قارئة الفنجان
جلست والقلق يلمع في عينيها
تتأمل فنجاني المقلوب بعناية
قالت:
يا ولدي، لا تحزن
فالحب مكتوب لك في القدر
يا ولدي
قد رحل شهيداً
من توفي في سبيل المحبوب
فنجانك عالَمٌ مرعب
وحياتك أسفارٌ ومعارك
ستحب كثيراً وكثيراً
وتموت كثيراً وكثيراً
وتعشق جميع نساء الأرض
وترجع كملك مغلوب
وفي حياتك يا ولدي امرأة
عيناها، سبحان الذي خلقها
فمُها مرسوم كعناقيد العنب
وابتسامتها كالموسيقى والورود
لكن سماءك ستبقى ممطرة
وطريقك مسدود بإحكام
فحبيبة قلبك يا ولدي
نائمة في قصرٍ محروس
والقصر شاسع يا ولدي
تحرسه كلاب وجنود
وأميرة قلبك نائمة
من يدخل غرفتها يخسر
من يسعى ليدها
أو يقترب من حدائقها مفقود
من حاول فك ضفائرها
يا ولدي،
مفقود مفقود
لقد بُصرت ونجمت طويلاً
لكن لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبه فنجانك
لم أعثر أبداً يا ولدي
على أحزان كأحزانك
مقدورك أن تسير دوماً
في الحب على حافة الخنجر
وستبقى وحيداً كالأصداف
وتظل حزيناً كنبت الصفصاف
مقدورك أن تستمر دوماً
في بحر الحب بلا أشرعة
وستحب ملايين المرات
وترجع كملك مخلوع
قراءة في وجه حبيبتي
وعندما أحدق فيك
أرى مدناً ضائعة
أرى زمنًا قرمزيًا
أرى سبب الموت والكبرياء
أرى لغة لم تُسَجَّل
وآلهة تترجل
أمام المفاجأة الرائعة
وتنتشرين أمامي
صفوفاً من الكائنات التي لا تُسمى
وما وطني سوى هذه العيون التي
تجهل الأرض جسماً
وأسهر فيك على خنجر
واقف في جبين الطفولة
هو الموت مفتتح الليلة الجميلة القادمة
وأنتِ جميلة
كعصفورة نادمة
وعندما أحدق فيك
أرى كربلاء
يوتوبيا
والطفولة
وأقرأ قائمة الأنبياء
وسفر الرضا والرذيلة
أرى الأرض تلعب
فوق رمال السماء
أرى سبباً لاختطاف المساء
من البحر
والشرفات البخيلة
الحب كمقهى صغير
هو كالمقهى الصغير في شارع الغرباء
يفتح الحب أبوابه للجميع
كمقهى يزيد وينقص وفق الأحوال
إذا هطلت الأمطار ازدادت الرواد
وإذا اعتدل الجو قلوا وملوا
أنا هنا، يا غربية في الركن أجلس
ما لون عينيكِ؟ ما اسمكِ؟ كيف
أناديك حينما تمرين بجانبي وأنا أجلس
في انتظاركِ
مقهى صغير هو الحب، أطلب كوب نبيذ
وأشرب نخبك ونخب نفسي
البرد يشتد، والشمسية تقيتني من الأمطار
لقد هطلت أكثر من أي يوم، ولكنك لا تدخلين
أحدث نفسي أخيراً: ربما التي كنت
أنتظرها انتظرتني أو انتظرت شخصاً آخر
كان ينتظر ولم تتعرف عليه/ عليّ،
وكانت تقول: أنا هنا في انتظارك
ما لون عينيكَ؟ أي نبيذ تحب؟
وما اسمكَ؟ كيف أناديك حين
تَمُرُّ أمامي
ويبقى الحب
هل سألت الحقائب عندما سألت:
لماذا ترحلين؟
أوراقك المترددة تذوب من الحنين
لو كنت قد بحثت فيها لحظة
لوجدت قلبي تائهاً في دروب السنون
وأخذت أيامي وعطر الحياة، كيف تسافرين؟
المقعد الخالي يعاتبنا على هذا الجحود
مازال صوت بكائه في القلب
حينما يتساءل المسكين هل سنعود!
في درجك الحائر نامت قصائدي المثقلة بهمومها
كانت تئن وحيدة كخيال رحل
لم تهجرين قصائدي؟
لقد علمتني أننا بالحب نبني كل شيء دائم
علمتني أن حبك كان مكتوباً كساعة مولدي
فجعلت حبك نبض قلبي، حلم ومصيري
إني قد عبدتك في عوالم قصائدي
والآن جئت لتحطمي معابدي
وزجاجة العطر التي حطمتها يديك
كم كانت تحدق في الشوق كلما رأيتك
كم كانت تعانق أنفاسك المشتتة، فتسكرها عطورك
كم مزقتها دمعة سقطت من عينيك
واليوم يغتالها التراب
ويموت عطر كان كل ما تمنيت
والغرفة الصغيرة لماذا أنكرت يوماً خطواتنا
شربت كؤوس الحب منا وارتوت فيها ذكرياتنا
والآن تحترق الأمنيات في جنباتها
الغرفة الصغيرة تعذبني بذكراها
وفي الليل تسأل ما الذي صنعته بنا يوماً
لنصل إلى منتهاها؟