شعر أحمد شوقي عن الحب
يتحدث أحمد شوقي في قصيدته “على قدر الهوى يأتي العتاب” حيث يقول:
على قدر الهوى يأتي العتاب
ومَنْ عاتبتُ يفديه الصحاب
ألوم معذبي، فألوم نفسي
فأغضبها ويرضيها العذاب
ولو أني استطعت لتبت عنه
ولكن كيف عن روحي المتاب؟
ولي قلب بأن يهوى يجازى
ومالكه بأن يجني يثاب
ولو وجد العقاب لفعلت، لكن
نفار الظبي ليس له عقاب
يلوم اللائمون وما رأوه
وقد ضاع في الناس الصواب
صحوت، فنكر السلوان قلبي
عليّ، وراجع الطرب الشباب
كأن يد الغرام زمام قلبي
فليس عليه دون هوي حجاب
كأن رواية الأشواق عود
على بدء وما كمل الكتاب
كأني والهوى أخوا مدامٍ
لنا عهد بها، ولنا اصطحاب
إذا ما اغتضت عن عشق يعشق
أعيد العهد وامتد الشراب
شعر رثاء لأحمد شوقي
يعبر أحمد شوقي عن حزنه في رثاء مصطفى كامل حيث يقول:
المشرقان عليك ينتحبان
قاصيهما في مأتم والداني
يا خادم الإسلام، أجر مجاهدٍ في الله
من خلد ومن رضوان
لمّا نعيت إلى الحجاز مشى الأسى
في الزائرين وروع الحرمان
السكة الكبرى حيال رباهما
منكوسة الأعلام والقضبان
لم تألُ عند الشدائد خدمةً
في الله والمختار والسلطان
يا ليت مكة والمدينة فازتا
في المحفلين بصوتكَ الرنان
ليرى الأواخر يوم ذاك ويسمعوا
ما غاب من قس ومن سحبان
جار التراب وأنت أكرم راحل
ماذا لقيتَ من الوجود الفاني؟
أبكي صباك؛ ولا أعاتب من جنى
هذا عليه كرامة للجاني
يتساءلون: أبـ السلال قضيت، أم
بالقلب، أم هل متت بالسرطان؟
الله يشهد أن موتك بالحجا
والجد والإقدام والعرفان
إن كان للأخلاق ركن قائم
في هذه الدنيا، فأنت الباني
بالله فابحث عن فؤادك في الثرى
هل فيه آمال وفيه أماني؟
وجدانك الحي المقيم على المدى
ولرب حي ميّت الوجدان
الناس جارٍ في الحياة لغاية
ومضلل يجري بغير عنان
والخلد في الدنيا – وليس بهين-
عليا المراتب لم تُتح لجبان
فلو أن رسل الله قد جبنوا لما
ماتوا على دين من الأديان
المجد والشرف الرفيع صحيفة
جعلت لها الأخلاق كالعنوان
وأحب من طول الحياة بذلة
قصر يريك تقاصر الأقران
دقات قلب المرء قائلة له:
إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثاني
للمرء في الدنيا وجمّ شؤونها
ما شاء من ريح ومن خسران
فهي الفضاء لراغب متطلع
وهي المضيق لمؤثر السلاوان
الناس غادٍ في الشقاء ورائح
يشقى له الرحماء وهو الهاني
ومنعّم لم يلقَ إلا لذة
في طيّها شجن من الأشجان
فاصبر على نعمة الحياة وبؤسها
نعمى الحياة وبؤسها سيّان
يا طاهر الغدوات، والروحات، وال
خطرات، والإسرار، والإعلان
هل قام قبلكَ في المدائن فاتح
غاز بغير شضضء مهند وسنان؟
يدعو إلى العلم الشريف وعنده
أن العلوم دعائم العمران؟
لفّوك في علم البلاد منكّساً
جزع الهلال على فتى الفتيان
ما احمرّ من خجل، ولا من ريبة
لكنما يبكي بدمع قاني
يزجون نعشك في السناء وفي السنا
فكأنما في نعشك القمران
وكأنه نعش الحسين بكربلا
يختال بين بكاء، وبين حنان
في ذمة الله الكريم وبِرِّه
ما ضمّ من عرف ومن إحسان
ومشى جلال الموت وهو حقيقة
وجلالك المصدوق يلتقيان
شقّت لمنظرِك الجيوب عقائلٌ
وبكتك بالدمع الهتون غواني
والخلق حولكَ خاشعون كعهدهم
إذ ينصتون لخطبة وببيان
يتساءلون: بأيّ قلبٍ ترتقى
بعد المنابر، أم بأيّ لسان؟
لو أن أوطاناً تُصوّر هيكلاً
دفنوك بين جوانح الأوطان
أو كان يحمل في الجوارح ميت
حملوك في الأسماع والأجفان
أو صيغ من غرّ الفضائل والعلا
كفن لبستَ أحاسن الأكفان
أو كان للذكر الحكيم بقية
لم تأتِ بعدُ؛ رُثيت في القرآن
ولقد نظرتك والردى بك محدقٌ
والداء ملء معالم الجثمان
يَبغي ويطغى، والطبيب مُضلّل
قنط، وساعات الرحيل دواني
ونواظر العواد عنكَ أمالَها
دمع تعالج كتْمَه وتعاني
تملي وتكتب والمشاغل جمّة
ويداك في القرطاس ترتجفان
فهششت لي، حتى كأنك عائدي
وأنا الذي هَدَّ السّقام كياني
ورأيتُ كيف تموت أساد الشرى
وعرفتُ كيف مصارع الشجعان
وجدتُ في ذاك الخيال عزائماً
ما للمنونِ بدّهنّ يدان
وجعلت تسألني الرثاءَ، فهاكه
من أدمعي وسرائري وجناني
لولا مُغالبة الشجون لخاطري
لنظمتُ فيكَ يتيمة الأزمن
وأنا الذي أَرثِي الشموسَ إذا هوت
فتعود سيرتها إلى الدوران
قد كنتَ تهتفُ في الورى بقصائدي
وتجلّ فوق النيرات مكاني
ماذا دَهاني يومَ بنتَ فعقّني
فيكَ القريض، وخانني إمكاني؟
هوّن عليك، فلا شماتة بميّتٍ
إنّ المنيّة غاية الإنسان
من للحسود بميّتة بُلّغتها
عزّت على كسرى أنوشروان؟
عُوفيتَ من حرب الحياة وحربها
فهل استرحتَ أم استراح الشاني؟
يا صبّ مصر، ويا شهيد غرامها
هذا ثرى مصرٍ، فنم بأمان
اخلع على مصر شبابك عالياً
وكَلبِسْ شَباب الحور والوِلدان
فلعلّ مصراً من شبابِكَ ترتدي
مجداً تتيهُ به على البلدان
فلو أنّ بالهرمينِ من عزماته
بعضَ المضاء لتحرك الهَرمان
علّمتَ شباب المدائن والقرى
كيف الحياة تكون في الشبان
شعر أحمد شوقي في وصف الطبيعة
يتناول الشاعر أحمد شوقي في قصيدته “تلك الطبيعة” موضوع جمال الطبيعة حيث يقول:
تلك الطبيعة، قِف بنا يا ساري
حتى أريك بديع صنع الباري
الأرض حولك والسماء اهتزتا
لروائع الآيات والآثار
من كل ناطقة الجلال، كأنها
أم الكتاب على لسان القاري
دلّت على ملك الملوك فلم تدع
لأدلة الفقهاء والأحبار
من شك فيه فنظرة في صنعه
تمحو أثيم الشك والإِنكار
كشف الغطاء عن الطرول وأشرقت
منه الطبيعة غير ذات ستار
شبهتها بلقيس فوق سريرها
في نضرة ومواكب وجواري
أو (ابن داود) وواسع ملكه
ومعالم للعز فيه كبار
هو المح العواصف في بابه
والطير فيه نواكس المنقار
شعر أحمد شوقي في المعارضة
في قصيدته “مضناك جفاه مَرقده”، يرد أحمد شوقي على القيرواني:
مضناك جفاه مرقده
وبكاه ورحم عوده
حيران القلب معذبه
مقروح الجفن مسهدّه
أودى حرفاً إلا رمقاً
يُبقيه عليك وتُنفقه
يستهوي الورق تأوهه
ويذيب الصخر تنهده
ويناجي النجم ويُتعبه
ويقيم الليل ويقعده
ويعلم كل مطوّقةٍ
شجناً في الدوح ترده
كم مدّ لطيفك من شَرَكٍ
وتأدّب لا يتصيّده
فعساك بغَمضٍ مُسعِفه
ولعلّ خيالك مُسعِده
الحسن حلفتُ بيوسفِه
والسورة إنك مُفرده
قد وَدَّ جمالك أو قبساً
حوراء الخلد وأمردَه
وتمنّت كلٌ مقطعة
يدها لو تُبعَث تَشهدُه
جحدت عيناك زكيَّ دمي
أكذلك خدُّك يجحدُه؟
قد عزّ شهودي إذ رمّتا
فأشرت لخدّك أشهده
وهممتُ بجيدِك أشرَكُه
فأبى واستكبر أصيده
وهزّتُ قَوامَك أَعطِفه
فَنَبا، وتمنع أملَده
سببٌ لرضاك أمهّده
ما بالُ الخصْر يُعقّدُه؟
بيني في الحب وبينك ما
لا يقدّر واشٍ يُفسِدُه
ما بالُ العاذل يفتح لي
باب السلاوان وأُوصده؟
ويقول: تكاد تجنّ به
فأقول: وأُوشكُ أعبده
مولاي ورُوحي في يده
قد ضيّعها سلمت يدُه
ناقوس القلب يدقُّ لهُ
وحنايا الأضلع معبده
قسماً بثنايا لؤلئك
قسم الياقوت منضده
ورضاب يوعد كوثرهُ
مقتول عشق ومشهدُه
وبخالٍ كاد يحجُّ له
لو كان يقبّل أسوده
وقوامٍ يروي الغصن له
نسباً، والرُّمح يُفَنِّدُه
وبخصرٍ أوهَنَ من جلدي
وعوادي الهجر تبددُه
ما خنت هواك، ولا خطرتْ
سلوى بالقلب تبرده
شعر أحمد شوقي عن اليتيم
يعبّر الشاعر أحمد شوقي عن مشاعره تجاه اليتيم بقوله:
رأيتُ على لوح الخيال يتيمةً
قضى يومَ لوسيتانيا أبواها
فيا لك من حاكي أمين مصدق
وإن هاج للنفس البكاء وشجّاه
فواهًا عليها ذاقت اليتيم طفلةً
وقوض ركنها وذل صباها
وليت الذي قاست من الموت ساعةً
كما راح يطوي الوالدين طواها
كفرخٍ رمى الرامي أباه فغاله
فقامت إليه أمّه فرماه
فلا أَبَ يستذري بظل جناحه
ولا أم يبغي ظلها وذراها
ودبّابةٍ تحت العباب بمكمنٍ
أمين ترى الساري وليس يراها
هي الحوت أو في الحوت منها مشابِهٌ
فلَو كان فولاذًا لكان أخاها
أبثُّ لأصحاب السفينة غواملاً
وألام ناباً حين تفغر فاهَا
خئون إذا غصّت غدورٌ إذا طفت
ملعّنةٌ في سبحتها وسراها
تبَيْتُ سفنَ الأبرئياءِ من الوغى
وتجني على من لا يخوض رحاها
فلَو أدركت تابوتَ موسى لسَلَّطَت
عليه زُباناً وحَرَّ حماها
ولو لم تُغَيَّب فلكُ نوحٍ وتحتجِب
لما أمنت مقذوفها ولظاها
فلا كان بانِيها ولا كان ركبُها
ولا كان بحرٌ ضمّها وحَواها
وأفٍ على العلم الذي تدّعونه
إذا كان في علم النفوس رداهَا
شعر أحمد شوقي عن النبي صلى الله عليه وسلم
في ذكرى المولد النبوي، يعبّر أحمد شوقي:
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسّم وثناء
الروح والملأ والملائكة حوله
لدين والدنيا به بشاء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي
والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا
بالترجمان شذيّة غنّاء
والوحي يقطر سلسلاً من سلسلٍ
واللوح والقلم البديع رواء
نظمت أسماء الرسل فهي صحيفة
في اللوح واسم محمد طغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه
ألف هُناك واسم طه الباء
يا خير من جاء الوجود تحيةً
من مرسلين إلى الهدى بك جاءوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي
إلا الحنائف فيه والحنفاء
خير الأبوّة حازهُم لك آدمٌ
دون الأنام وأحرزت حواء
هم أدركوا عزّ النبوّة وانتهت
فيها إليك العزة القعساء
خلِقت لبيتك وهو مخلوق لها
إن العظائم كفؤها العظَماء
بك بشّر الله السماء فزُيِّنت
وتضوّعت مسكًا بك الغبراء
وبدا محياك الذي قسماته
حق وغرّته هدىً وحياء
وعليه من نور النبوّة رونقٌ
ومن الخليل وهدِيِهِ سيماء
أثنى المسيح عليه خلف سمائه
وتهلّلت واهتزّت العذراء
يومٌ يتعالى على الزمان صباحه
ومساءه بمحمد وضّاء
الحق عالي الركن فيه مظفر
في الملك لا يعلو عليه لواء
زَعِرَت عروش الظالمين فزلزلت
وعلت على تيجانهم أصداء
والنار خاوية الجوانب حولهم
خمدت ذوابها وغاض الماء