أمن أم أوفى لزهير بن أبي سلمى
لقد سئمتُ التكاليفَ التي تفرضها الحياة، فمَن يحيى
ثمانين عاماً، لا بد أن يشعر بالملل.
شاهدتُ الموتَ يتخبط كالعمياء، فمن تُصيبُه
تدفعه نحو النهاية، بينما من تخطئه يُعَمَّرُ فيشيخ.
وأنا أعلمُ علمَ اليومِ وما قبله،
لكنني أجهلُ علمَ ما سيكون غداً.
ومَن لا يُصانِعُ في كثير من الأمور،
يُعذَّبُ بأنيابٍ ويُداسُ برِجلِ المنسَم.
ومَن كان له فضلٌ، لكنه يبخل به
على قومه، سيصبح للجميع غير مُحبذ.
ومَن يتقبل المعروفَ دون تقديرٍ لكرامته،
يجد نفسه في موضع الشتمِ والذم.
جزاءُ مَن لا يحمي حوضه بنفسه،
يُهدم، ومن يختلف مع الناس يعلم.
ومَن يخافُ ظروفَ الموت يجدها أمامه،
حتى وإن رقى السماء بسُلّم.
ومَن يعص أطرافَ الزجاجة، سيُصادِفُ العواقبَ،
ويطيعُ القادة الذين أُجبروا على ترك المعالي.
ومَن يُحسن له يمدح، ومن يرغب فيه
سيجدُ البقاء في فضاء الخير لا يتراجع.
ومَن يبتعد، يُسجل صديقه كعدو.
ومَن لا يُكرم نفسه، فلن يُكرم في نظر الناس.
ومهما يكن من خلق المرء،
وإن خال أن ما لديه مخفى، فإن ذلك سيتكشف.
ومَن يستمر في انتقاد الناس،
لن يجد مكافأةً حتى في لحظات الزمن.
تطاول ليلي لأبي طالب
تطاولَ ليلي في همٍّ وصبٍ،
وبكاءٍ كدموع السقاء السرِب.
للعبِ قُصَيٍّ أحلامُه،
فهل يعود الحلم بعد اللعب؟
ونفيِ قُصَيٍّ من بني هاشم،
كإبعاد الطهاة لطاقة الخشب.
وقول لأحمد: أنتَ إنسان،
تأخرُ في الحديث، وضعيفُ السبب.
وإن كان أحمد قد جاءهم،
بصدقٍ ولم يُخبِرهم بالكذب.
لكن إخواننا قد وقفوا معاً،
بني هاشم وبني المطّلب.
أخوة كالعظيمِ في اليمين،
أمرٌ علينا بعقد الكرَب.
فهل قُصَيٍّ لم تُخبروا،
بما حدث من أمورٍ في العرب؟
فلا تمسكن بأيديكم،
بُعيد الأنوف بعجب الذنب.
ورغبتُم بأحمد ما رغبتُم،
على الصدقات وقرب النسب.
إلى مَنْ تلاقينا؟ بمزاحٍ،
وحلمٍ خالٍ من التعزُب؟
زعمتم أنكم جيران،
وأنكم إخوانٌ في النسب.
فكيف تُعادون أبناءه،
وأهل الديانات وبروتوكول النسب؟
فإننا ومن حجَّ من راكبٍ،
وكعبة مكة ذات الحُجب.
تستذوق أحمد أو تُصطلي،
تحت شظف الرماح وحدّ القضب.
وستعترفون بين بيوتكم،
صُدورُ العَوالي وخيولٌ عصائل.
إذ الخيل تمزَع في جريها،
كريم السيرة وحث الأجنحة.
تراهم من بينِ ضافي السبيب،
قصير الحزام طويل القامة.
وجرداء كالظبي، لديها الشجاعة،
والنقع مُعاهدٌ بعد السحب،
تحت الرفقة الكريمة لبني هاشم،
فهم الأفضل مع المتميزين.
كليني لهمٍ للنابغة الذبياني
كليني لهمٍ، يا أميمة، ناصبِ،
وليلٍ أقاومه، بطيء الكواكب.
تطاول حتى اعتقدتُ أنه لن ينتهي،
وليس الإنسان الذي يرعى النجوم براجع.
وصدري الذي أراح الليل، وحيدا في همومه،
تضاعف فيه الحزن من كل زاوية.
تأتي على الأفق نعمة من عمرو، بعد نعمة،
لأبيه، وليست ذات عقارب.
حلفتُ يميناً غير مثنوية،
ولا علم، إلا حسن ظنٍ بصاحبِ.
لئن كان للقبرين: قبرٌ في جلّقٍ،
وقبرٌ في صيداء، بجوار حارِب.
والحارث الجفني، سيد قومه،
سيحتاج أن يُلتمِسَ بالدعوات الحربية.
وثقتُ له بالنصر عند سماع الغزوات،
كتائب من غسان، غير مُهزومة.
بنو عمه دنيا، وعُمر بن عامر،
هم قومٌ، بأسهم غير مُخادع.
إذا ما غزوا بجيوشهم، حلق فوقهم،
عصائب الطير، تهتدي بعصائب.
يصحبهن، حتى يغُرْنَ في خطواتهم،
من الضاريات، بالدماء، الحائبة.
تراهم خلفَ القوم، خُزرٌ عيونهم،
مُستقرين كالشيوخ في ثياب المرانب.
جوَانحُ قد أيقنوا أن قبيلتهم،
إذا ما تقابل الجميع، فإنهم الغالبون.
قفا نبك لامرئ القيس
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل،
بسقط اللوى بين الدخول وحومل.
فتوضحت المقراة، لم يَعفُ رسمها،
لما نسجت من جنوبٍ وشمال.
ترى بَعَرَ الأرْآم في عَرَصاتها،
وقيعانها كأنه حبّ فلفل.
كأني غداة البين يومَ تحملوا،
لدى سَمُرات الحيّ نامق حنظل.
وُقوفاً بها صحبي عليّ مطيّتهم،
يقولون لا تهلك أسىً وتجمّل.
وإن شفائي عبرة مهراقة،
فهل عند رسمٍ دارسٍ من مُعَوّل؟
كدأبك من أم الحويرثِ قبلها،
وجارتها أم الرباب بمأصل.
ففاضت دموع العين منّي صبابة،
على النحر حتى بلَّ دمعي خطابي.