِوائي وجميعُ المِلاحِ تحتَ لِواكا
ما ثناني عنكَ الضّنَى فبماذا يا مَلِيحُ الدّلالُ عني ثناكا
لكَ قرْبٌ منّي بِبُعْدِكَ عنّي وحنُوٌّ وجَدْتُه في جَفاكا
عَلّمَ الشّوقُ مقلتي سَهَر اللَّيْ لِ فصارت من غيرِ نوْم تراكا
حبّذا ليلَةٌ بها صِدْتُ إسْرا كَ وكان السّهادُ لي أشْراكا
نابَ بدرُ التّمامِ طَيْفَ مُحَيّا كَ لطَرْفي بيَقْظَتي إذ حكاكا
فتراءيتَ في سِواكَ لِعَيْنٍ بكَ قَرّتْ وما رأيتُ سِواكا
وكذاكَ الخليلُ قَلّبَ قبلي طَرْفَهُ حين راقبَ الأفلاكا
فالدّياجي لنا بكَ الآن غرٌّ حيثُ أهديتَ لي هُدىً من سَناكا
ومتى غِبْتَ ظاهِراً من عياني ألفِهِ نحوَ باطني ألقاكا
أهلُ بَدْرٍ رَكْبٌ سَرَيْتَ بلَيْلٍ فيه بل سار في نَهار ضياكا
واقتباسُ الأنوارِ من ظاهري غيرُ عجيبٍ وباطني مأواكا
يعبَقُ المسْكُ حيثُما ذكر اسمي منْذُ نادَيْتَني أقَبّلُ فاكا
ويَضُوعُ العبيرُ في كلّ نادٍ وهْوَ ذِكْرٌ معَبِّرٌ عن شذاكا
قال لي حسنُ كلّ شيءٍ تجلّى بي تَمَلّى فقلتُ قَصدي وراكا
لي حبيب أراكَ فيه معَنّىً غرّ غَيري وفيه مَعنىً أراكا
إن توَلّى على النّفوس تَوَلّى أو تجَلّى يستعبِدُ النُّساكا
فيه عوّضتُ عن هداي ضلالاً ورَشادي غَيّاً وسِتري انهتاكا
وحّدَ القلبُ حبّهُ فالتِفاتي لكَ شِرْكٌ ولا أرى الإِشراكا
يا أخا العّذلِ فيمن الحُسْنُ مثلي هامَ وجْداً به عَدِمْتُ أخاكا
لو رأيتَ الذي سَبَانيَ فيه مِنْ جَمالٍ ولن تراهُ سبَاكا
ومتى لاحَ لي اغتَفَرْتُ سهادي ولعَيْنَيّ قلْتُ هذا بِذاكا
أشعار الحلاج
تُعد القصيدة التي تتناول الهجر والفراق من أجمل ما قيل، على سبيل المثال: “ما لي بعْد بعدَ بعدك”:
كما قال الشاعر الحلاج: فَما لِيَ بَعدَ بُعدِكَ بَعدَما تَيَقَّنْت أَنَّ القُربَ وَالبُعدَ واحِدُ وَإِنّي وَإِن أُهْدِرَتْ فَالهَجرُ صاحِبي وَكَيفَ يَصِحّ الهَجرُ وَالْحُبّ واحِدُ لَكَ الحَمدُ في اَلتَّوْفِيق في بَعضِ خالِصٍ لِعَبدٍ زَكِيّ ما لِغَيرِكَ ساجِدُ.
كما أظهرت أشعار الحلاج وكلمات ابن الفارض مدى تعبير الشعراء الصوفيين عن تجاربهم ومشاعرهم.
سنتناول الآن أبرز مميزات الشعر الصوفي.
مميزات الصوفية
يمتاز الشعر الصوفي بخصائص عديدة تجعله مختلفًا عن غيره من الأنواع الأدبية، منها:
- سعى الشعراء الصوفيون إلى الكشف عن المعنى الحقيقي للكلمات، وهو أحد أبرز أساليب الشعر الصوفي.
- وهبهم الله سبحانه وتعالى الإلهام الروحي، محاولين عدم الكشف عن هيكله.
- استخدام الألفاظ الروحية في التعبير عن أشعارهم يُعتبر شائعاً.
- الإشارة إلى رموز ودلالات خاصة تميز هذا النوع.
- تتميز أشعارهم بجمال الروح والأفكار التي تعكس الرؤية الصوفية.
- ومن بين أبرز الشعراء الصوفيين كانت الشاعرة رابعة العدوية.
قصيدة: راحتي في خَلوتي
كما عبرت الشاعرة رابعة العدوية:
راحتي يا إخوتي في خلوتي وحبيب دائماً في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضاً وهواه في البرايا محنتي
حيثما كنت أشاهد حسنه فهو محرابي إليه قبلي
إن مت وجداً وما تم رضى واعنائي في الورى واشقوتي
يا طبيب القلب يا كل المنى جد بوصلٍ منك يشفي مهجتي
يا سروري يا حياتي دائماً نشأتي منك وأيضاً نشوتي
قد هجرت الخلق جمعاً أرتجي منك وصلاً فهو أقصى منيتي
هذه العبارات تُظهر مدى الحب العميق الذي تكنه الشاعرة لما تكنه في خلوتها.
أشعار مهدي منصور عن الحب الإلهي
أبوابُ بيتكَ هذا الليلٓ موصده والسّورُ حتى لسيلِ الدمعِ لمْ يَحِدّ
فكيف أجمعُ آلامي لنافلةٍ وكيفَ أُسْكتُ هذا الجرح في خلدي
وكيفَ أرفعُ آذاني لقافيةٍ وكيفَ أُفرغُ ما في الوقت من أبدِ
يا رَبّ والطرقاتُ اِمْتَدَّ آخرُها تَشُدّنِي وحبال العمرِ من مسدِ
وهذه الأرض ما ضاقتْ على أحدٍ فكيفَ يا رَبّ ضاق الكونُ في أحدِ
فادخل مساجدَ أيامي التي صدِئتْ ما دام بابُك لم يرأفْ بطرق يدي
وأرسل ملائكةَ ترقى لأغنيتي فإن صوتيا يتيمُ الأم والولدِ
من غيرُ مقتدرٍ يرنو لمنكسرٍ أو غير منفردٍ يحنو لمنفردِ.
أشعار التلمساني في الحب الإلهي
لا يُمكن أن يُخْفِي الحبّ مَحَاسِنَهُ… وَإِنَّمَا في سناهُ اَلْحُجُب تَحْتَجِبُ
أُعَاهِدُ المراح أَنَّى لَا أُفَارِقُهَا… مِنْ أَجْلِ أَنَّ الثَّنَايَا شِبْههَا الحباب
وَأَرْقُبُ البَرْقَ لِتَسْقِيَاهُ مِنْ أربي… لَكِنَّهُ مِثْلُ خَدَّيْهِ لَهُ لَهَبُ
يَا سَالِماً فِي الهَوَى مِمَّا أُكَابِدُهُ… رِفْقًا بِأَحْشَاءِ صَبٍّ شَفَّهَا اَلْوَصْل
فَالأَجْرُ يَا أَمَلي إِنْ كُنْتَ تَكْسِبُهُ… مِنْ كُلِّ ذِي كَبِدٍ حِرَاء تَكْتَسِبُ
يَا بَدرَ تَمَّ محاك فِي زِيَادَتِهِ… ما أَنْ تَنْجَلِي عَنْ أُفُقك السُّحُبُ
صَحَا السُّكَارَى وَسُكْرِي فِيكَ دَامَ وَمَا… لِلسُّكْرِ من سَبَبٌ يُرْوَى وَلَا نَسَبُ
قَدْ أَيَّسَ الصَّبْرَ وَالسُّلْوَان أَيْسَرُهُ… وَعَاقَبَ اَلصَّبّ عَنْ آمَالِهِ اَلْوَصْل
وَكُلَّمَا لَاحَ يَا دَمْعِي وَمِيضُ سني… تهمين وَإِنْ هَبَّ يَا قَلْبِي صَباً تَجِبُ
لا تنسى استكشاف المزيد من الأشعار والمعلومات الأخرى.