أروع ما كتب نزار قباني عن العشق والشعر الرومانسي

قصيدة رحلة في العيون الزرقاء

أَسُوحُ في تلكَ العيونِ

على مُراكبَ تحملُ الذكرياتِ

هذا الصفاءُ المُرغَبُ

أشقُّ صباحًا.. أَشقُّ

وتعلمُ عيناكِ أنّني

أُجدفُ عبرَ العصورِ

على الشطوطِ.. فهل تُدرِكينَ؟

أنا رائدُ المُبحِرينَ في

حبائلِ هناكَ.. كيفَ

تقولينَ إنّ هذه جُفُونٌ؟

تجرحُ صدري في هدوءٍ

تسائلتِ، وكانت السفينةُ ثملةً

أفي أبدٍ من النجومِ

ستُبحرُ؟ هذا جنونٌ..

قذفتُ قُلوعي إلى البحرِ

لو فكرَتْ في التهاونِ

على مرفأٍ لن يكونَ..

عزائي إن لم أعدْ

أفي أبدٍ من النجومِ

ستُبحرُ؟ هذا جنونٌ..

قذفتُ قُلوعي إلى البحرِ

لو فكرتْ في التهاونِ

ويُسعدُني أن أعودَ

إلى مرفأٍ لن يكونَ..

عزائي إن لم أعدْ

أن يُقالَ: انتهى في عيونٍ..

قصيدة كم الدانتيل

يا كُمَّها المتحدثةَ.. يا مزهريةً

رفّهِي عن الدنيا ولا تبخلي

وانسِجِي الثلجَ على جرحنا

يا مُبدعةَ التطريز.. يا راقيةً

يا شفةً تُفتحُ عند الحاجةِ

ويا سؤالًا، لا يزالُ مُطرَحًا..

أقبلتَ يا صيفي في جوقةٍ

من الألحانِ، والعطرِ المُرسلِ

يا كُمَّها المُنْشالَ عن ثروةٍ

ليكن.. فالخطر في الاندفاعِ

أليسَ لي زاويةٌ رطبةٌ

بين حِرَاجِ اللوز والصندلِ؟

يا كُمَّها.. أنا النيرانُ التي

تحولت فجأةً إلى جدولٍ

مساندُ التفاحِ، مرفوعةٌ

أمام عيني، كيفَ لا أقبلُ؟

والزنبقُ الأسودُ.. من شوقهِ

يقولُ: كلْ.. فزهرُنا يُؤكلُ..

قطعةُ “دانتيلٍ” أنا، قاربِي

إن ارتحلَ مع الندى.. فارحلْ

جدِّفْ بنا في قمرٍ أسودٍ

أرصُدُه، في كوكبٍ مُهمَلٍ

أيا شراعَ الخير، لا تخجلْ

شرانقُ الحرير لا تخجلْ..

غامِرْ.. فإن الريحَ شرقيةٌ

ما نحنُ؟ إن لم نطلبِ الأجملَ..

لنا، بظل الظل، فُسقيَّةٌ

وألفُ ميعادٍ لنا أولُ..

يا روعةَ الروعةِ، يا كُمَّها

يا مُخْمَلً، صلّى على مُخملٍ..

قصيدة لا أرى أحدًا سواك

أنا لا أفكرُ..

أن أقاومَ، أو أثورَ على هواكِ..

فأنا وكل قصائدي..

من إبداع يديكِ..

إن الغرابةَ كلَّها..

أنني محاطٌ بالنساءِ..

ولا أرى أحدًا سواكِ..

قصيدة في المقهى

جواري اتخذت مقعدها

كوعاء الورد في اطمئنانها

وكتابٌ في يدها

يحصد الفضائلَ من إيمانها

يثب الفنجان من لهفته

في يدي، شوقًا إلى فنجانها

آه من قبعة الشمس التي

يجرّ الصيف على خيوطها

جولة الضوء على ركبتها

زلزلت روحي من أركانها

هي من فنجانها فنجانٌ

وأنا أشرب من أجفانها

قصة العينين.. تستعبدني

من رأى النجوم في طوفانها

كلما حدقت فيها ضحكت

وتعرى الثلج في أسنانها

شاركيني قهوة الصباح.. ولا

تدفني نفسك في أشجانها

إنني جارك يا سيدتي

والربى تسأل عن جيرانها

من أنا.. اتركِي السؤالاتِ عني

لوحة تبحث عن ألوانها

موعدًا.. سيدتي! وابتسمت

وأشارت لي إلى عنوانها..

وتطلعت فلم ألمح سوى

طبعة الحمرة في فنجانها

قصيدة ذات العينين السوداوين

ذاتَ العينين السوداوين

ذاتَ العينين الصاحيتين الممطرتين

لا أطلبُ من ربي سوى شيئين:

أن يحفظ هاتين العينين

ويزيدَ من أيامي يومين

كي أكتبَ شعرًا

في هاتين اللؤلؤتين

قصيدة الحب يا حبيبتي

الحبُّ يا حبيبتي

قصيدةٌ جميلةٌ مكتوبةٌ على القمر

الحبُّ مرسومٌ على جميع أوراق الشجر

الحب منقوشٌ على ريش العصافير

وزخات المطر

لكنَّ أيَّ امرأةٍ في وطني

إذا أحبت رجلاً

ترمى بخمسين حجرًا

قصيدة قدر أنت بشكل امرأة

قدرٌ أنتِ بشكل امرأة..

وأنا مقتنعٌ جدًا بهذا القدر

إنني بعضك، يا سيدتي

مثلما الآهُ امتدادُ الوتر

مطرٌ يغسلني أنتِ.. فلا

تحرميني من سقوط المطر

بصري أنتِ. وهل يمكنها

أن ترى العينان دون البصر؟

قصيدة حبيبتي

حبيبتي: إن يسألونك عني

يوماً، فلا تفكري كثيرًا

قولي لهم بكل كبرياء:

((… يحبني… يحبني كثيرًا))

صغيرتي: إن عاتبوك يومًا

كيف قصصتِ شعرك الحرير

وكيف حطمتِ إناء طيب

بعدما ربيته شهورًا

وكان مثل الصيف في بلادي

يوزع الظلال والعبير

قولي لهم: ((أنا قصصت شعري

((… لأن من أحبّه يحبه قصيرًا

أميرتي: إذا معًا رقصنا

على الشموع لحننا الأثير

وحول البيان في ثوانٍ

وجودنا أشعة ونورًا

وظنك الجميع في ذراعي

فراشة تهم أن تطير

فواصلي رقصك في هدوء

… واتخذي من أضلعي سريرًا

وتمتمي بكل كبرياء:

((… يحبني… يحبني كثيرًا))

حبيبتي: إن أخبروك أني

لا أملك العبيد والقصور

وليس في يدي عقد ماسٍ

به أحيط جيدك الصغير

قولي لهم بكل عنفوان:

يا حبي الأول والأخير

قولي لهم: ((… كفاني

((… بأنه يحبني كثيرًا

حبيبتي يا ألف يا حبيبتي

حبي لعينيك كبير

… وسوف يبقى دائمًا كبيرًا