إن الله تعالى قد منّ على عباده الصالحين بدخول الجنة، بينما أولئك الذين ارتكبوا المعاصي ونقضوا أوامره سيلاقون عذاب النار، الذي يصنف كأحد أشد أنواع العذاب. فالنار تتصف بجغرافيتها الشاسعة، وحرارتها العالية، وعمقها الكبير، وشدة عذاباتها.
عندما يصل العاصي إلى النار تُغلق الأبواب من ورائه، وكلما مر الوقت يزداد عذابه. كما أنها تتكون من دركات متعددة تختلف في شدتها وحرارتها ولهيبها، وتصنف هذه الدركات وفقاً لأعمال الكافر أو العاصي. في هذا المقال، سنتناول أسباب دخول النار وأشكال العذاب فيها.
أسباب دخول النار والعذاب فيها
-
الكفر: يُعتبر الكفر من الذنوب التي لا يُغفر لها إطلاقاً، ومن يموت على كفره سيبقى مخلداً في النار. قال الله تعالى في كتابه الكريم: (إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً وأولئك هم وقود النار).
- وقد أشار الله إلى أشخاص معينين كافرين سيخلدون في النار، مثل امرأة نوح وامرأة لوط وأبو لهب وزوجته وقارون وهامان وغيرهم.
-
الشرك بالله: من يشرك بالله فإنه سيحرم من الجنة، وسيكون مأواه النار. قال الله جلّ وعلا: (إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار).
- وروى الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار”.
-
النفاق: يُعتبر النفاق طريقاً يعتقد من خلاله الشخص أنه يُخدع الله، حيث يظهر إيمانه بينما يُخفي الكفر.
- لذا، وعد الله المنافقين بأشد العقاب، كما جاء في كتابه (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً).
-
الكذب على الله ورسوله: هناك أشكال متعددة من الكذب على الله ورسوله، مثل تشريع أشياء لا يوافق عليها الله.
- على سبيل المثال، عندما غيّر عمرو بن لحي دين العرب وحرّم بعض الألبان، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “رأيت عمرو ابن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار”.
- وأيضاً من يدل على حرمانية تخصيص أوقات معينة بعبادة لم يأذن بها الله.
- كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه: “لا يقولن أحدكم لشيء لا يعلمه الله يعلمه هو”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار”، وهذا يدل على أن الكذب عليه يستوجب العقاب بالنار.
ندعوكم للتعرف على ما يلي:
- الرياء: من يتصف بالرياء يسعى للثناء والمدح من الآخرين على أفعاله، فهو يحظى بمكافأته في الدنيا، لكن في الآخرة ستكون عاقبته وخيمة.
- كتم علم الدين: من يمتنع عن إعلان دينه لتحقيق مصالح شخصية، أو خوفاً من المسؤولين، سيُعاقب بدخول النار.
- عصيان أوامر الله ورسوله: كل من يعصي الله أو رسوله، أو يتبع طريق الضلالة، سيَتوعّدهم الله بالنار.
- أسباب أخرى: تشمل عدد من الأسباب مثل هجر القرآن، والاستهزاء بآياته، وعدم تقديم الزكاة، وأكل أموال اليتامى، وكذلك القتل وغيرها من المعاصي.
كما يمكنكم الاطلاع على:
طعام وشراب أهل النار
- في سياق الحديث عن أسباب دخول النار، يُذكر أن أهل النار يعانون من العطش والجوع، كما قال الله تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع)، وهو نوع من الشوك لا يمكن لأحد أن يشبع منه.
- وتُعتبر شجرة الزقوم طعاماً لهم، حيث طعمها مر، وشكلها غير مستحب. يُعاني الكافرون من قيح أجسادهم وصديدهم بسبب الجوع، لكن هذا أيضاً لن يُشبعهم.
- أما عن الشراب فهو يتميز بحرارته الشديدة التي تقطع الأمعاء لمن يتناوله، مما يوضح أن من يدخلون النار ستكون طعامهم وشرابهم محاطاً بالنار.
أسماء النار
- تُطلق على النار العديد من الأسماء، منها لظى، سقر، الهاوية، حيث يرمز كل اسم لدرجة حرارة النار وعذابها.
- كما تُعرف أيضاً بالجحيم والسعير والحطمة، ونسأل الله أن يُجنبنا جميعاً هذه العذاب.
اقرأ أيضاً:
النار
في الإسلام، يُرى يوم القيامة كيوم الحساب العادل، حيث يُكافأ المؤمنون بالجنة، بينما يُعاقب الكافرون والمعاندون بالنار. يقوم القرآن بتصوير النار كعذاب مرعب ينتظر الكافرين في الآخرة بسبب كفرهم ومعاصيهم لله.
وتتناول الكتب الإسلامية وتفاسيرها النار بوصفها عذاباً مستمراً، موضحة الأسباب التي تؤدي إلى دخولها، بما في ذلك الكفر بالله وعبادة غيره، والتخلي عن أوامر الله، وارتكاب المعاصي بدون توبة صادقة.
في يوم القيامة، سيجمع الله الناس للحساب وسيظهر لهم أعمالهم ونواياهم، وبعد ذلك يُعاقب الكافرين بالنار وفقاً لسجلات أعمالهم السيئة. تتنوع صور وصف النار في القرآن الكريم، وتبرز التحذيرات من عواقب الكفر والمعصية.
من الآيات القرآنية التي تتحدث عن عذاب النار:
- “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا” (النساء 56)
- “وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ” (فاطر 36)
صفة النار
وصف النار في الإسلام تُصوّرها الكتب الدينية بأنها عذاب شديد ومروع، حيث يتم تصويرها بطرق متنوعة في القرآن والسنة النبوية. إليك بعض الصفات المرتبطة بالنار في الكتب الإسلامية:
- حرارة لا تُطاق: تُوصف النار بأنها تنبعث منها حرارة عالية جداً، تفوق أي نار شهدها البشر في حياتهم.
- ألوان الظلمة: قد وُصفت بأنها تبرز بألوان الظلمة والسواد، مما يشير إلى الرعب والغموض.
- أنواع العذاب: تشير الأحاديث إلى وجود أنواع مختلفة من العذاب، مثل الحرق والصعق والضغط، التي تُسبب الكافرين العذاب المستمر.
- لهب النار: تصف النار بلهيب هائل يلتهم كل ما يعترض طريقه، مما يرمز إلى الهلاك والتدمير.
- عذاب دائم: يُبرز القرآن الكريم أن عذاب النار دائم، وأنها مقر الكافرين للأبد.
- القيود والسلاسل: كما ذُكرت في بعض الأحاديث النبوية، أن أهل النار ستكون عليهم قيود وسلاسل من الحديد، مما يزيد من عذابهم.