قصيدة حب في الصحراء
يقول الشاعر إبراهيم ناجي:
أحبك إلى الأبد، وأنتَ ليست إلا لي
جرّبْ أن تجد قلباً كهذا القلب
يا للأسف على صحراء العمر
التي فقدت بعدك المطر الذي يُحييها
نهاري في خيوط السراب
وليلي مليء بالأكاذيب والأساطير
وفي أذنيّ عتابٌ من شفتيك
عندما أضع جنبي على الأرض
تتوالى الأيام كقوافل بلا نهاية
تمر مثل السراب، باحثة عن شروق
وآثامُ هذه الصحراء لا تضيء بنورك
ولم أرى بوادره بموكبٍ
فإن غفلت أعين القدر عني
فإني أبصرت – دون علمي – بالقرب منك
تشير إلي خيامُ حبي
وأنا أشعل لك نار قلبي.
قصيدة أجمل حب
يقول الشاعر محمود درويش:
كما ينبت العشب بين مفاصل الصخر
وجدنا أنفسنا غرباء يوماً ما
وكانت سماء الربيع ترسم نجماً بعد نجمٍ
وكنت أكتب فقرة عن الحب..
لعيونك.. وغنيتها!
هل تعلمين أن عينيك انتظرتا طويلاً
كما ينتظر الصيف طائرًا
وانام كمن هاجر بعيدًا
فعيون تنام لتستيقظ عيون أخرى
حبيبان نحن، حتى ينام القمر
وندرك أن العناق والقبلات
هي طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطواتي لكي تستمرّ
في طريق جديد!
نحن صديقان، فامشي بجانبي يدًا بيد
معًا نصنع الأخبار والأغاني
لماذا نبحث عن هذا الطريق.. لأي مصير
يأخذنا؟
ومن أين تأتي أقدامنا؟
فحسبي وحسبك أننا نسير…
معًا إلى الأبد
لماذا نبحث عن أغاني البكاء
في ديوان شعر قديم؟
ونسأل يا حبنا! هل ستدوم؟
أحبك حب القوافل، واحة من العشب والماء
وحب الفقير الذي يبحث عن الخبز!
كما ينبت العشب بين مفاصل الصخر
وجدنا غرباء يوماً
وسنبقى رفيقين إلى الأبد.
قصيدة حب بلا حدود
يقول نزار قباني:
يا سيدتي:
كنتِ المرأة الأهم في تاريخي
قبل أن ينتهي العام.
وأنتِ الآن.. المرأة الأهم
بعد قدوم هذا العام.
أنتِ امرأة لا يُحسب لها الوقت بالأعوام.
أنتِ امرأة صنعت من فاكهة الشعر
ومن ذهب الأحلام.
أنتِ امرأة كانت تسكن جسدي
قبل ملايين السنين.
يا سيدتي:
يا من خُصصت من قطن وغيم.
يا أمطار من ياقوت
يا أنهار من نهوند.
يا غابات من رخام
يا من تسبحين كالأسماك في ماء القلب
وتسكنين في العيون كسرب من الحمام.
لن يتغير شيء في مشاعري
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سأظل على دين الحب.
يا سيدتي:
لا تَهتمي لمرور الزمن وأسماء السنين.
أنتِ امرأة تبقى امرأة في كل الأوقات.
سأحبك عند بداية القرن
وعند دخول القرن الخامس والعشرين
وعند بداية القرن التاسع والعشرين.
وسأحبك
حتى تُجف مياه البحر
وتشتعل الغابات.
يا سيدتي:
أنتِ خلاصة الشعر
ورمز الحريات.
يكفي أن أتهجى اسمك
لأصبح ملكاً للشعر
وفرعون الكلمات.
يكفي أن تعشقيني، امرأة مثلك
لأدخل كتب التاريخ
وترتفع من أجلي الرايات.
يا سيدتي
لا تضطربي كالعصفور في زمن الأعياد.
لن يتغير شيء في داخلي.
لن يتوقف نهر الحب عن الجريان.
لن يتوقف نبض قلبي عن الخفقان.
لن يتوقف حجل الشعر عن التحليق.
حين يكون الحب عظيماً
والمحبوبة تمر.
لن يتحول هذا الحب
إلى كومة قش تأكلها النيران.
يا سيدتي:
لا شيء يملأ عيني
لا الأضواء..
ولا الزينات..
ولا أجراس الأعياد..
ولا شجر الميلاد.
لا يعني لي الشارع شيئاً.
لا تعني لي الحانة شيئاً.
لا يعنيني أي كلام ينقش
على بطاقات الأعياد.
يا سيدتي:
لا أتذكر إلا صوتك
عندما تدق نواقيس الأحد.
لا أتذكر إلا عطرك
عندما أنام فوق ورق الأعشاب.
لا أتذكر إلا وجهك
عندما يهبط الثلج على ثيابي
وأسمع طقطقة الحطب.
ما يُفرحني يا سيدتي
أن أكون كالعصفور الخائف
بين بساتين الأهداب.
ما يُبهرني يا سيدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبر
أعانقه وأنام سعيداً كالأطفال.
يا سيدتي:
ما أسعدني في غربتي
أقطر ماء الشعر.
وأشرب من خمر الرهبان.
ما أقواني
عندما أكون صديقاً للحريّة والإنسان.
يا سيدتي:
كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير
وفي زمن التصوير
وفي عصر الرواد.
كم أتمنى لو قابلتك يوماً
في فلورنسا.
أو قرطبة.
أو الكوفة
أو حلب.
أو أي بيت من أحياء الشام.
يا سيدتي:
كم أتمنى أن نرحل
نحو بلدان تحكمها الموسيقى
حيث الحب بلا حدود
والكلمات بلا حدود
والأحلام بلا حدود.
يا سيدتي:
لا تَنشغلي بالمستقبل
فسيظل حنيني أقوى من أي وقت مضى
وأكثر شدة.
أنتِ امرأة لا تجدين صدى لها..
في تاريخ الورد وفي تاريخ الشعر
وفي ذاكرة الزنبق والماء.
يا سيّدة العالَم
لا ينشغلني سوى حبك في قادم الأيام
أنتِ زوجتي الأولى
وأمي الأولى
وجسدي الأول
وشغفي الأول
ودي في زمن الفوضى.
يا سيّدتي:
أيتها السيدة الأولى للشعر
أعطيني يدك اليمنى لأختبئ فيها
وأعطيني يدك اليسرى
لكي أستوطن فيها
قولي أي عبارة حب
حتى يبدأ العيد.
قصيدة يا حب إن دواء الحب مفقود
يقول بشار بن برد:
يا حب إني دواء الحب مفقود
إلا عندك، فهل ما أرمت موجود؟
قالت: عليك بمن تهوى، فقلت لها:
يا حب، فوك الهوى والعين والجيد
لا تلعبي بحياتي واقطعي أملي
صبراً على الموت، إن الموت مردود
رؤياك تدعو المنايا قبل موقتها
وإن نلتني فنيل منك مخلود
أنتِ الأميرة في روحي وفي جسدي
فابري وريشي بكفيك الأقاليد
لا تسرعي بحمام الموت وانتظري
يوماً كان كأني قد طويتني البيض والسود
قد لامني فيك أقوام فقلت لهم:
ما ذنب من قلبه حرّان مجهود؟
ما كنت أول مجنون بجارية
تسفهت له والمرء صنديد
أغرى به اللوم أذن غير سامعة
وأحور العين في سمطين رعديد
أحببت حبي وما حبي بمطلبي
من ليس لي عنده إلا الجلاميد
بئس العطية من حب لي حجر
بل ليس لي حجر منها ولا عود
تغدو ثقيلة وتمسي في مجاسدها
كأنها صنم في الحي معبود
نامت ولم ألق نوماً بعد رؤيتها
وهل ينام سخين العين معمود؟
يا حسن حبي إذا قامت لجارتها
وفي الرواح هضيم الكشح أملود
كأنها لذة الفتيان موفية
وسكرة الموت إن لم يُوفَ موعود
تؤتيك ما شئت من عهد ومن عدة
فالوعْد داني وباب النيل مسدود
قد صدت هامتي حبّي ببخلتها
ما خير عيش الفتى والكأس تصيد؟
إني لأحسد مولوداً مشى قدماً
وبي من الداء ما لم يلق مولود
أرى الإزار على حبي فأحسده
إن الإزار على ما ضم محصود
يا دامة كنت لحاجاتي وصاحبتي
حتى اشتكيت وغال النوم تسييد
قولي لحبي فقد أحببت رؤيتها:
لو كان لي منك تقريب وتبعيد
قرّت بك العين أو بتنا على طمع
من النوال وطاب اللهو والغيد
لا خير في عدة ليست بمنجزة
فأنجزي الوعد إن الجود محمود
ليس المحب ككمون بمزرعة
إن فاته الماء أغنته المواعيد
إن لم تجودي بموعود فلا تعيدي
ما أقبح الوعد حتى زانه الجود!
سألت حبي فما عادت على رجل
لسانه عن سؤال الناس معقود
كأنه يتقي الحيات فاغرة
لا بل كأني عن المعروف مجدود
والحر يعطيك عفواً من فوائده
قبل السؤال وسب العبد منكد.