أسباب عرق النسا
تُعتبر آلام عرق النسا (بالإنجليزية: Sciatica) شائعة، وعادة ما تنتشر على طول العصب الوركي إلى القدم. وغالبًا ما تكون هذه الآلام ناتجة عن ضغط أو تلف أو التهاب في العصب الوركي أو جذور العصب الشوكي. يُلاحظ أن عرق النسا ليس تشخيصًا طبيًّا بحد ذاته، وإنما هو تعبير عن مجموعة من الأعراض الناجمة عن مشكلة صحية معينة. لذا، فإن فهم الأسباب المحتملة للإصابة بعرق النسا يمكن أن يُساعد في توجيه الاهتمام نحو علاج السبب الجذري بدلاً من مجرد تخفيف الأعراض. سيتناول هذا الجزء بعض المشكلات الصحية الشائعة التي قد تُساهم في ظهور أعراض عرق النسا.
بروز أو انفتاق القرص
يعرَف انفتاق القرص (بالإنجليزية: Herniated Disk) بأنه انتفاخ أو بروز يُعتبر من أكثر الأسباب شيوعًا لحدوث عرق النسا. وهذه الإصابات شائعة نسبيًا وتؤدي غالبًا إلى ضغط على جذور الأعصاب في منطقة (L2 – S3) التي تُشكل العصب الوركي. يمكن أن يحدث عرق النسا نتيجة انفتاق القرص القطني بطريقتين، الأولى هي الضغط المباشر على العصب الوركي نتيجة بروز القرص أو انفتاق النواة، مما يسبب الألم. والثانية تتعلق بتسرب مادة كيميائية مهيّجة من القرص، مما يؤدي إلى التهاب المنطقة المحيطة بالعصب الوركي.
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي قد تجعل الأقراص عرضة للانفتاق، مثل الحركة المتكررة، وزيادة الوزن، والتعرض لإصابات حادة، وحمل الأشياء بطريقة غير صحيحة، بالإضافة إلى التقدم في السن، إذ تزداد مخاطر إصابات الأقراص مع تقدم العمر. مع مرور الوقت، تتدهور حالة الأقراص، مما يجعلها أكثر جفافًا وعرضة للإصابة. كما توجد عوامل وراثية قد تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بانفتاق الأقراص أو تنكسها.
النتوء أو النابتة العظمية
يُعرف النتوء العظمي (بالإنجليزية: bone spurs) بأنه نمو عظمي يحدث على حواف المفاصل في المناطق التي تآكل فيها الغضروف، مما يؤدي إلى احتكاك العظام ببعضها البعض في محاولة لحماية الجسم. على الرغم من أن هذه النتوءات لا تسبب الألم بحد ذاتها، إلا أنها قد تسبب مشاكل عند احتكاكها بالأعصاب أو العظام المجاورة. وعندما تظهر هذه النتوءات في العمود الفقري، فإنها قد تُدخل في الحيز الذي يُخصص عادة للأعصاب، مما يؤدي لظهور عرق النسا.
التضيق الشوكي
يتضمن التضيُق الشوكي (بالإنجليزية: spinal stenosis) تضيُق المساحة المحيطة بالنخاع الشوكي، وهو ما يُعرف بالقناة الشوكية، بسبب التهاب المفاصل أو تشوهات الفقرات أو تنكس الأقراص. تشمل الأسباب الأخرى مشاكل صحية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي ومرض بادجيت والتهاب الفقار اللاصق. يحدث هذا التضيُق غالبًا في منطقة القناة الشوكية القطنية، مما قد يؤثر على الأعصاب الممتدة إلى الساقين. يمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى شعور بالألم أو الخدر في الساقين، وقد تظهر الأعراض عند الوقوف أو المشي، بينما تتحسن عند الجلوس أو الانحناء.
انزلاق الفقار
انزلاق الفقار (بالإنجليزية: Spondylolisthesis) هو حالة تحدث عندما تنزلق إحدى الفقرات فوق الأخرى، مما يؤدي إلى تضيق مساحة القناة الشوكية. وقد يؤدي ذلك إلى ضغط الجذور العصبية والنخاع الشوكي، مما قد يسبب عرق النسا، خاصة إذا كانت الإصابة في الفقرات القطنية الرابعة والخامسة. يحدث انزلاق الفقار نتيجة عدة أسباب، بما في ذلك كسور الفقرات الناتجة عن إصابة أو جهد زائد، وفي بعض الحالات، قد تتعرض الفقرات للكسر بسبب عدوى.
متلازمة الكمثرية
تعرف متلازمة الكمثرية (بالإنجليزية: Piriformis syndrome) بأنها تهيُّج العصب الوركي بسبب العضلة الكمثرية الموجودة في الأرداف، مما يسبب عرق النسا. ويرتبط حدوث هذه المتلازمة عادة بالجلوس لفترات طويلة، لذا يُنصح بوضع المحفظة في الجيوب الأمامية لتفادي هذه المشكلة.
أسباب أخرى
يمكن أن تُشير الأقل الأسباب المحتملة لظهور عرق النسا إلى:
- آفات تحتل الحيِّز: حيث يمكن أن تؤدي الأورام والجلطات والخراجات في المنطقة القطنية إلى ضغط على الجذور العصبية أو العصب الوركي ذاته. على الرغم من ندرة أورام العمود الفقري، فإن نموها في المنطقة القطنية يُزيد من خطر الإصابة بعرق النسا.
- العدوى أو الإصابة: قد يتعرض الجذور العصبية في المنطقة القطنية للضغط نتيجة قوة خارجية، مثل السقوط أو الحوادث، مما يسبب شعورًا بالألم. في حالات نادرة، يمكن أن تحدث عرق النسا نتيجة العدوى أو الالتهاب، وغالبًًا ما يصعب تحديد السبب الدقيق.
عوامل خطر عرق النسا
هناك عدة عوامل تُزيد من احتمالية الإصابة بعرق النسا، وغالبًا ما ترتبط بنمط الحياة. فيما يلي بعض هذه العوامل:
- العمر: حيث يعتبر التقدم في السن عاملًا رئيسيًا، نظرًا لزيادة احتمالية فقدان المرونة في الأقراص العمود الفقري وتدهور صحة الجسم العامة. غالبًا ما تتراوح أعمار الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بعرق النسا بين 30 و50 عامًا.
- السمنة: الوزن الزائد، خاصةً في منطقة البطن، يُسبب زيادة الضغط على العمود الفقري.
- المهنة: المهن التي تتطلب حمل الأوزان الثقيلة أو التواء الظهر أو الجلوس لفترات طويلة قد تسهم في زيادة خطر الإصابة.
- الجلوس لفترات طويلة: الأشخاص الذين يتبعون نمط حياتهم مستقر بدون تحرك هم أكثر عرضة للإصابة مقارنة بالنشطين.
- الكعب العالي: استخدام الأحذية ذات الكعب العالي يمكن أن يؤدي إلى عدم دعم كافٍ للظهر.
- مرض السكري: يزيد من فرص حدوث تلف الأعصاب.
- التدخين: يؤثر سلبًا على صحة العظام ويسرع من تآكل الأقراص الفقرية.
- الحمل: مع زيادة الوزن في فترة الحمل وتغير الهرمونات، يزداد خطر الإصابة بعرق النسا، ولكنه غالبًا ما يزول بعد الولادة.
- عدم اتخاذ وضعيَّة مناسبة: الحمل أو ممارسة التمارين بدون اتخاذ وضعيات صحيحة قد يؤدي إلى تعرض الفرد لعقبات صحية.
نصائح للوقاية من عرق النسا
يمكن اتباع بعض التعديلات في نمط الحياة لتقليل فرصة الإصابة بعرق النسا، ومن هذه النصائح:
- ممارسة التمارين بانتظام: التركيز على تقوية عضلات الجذع لدعم الظهر.
- التدرُّب على وضعيَّات الجسم الصحيحة عند الوقوف والجلوس.
- حمل الأشياء بطريقة آمنة مستخدمًا وضعية قرفصاء.
- ممارسة الأنشطة مثل المشي والسباحة لتقوية أسفل الظهر.
- تجنب الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.
- الابتعاد عن الكعب العالي لتفادي الضغط الإضافي على الظهر.
- الإقلاع عن التدخين للحفاظ على صحة العظام.