أروع القصائد الشعرية

احذر من لباس الدنيا

يقول الشاعر أبو العلاء المعري في إحدى قصائده:

لا تَلْبَسِ الدنْيا فإن لبَاسَها

سَقْمٌ وعَريّ الجِسم من ثيَابها

أَنَا خائِفٌ من شَرِّها مُتَوَقِّعٌ

إكآبَها، لا الشُربَ من أكوابها

فَلْتَفعَلِ النَفْسُ الجميلَ لأنهُ

خيرٌ وأحسنُ، لا لأجل ثوابها

في بَيْتِهِ الحَكَمُ الصّادقُ

فَأتوا بيوتَ القومِ من أبوابها

وتَخالُفُ الرُؤساءِ يشهد مُقسماً

إنّ المعاشِرَ ما اهتَدَت لصوابها

وإذا لصوصُ الأرضِ أعيَت والياً

ألقى السُؤالَ بها على تُوابها

جيبَت فَلاَةٌ للغنى فأصابَهُ

نَفَرٌ والصينَ الغيبُ عن جَوابها

آوى بها الله الأنام فما أوى

لمُحالِفي دَدِها ولا أوابها

الحِرص لا يَستعبد ذي الأَدب

يقول الشاعر أبو العتاهية:

ما استَعبَدَ الحِرصُ مَن لهُ أدبُ

للمرءِ في الحرص هِمَّةٌ عَجَبُ

للهِ عقلُ الحَريص كيفَ لهُ

في كلِّ ما لا يَنَالَه أَرَبُ

ما زالَ حِرصُ الحَريص يُطعِمُهُ

في دَركِهِ الشيءَ دُونَه العَطَبُ

ما طابَ عيشُ الحَريص قَطُّ ولا

فارَقَهُ التعس مِنهُ والنَصَبُ

البغيُ والحِرصُ والهَوَى فتنٌ

لم يَنْجُ منها عُجُمٌ ولا عَرَبُ

ليسَ على المرءِ في قناعَتِهِ

إن هي صَحَّت أذًى ولا نَصَبُ

مَن لمْ يكن بكَفافِ مُقتنِعاً

لم تكفِهِ الأرضُ كُلُّها ذهبُ

مَن أَمكنَ الشكَّ من عزيمتهِ

لم يَزَل الرأيُ منه يُضطَرِبُ

أُريك الرضا لو أَخفَت النفس خافيا

يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي:

أُريكَ الرِضا لو أَخفَتِ النَفسُ خافِيا

وما أَنا عن نفسي ولا عنكَ راضيا

أَمِيناً وإخلافاً وغدراً وخِسَّةً

وجُبناً أَشخصاً لُحتَ لي أم مَخازيا

تَظُنُّ ابتِساماتي رَجاءً وغِبطَةً

وما أَنا إلا ضاحِكٌ من رَجائِيَا

وتُعجِبُني رِجلاكَ في النعلِ إنني

رَأَيتُكَ ذا نَعلٍ إذا كُنتَ حافِياً

وإنكَ لا تَدري أَلَونُكَ أَسوَدٌ

مِنَ الجهلِ أم قد صارَ أَبيضَ صافِيا

وَيُذكِرُني تَخيِيطُ كعبِكَ شَقَّهُ

ومَشيَكَ في ثوبٍ من الزيتِ عاريا

ولولا فُضولُ الناسِ جِئتُكَ مادِحاً

بِما كُنتُ في سِرّي بِهِ لكَ هاجِيا

فأصبَحْتَ مَسَروراً بما أنا مُنشِدٌ

وإن كانَ بالإنشادِ هَجوُكَ غالياً

فإن كنتَ لا خَيراً أَفَدتَ فإنهُ

أَفدتُ بِلَحظي مِشفَرَيكَ المَلاهِيا

ومثلُكَ يُؤتى مِن بلادٍ بعيدَةٍ

لِيُضحِكَ رَبّاتِ الحِدادِ البَواكِيا

ألا عِمِ صباحاً أيها الطلل البالي

يقول الشاعر امرؤ القيس:

أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الطَلَلُ البالي

وهل يعمنى من كان في العصور الخالية

وهل يعَى مَن كانَ أَحدَثُ عَهدِهِ

ثَلاثينَ شَهراً في ثَلاثةِ أحوالِ

ديارٌ لسَلمى عافياتٌ بِذي خالٍ

أَلَحَّ عَلَيها كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ

وتَحسَبُ سَلمى لا تَزالُ تَرى طَلّ

مِنَ الوحشِ أو بيضاءً بِمَيثاءِ مِحلالِ

وتَحسَبُ سَلمى لا نَزالُ كَعَهدِن

بوادي الخُزامى أو عَلى رَسِ أَوْعالِ

لياليَ سَلمى إِذ تُريكَ مُنَصَّب

وجيداً كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِمِعطالِ

أَلا زَعَمَت بَسباسَةُ اليَومَ أَنَّني

كَبِرتُ وأَن لا يُحسِنُ اللهوَ أَمثالي

مَن طَلَلٌ هاجَ الفُؤادَ المُتَيَّمَ

يقول الشاعر جرير:

مَن طَلَلٌ هاجَ الفُؤادَ المُتَيَّمَ

وهَمَّ بسلمانينَ أن يُتَكَلَما

أَمَنزِلَتي هندٍ بِناظِرةَ اسلَما

وَما راجَعَ العِرفانَ إِلّا تَوَهُّما

وقد أذِنَت هِندٌ حَبيباً لتصرِما

عَلى طولِ ما بَلّى بِهِندٍ وَهَيَّما

وقد كانَ مِن شَأنِ الغَوِيِّ ظَعائِنٌ

رَفَعنَ الكُسا والعَبقَرِيَّ المُرَقَّما

كَأَنَّ رُسومَ الدارِ ريشُ حَمامَةٍ

مَحاها البِلى فاستَعجَمَت أَن تَكَلَّمَا

طَوى البَينُ أَسبابَ الوِصالِ وَحاوَلَت

بِكِنهِلَ أَسبابُ الهَوى أَن تَجَذَّما

كَأَنَّ جِمالَ الحَيِّ سُربِلنَ يانِعاً

مِن الوارِدِ البَطحاءَ مِن نَخلِ مَلهَما

عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما

يقول الشاعر أحمد شوقي:

عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما

وَيَندُبُهُم ولَو كانوا عِظاما

وأكرمُ مَن غَمامٍ عِندَ مَحلٍ

فَتىً يُحيِ بِمِدحَتِهِ الكِراما

وما عُذرُ المُقَصِّرِ عَن جَزاءٍ

وما يَجزيهُمو إِلَى كَلاما

فَهَل مِن مُبلِغٍ غَليومَ عَنّي

مَقالاً مُرضِياً ذاكَ المَقاما

رَعاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ هُمامٍ

تَعَهَّدَ في الثَرى مَلِكاً هُماما

أرى النِسيانَ أَظمَأَهُ فَلَمّا

وَقَفتَ بِقَبرِهِ كُنتَ الغَماما

تُقَرِّبُ عَهدَهُ لِلناسِ حَتّى

تَرَكتَ الجَليلَ في التاريخِ عاماً

أَتَدري أَيَّ سُلطانٍ تُحَيّي

وَأَيَّ مُمَلَّكٍ تُهدي السَلاما

دَعَوتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرباً

وَأشرفَهُم إِذا سَكَنوا سَلاما

يا نَبَأَ سرَّ بِهِ مَسمَعي

يقول إيليا أبو ماضي:

يا نَبَأَ سُرَّ بِهِ مَسمَعي

حَتّى تَمَنّى أَنَّهُ الناقِلُ

أنعَشَ في نَفسي المُنى مِثلَما

يُحيي الجَديبَ الواكِفُ الهاطِلُ

عَرَفتُ مِنهُ أَنَّ ذاكَ الحِمى

بالصَيدِ مِن فِطيانِنا آهِلُ

عِصابَةٌ كالعِقدِ في أَكرِنِ

يَعتزُّ فيها الفَضلُ والفاضِلُ

مِن كُلِّ مِقدامٍ رَجيحِ النُهى

كَالسَيفِ إذ يَصقُلُهُ الصقِلُ

البَدرُ مِن أَزرارِهِ طالِعٌ

وَالغَيثُ مِن راحَتِهِ هامِلُ

وَكُلُّ طَلقِ الوَجهِ مَوْفُورِهِ

في بُردَتيه سَيِّدٌ مائِلُ

شَبيهةَ الشَرقِ اِنعمِي واسلَمي

كَي تَسلَمَ الآمالُ والآمِلُ

الناس ما لم يروكَ أَشباهُ

يقول أبو الطيب المتنبي:

الناسُ ما لم يَرَوكَ أَشباهُ

وَالدَهرُ لَفظٌ وَأَنتَ مَعناهُ

وَالجودُ عَينٌ وَأَنتَ ناظِرُها

وَالبَأسُ باعٌ وَأَنتَ يُمناهُ

أَفدي الَّذي كُلُّ مَأزِقٍ حَرِجٍ

أَغبَرَ فُرسانُهُ تَحاماهُ

أعلى قَناةِ الحُسَينِ أَوسَطُها

فيهِ وَأعلى الكَمِيَّ رِجلاهُ

تُنشِدُ أَثوابُنا مَدائِحُهُ

بِألسُنٍ مالَهُنَّ أَفواهُ

إِذا مَرَرنا عَلى الأَصَمِّ بِها

أغنَتهُ عَن مِسمَعَيهِ عَيناهُ

سُبحانَ مَن خارَ للكَواكِبِ بِالـ

ـبُعدِ وَلو نِلنَ كُنَّ جَدواهُ

طَرِبتُ وَهَاجَني البَرَقُ اليَماني

يقول عنترة بن شداد:

طَرِبتُ وَهَاجَني البَرقُ اليَماني

وذَكّرَني المَنازِلَ والمَغاني

وأَضرَمَ في صَميمِ القَلبِ نار

كَضَربي بِالحُسَامِ الهُندواني

لَعَمرُكَ ما رِماحُ بَني بَغيضٍ

تَخُونُ أَكُفَّهُم يَوْمَ الطِعانِ

وَلا أَسيافُهُم في الحَربِ تَنبو

إِذا عُرِفَ الشُجاعُ مِنَ الجَبانِ

وَلَكِن يَضرِبُونَ الجَيشَ ضَرب

وَيَقرونَ النُسورَ بِلا جِفانِ

وَيَقتَحِمونَ أَهْوالَ المَناي

غَداةَ الكَرِّ في الحَربِ العَوانِ

أَعَبلَةُ لَو سَأَلْتِ الرُمحَ عَنّي

أَجابَكِ وَهوَ مُنطَلِقُ اللِسانِ

بِأَنّي قَد طَرَقتُ ديارَ تَيمٍ

بِكُلِّ غَضَنفَرٍ ثَبتِ الجَنانِ

وَخُضتُ غُبارَها وَالخَيلُ تَهوي

وَسَيفي وَالقَنا فَرَسارِهانِ