هذا المقال يتناول مجموعة رائعة من أقوال الإمام الحسن البصري، الذي يُعتبر من أبرز رجال الدين الصالحين، حيث قدّم الكثير من الحكم التي أثرت على جيل بأسره وأسهمت في تشكيل جيل صالح.
بات من الضروري أن نعزز مجتمعنا بالأقوال الفاضلة، لنشر القيم الأخلاقية السامية، بدلاً من الأفكار الخاطئة التي تسربت في الفترة الأخيرة. وفيما يلي أبرز ما جاء في أقواله.
أقوال الحسن البصري حول الرزق، الصديقات والظلم
تُعَدّ حديث الإمام الحسن البصري عن الموت، الرزق، والصداقة من بين أعظم ما تركه لنا. فقد وضع أسس العلاقات الصادقة وقدم نصائح قيمة حول أهمية الأصدقاء في مسيرة الحياة.
كما تطرق إلى مواضيع الظلم، متحدثاً عن الظالم والمظلوم، وشرح آثار الظلم ونتائجه السلبية، حيث كان له توجيهات قوية ضد الظالمين.
ومن بين أجمل ما ذكره الإمام الحسن البصري هو أقواله حول الرزق وكيفية طلبه من الله، مؤكداً على أهمية الاستغفار من أجل الخيرات. يمكن للقراء الكرام اكتشاف تلك الأقوال في الفقرات القادمة، حيث سنستخلص الدروس المفيدة من تجارب هذا الرجل الحكيم.
أقواله في الموت
تتميّز أقوال الإمام الحسن البصري بالحديث عن الموت، حيث قدم عدة مواعظ حول كيفية مواجهة الموت وما يجب أن نتعلمه من تلك اللحظات العظيمة. هذه الأفكار جديرة بأن تأخذ حيزًا في تفكيرنا، ويجب أن تترك آثارها العميقة في نفوسنا.
لقد دوَّن الإمام الحسن البصري العديد من الأقوال التي تعكس أهميتها حتى عصرنا الحاضر، لذا يتوجب علينا التعلم منها.
من أجمل أقوال الإمام:
- قد سمع الإمام الحسن البصري رجلاً يدعو قائلاً: “اللهم، أهلك الفجار!”، فأجابه: “إذًا ستستوحش الطريق، ويقل المتصرفون.”
- وكان يقول: “إن هذا الدين قوي، وإن الحق ثقيل، وإن الإنسان ضعيف، فليأخذ أحدكم ما يطيق.”
- فإن العبد إذا كلّف نفسه من العمل فوق طاقتها، خاف عليها السآمة والترْك.
- كما كان يقول: “المرض زكاة البدن، كما أن الصدقة زكاة المال، فكل جسم لا يشتكي كمثل مال لا يزكّى.”
- أيضًا، كان يقول: “أفضل العمل هو الفكر والورع، فمن كانت حياته كذلك نجا، وإلا فليحتسب حياته.”
- وقد قال: “الفكرة مرآة تُريك حسنتك من سيئتك، ومن اعتمد عليها أفلح، ومن أغفلها افتضح.”
- وسأله رجل يومًا: “يا أبا سعيد، كنت قد حدثتني بحديث فنسيتُه؟”، فقال الحسن: “لولا النسيان لكثر الفقهاء.”
- وقال أبان: “دخلت على الحسن في المسجد، فقلت: هل صليت رحمك الله؟” فقال: “لا!”، ثم قلت: “فإن أهل السوق قد صلوا.” فقال: “ومن يأخذ عن أهل السوق دينَه؟ إن نفقت سلعتهم أخّروا الصلاة، وإن كسدت قدموها.”
لا تفوت قراءة:
أقواله في الحكم
خلال بحثنا عن أجمل أقوال الإمام الحسن البصري، وجدنا الآتي:
- وكان يقول: “احذر ثلاثة: لا تمكن الشيطان فيها من نفسك: لا تخلون بامرأة حتى لو قلت: أعلّمها القرآن، ولا تدخل على السلطان، حتى لو قلت: آمره بالمعروف وأنهاه عن المنكر، ولا تجلس إلى صاحب بدعة؛ فإنه يمريض قلبك، ويفسد عليك دينك.”
- وأشار إلى فائدة الفحص عن الحلاوة في ثلاثة مجالات: الصلاة، القراءة، والذكر، فإذا وجدتها، فاذهب وابقَ مهنئًا، وإلا فعلم أن بابك مغلق وعالج فتحه.
- كما كان يقول: “لولا ثلاثة ما طأطأ ابن آدم رأسه: الموت، والمرض، والفقر، وإنه بعد ذلك لواثب.”
- وكان يقول: “يا أيها الناس، إنا والله ما خُلقنا للفناء، بل خُلقنا للبقاء، إنما ننتقل من دار إلى دار.”
- نظم ذلك أبو العلاء المعري فقال:
- خُلِقَ الناس للبقاء فضَلَّت
- أمـةٌ يحسبونهـم للنفــاد
- إنمــا ينقلون من دار أعما
- لٍ إلى دار شقوةٍ أو رشاد.
- وقال: “من وقّر صاحب بدعة فقد سعى في هدم الإسلام.”
- كما قيل: “روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مُدِح الفاسق، غضب الله تعالى.”
- ونصحنا قائلاً: “احذروا العابد الجاهل والعالم الفاسق؛ فإن فيهما فتنة لكل مفتون.”
- وأضاف: “ابن آدم، لا يغرنك أن تقول: المرء مع من أحب؛ فإنك لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم، وإن اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم، ولا والله ما يحشرون معهم، ولا يدخلون في زمرتهم، وإنهم لحطب جهنم هم لها واردون.”
حكم الإمام:
كما يمكننا أن نذكر المزيد من أقوال الإمام الحسن البصري في الحكم والمواعظ كما يلي:
- وكان يقول: “لا تزال هذه الأمة بخير، ولا تزال في كنف الله وستره، وتحت جناح ظلّه ما لم يرفق خيارهم بشرارهم، ويعظم أبرارهم فجارهم، ويميل قراؤهم إلى أمرائهم، فإذا فعلوا ذلك، رفعت يد الله عنهم.”
- وكان يسرد: “رأى الحسن نعيم بن رضوان يمشي مشية المتكبر، فقال: انظروا إلى هذا، ليس فيه عضو إلا ولله تعالى فيه نعمة، وللشيطان لعنة.”
- كذلك كان يقول: “يحاسب الله سبحانه المؤمنين يوم القيامة بالمنة والفضل، ويعذب الكافرين بالحجة والعدل.”
- وأكمل قائلاً: “يا عجبًا لألسنة تصف، وقلوب تعرف، وأعمال تخالف!”
- كما زاد: “من دخل مداخل التهمة، لم يكن له أجر الغيبة.”
ورأى شيخًا يعبر عن أمنياته:
- فتوجهت إلى الله قائلاً: “اللهم زوجني الحور العين!”، فقال: يسأل الحورَ العين، ويلعب كما يلعب المجانين!
- وكان يقول: “من أحب أن يعلم ماذا هو فيه، فليعرض عمله على القرآن؛ ليتبين له الخسران من الرّجحان.”
- وكان يقول: “رحم الله عبدًا عرض نفسه على كتاب الله، فإن وافق أمره، حمد الله، وسأله المزيد، وإن خالف، استعتب ورجع من قريب.”
- وأوضح أنه: “يا عجبًا لابن آدم! حافظاه على رأسه، لسانه قلمهما، وريقه مدادهما، وهو يتحدث بما لا يعنيه.”
- كما أخبر: “ابن آدم، تحبُ أن تُذكر حسناتك، وتكره أن تذكر سيئاتك، وتؤاخذ غيرك بالظن، وأنت مقيم على اليقين، مع علمك بأنك قد وُكلت بك ملكان يحفظان عليك قولك وعملك.”
- ابن آدم، إن اللبيب لا يمنعه جد الليل من جد النهار، ولا جد النهار من جد الليل، قد لازم الخوف قلبه، إلى أن يرحمه ربه.
- قال: “إياكم والمدح، فإنه الذبح.” وقد روي أن رجلًا مُدِح في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام: “قطعتم ظهره، لو سمعها ما أفلح بعدها أبدًا.”
- وكان عليه أن يقول: “ما أنصف ربه عبد اتهمه في نفسه، واستبطأه في رزقه.”
- وأكمل: “لا شيء أولى بأن تقيده من لسانك، ولا شيء أولى بألا تقبله من هواك.”
- كان يقول: “ما الدابة الجموح بأحوج إلى اللجام الممسك من نفسك.”
- علاوة على ذلك، كان ينبه: “ابن آدم، إنك لست بسابق أجلك، ولا بمغلوب على رزقك، ولا بمرزوق ما ليس لك، فلمَ تكدح؟ وعلامَ تقتل نفسك؟”
درر الحسن البصري
- التقى أعرابيّ بالحسن فقال: “أصلحك الله! أعلمني دينًا مبسوطًا، لا ذاهبًا شطوطًا، ولا هابطًا هبوطًا، فقال الحسن: “يا بن أخي، لئن قلت ذاك، لقد أحسنت؛ إن خير الأمور لأوساطها.”
- كما كان يقول: “من لم يجرب الأمور خدع، ومن صارع الحق صرع.”
- وأشار كذلك: “ابن آدم بين ثلاثة أشياء: بلية نازلة، ونعمة زائلة، ومَنِيّة قاتلة.”
- وأضاف: “ابن آدم غرض للبلايا والرزيا، والمنايا، ثم ينتحب ويبكي ويقول: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ﴾.”
- وعندما بلغ الحسن خبر مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، انتحب وتأوه، قائلاً: “واحسرتاه! ماذا لقيت هذه الأمة؟ قَتَلَ ابنُ دعيها ابنَ نبيِّها! اللهم كن له بالمرصاد ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾.”
- وكان يقول: “ابن آدم، قدّم ما شئت من عمل صالح أو غيره؛ فإنك قادم عليه، وأخّر ما شئت أن تؤخر؛ فإنك راجع إليه.”
- أيضًا كان يقول: “مَن أدرك آخر الزمان، فليكن حلسًا من أحلاس بيته.”
- كما كان يقول: “ما لي أسمع حسيسًا، ولا أرى أنيسًا؟!”
- وقيل: إنه خرج خارجي بالجزيرة، فظهر برأي منكر فأنكره، وأراد تغييره، فوقع فيما هو أشد وأنكر منه.
- وخلص إلى القول: “من ذم نفسه في الملأ، فقد مدحها، وبئس ما صنع.”
أقواله في الحكم والمواعظ
- وكان يقول: “لولا البدلاء، لخسفَت الأرض، ولولا الصالحون لهلكت الأمة، ولولا العلماء، لكان الناس كالبهائم، ولولا السلطان لأكل الناس بعضهم بعضًا، ولولا الحمقى لخربت الدنيا، ولولا الريح لأنتن ما بين السماء والأرض.”
- وقال العلاء بن زياد: “قلت للحسن: رجلان تفرغ أحدهما للعبادة، واشتغل الآخر بالسعي على عياله، أيهما أفضل؟” فقال الحسن: “ما اعتدل الرجلان، الذي تفرغ للعبادة أفضل وأحسن عملًا.”
- وكان يقول: “إذا أظهر الناس العلم، وضيعوا العمل، وتحابوا بالألسن، وتباغضوا بالقلوب، وتقاطعوا في الأرحام، لعنهم الله جل ثناؤه، فأصمَّهم وأعمى أبصارهم.”
- وسأله رجل عن الغيبة: “ما هي، وما هي الأسباب الموجبة لها؟” فقال: “هي والله عقوبة الله عز وجل يحلها بالعباد إذا عصوه، وتأخروا عن طاعته.”
- وقيل له: “يا أبا سعيد، من أين جاء الخلق؟” قال: “من قلة الرضا عن الله عز وجل.”
- فقيل له: “فمن أين دخلت قلة الرضا عن الله عز وجل؟” فقال: “من جهلهم بالله، وقلة المعرفة به.”
- وكان يقول: “هجران الأحمق قربى إلى الله، ومواصلة العاقل إقامة لدين الله، وإكرام المؤمن خدمة لله، ومصارمة الفاسق عون من الله.”
- وقال: “لا تكن شاة الراعي أعقل منك؛ تزجرها الصيحة، وتطردها الإشارة.”
- سمعتُ بكر بن عبدالله المزني يقول: “اجتهدوا في العمل، فإن قصر بكم ضعف، فكفوا عن المعاصي.”
لا تنسى قراءة:
خاتمة:
في ختام هذه المجموعة من أقوال هذا الرجل العظيم، نتطلع إلى آرائكم وتعليقاتكم حول المقال، كما نرحب بالمزيد من الأقوال والأحاديث التي قالها الإمام حسن البصري ولم تُذكر هنا.
شاركوا معنا، ونتطلع إلى المزيد من الأقوال السديدة والحكيمة التي تركها الإمام الحسن البصري في مجالات الموت، الصداقة، الرزق، الاستغفار والعمل.