أسباب التعرض للعقاب في الآخرة

النار

خلق الله -تعالى- النار لتكون من أشدّ أنواع العذاب وأخزى النهايات، فلا يوجد من عذاب أكبر ولا من خزي أعظم من دخولها. حيث وُصفَت النار بأنها واسعة وشديدة الحرّ، عميقة القعر، وظلّها يحمل الحرارة، وهواؤها مميت. وعندما يصل الكافر إلى النار تُفتح له أبوابها، ليُغلق عليه ويشتدّ عليه العذاب مع مرور الوقت. وقد شمل عدل الله ورحمته أن جعل النار درجات، تختلف في شدتها وحرارتها، حيث يُصنّف أهل النار وفقًا لأعمالهم في الدنيا.

أسباب دخول النار

توجد العديد من الذنوب والمعاصي التي تأخذ فاعلها إلى النار إذا فارق الدنيا قبل التوبة منها، ومن أبرز تلك الذنوب:

  • الكفر: يُعدّ الكفر من أكبر الذنوب عند الله -سبحانه وتعالى-، فمن يموت كافراً لا يغفر له ويخلد في النار. كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ). وقد ذكر الله -تعالى- شخصيات كافرة ووعدهم بالنار مثل: امرأة لوط، وامرأة نوح، وآل فرعون، وأبو لهب وزوجته، وعبد الله بن أبي بن سلول، وهامان، وقارون، وغيرهم من زعماء الكفر.
  • الشرك بالله: يُخلّد الشرك في نار جهنم، وهو المكان الوحيد للمشركين. حيث تدلّ العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أنّ الشرك هو من أكبر أسباب الخلود في النار. من ذلك قول الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ). كما روى الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من مات لا يشرِك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار).
  • النفاق: يُعتبر النفاق غشاً لله -تعالى- وللمؤمنين، حيث يظهر المنافق الإيمان بينما يُخفي الكفر. ولذلك، وعد الله -تعالى- المنافقين بأشد العقوبات وجعل جزاءهم الدرك الأسفل من النار، فقال: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا).
  • الكذب على الله ورسوله: يتخذ الكذب على الله أشكالاً متعددة، منها ابتداع تشريعات لم يأذن بها الله، كما فعل عمر بن لحي. أو تخصيص أيام وأشهر لعبادات لم يُشرعها الله تعالى، أو ادّعاء النبوة، أو وصف الله بصفات لم يصف بها نفسه أو نبيه، أو القول: (يعلم الله كذا وكذا) بشكلٍ يعدّ كذباً. حيث ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (لا يقولن أحدكم لشيء لا يعلمه: الله يعلمه؛ فقد يكون ذلك عند الله عظيماً). وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدم الكذب عليه، حيث قال: (اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
  • الرّياء: يُظهر المُرائي أعماله وقوله seeking توجه الناس ومدحهم بدلاً من طلب رضا الله -تعالى-. وهكذا، يُجازى في الدنيا ولا نصيب له في الآخرة. وهذا يشمل التظاهر بالعلم للحصول على مصلحة دنيوية، فقد حذّر الله -تعالى- من يطلب العلم لأغراض دنيوية بالنار.
  • كتم العلم الشرعي: يتكتّم البعض على دين الله -تعالى- خوفاً من فقدان مصلحة دنيوية أو من مسؤول.
  • عصيان الله ورسوله: توعّد الله -تعالى- من يعصيه أو يعصي رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالنار.
  • أسباب أخرى: تشمل هجر القرآن الكريم، والاستهزاء بآيات الله، وعدم الإيمان بالقدر، التفريط في الصلاة، عدم إسباغ الوضوء، منع الزكاة، التعامل بالربا، قتل النفس، وأكل أموال الناس، وخاصة اليتامى، والانتحار.

طعام أهل النار وشرابهم

وعد الله -تعالى- أهل النار بالجوع والعطش، وقد أعدّ لهم طعاماً لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بل يزيدهم عذاباً ولا يجدون فيها متعة أو شبع. وذُكر في القرآن الكريم أن طعامهم هو الضريع، ومن الآيات التي تشير إلى ذلك قول الله تعالى: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ). ويُعتبر الضريع نوعاً من الشوك، مرًّا، وغير مُشبع، كما يُشير الله -عزّ وجلّ- إلى أن الكافرين قد يصلون لدرجة تناول قيح أجسامهم وصديدها من شدة الجوع، ولكنّهم لن يستسيغوا ذلك أو يشبعوا به. كذلك هنالك فاكهة شجرة الزقوم التي لها مذاق مر ومنظر مُخيف. أما الشراب الذي أعدّه الله -تعالى- لأهل النار فهو الحميم، مشروب شديد الحرارة يفتت أحشاء من يشربه. وهكذا، يتضح أن طعام أهل النار من نار، وشرابهم كذلك، ولحافهم من نار.