أسباب التوجيه إلى الطريق الصحيح

الهداية

تعرّف الهداية في اللغة بأنها مشتقة من “الهُدى”، حيث تعني الرشاد والدلالة. وقد أشار الله -تعالى- في سورة السجدة بقول: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ)، كما أوضح أبو عمرو بن العلاء بقول: “معناه أولم يُبيِّن لهم”. يمكن القول إن هديته للطريق والبيت يعني إرشادهما. أما الهداية في الاصطلاح، فقد وصفها القرطبي بأنها تنقسم إلى نوعين؛ هداية دلالة، هي تلك التي يستطيع الرسل وأتباعهم تقديمها، حيث قال الله تعالى: (وَلِكُلِّ قَومٍ هادٍ)، مما يعني أن هناك هدايةٌ متاحة للأنبياء وأتباعهم، كالدعوة والتنبيه. بينما تختص هداية التوفيق والتأييد بالله -تعالى-. وقد قال الله -تعالى- لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ)، وهذا يشير إلى الهداية بمعنى خلق الإيمان في القلب. وأيضًا، أشار أبو المعالي إلى أن الهداية قد تتعلق بإرشاد المؤمنين إلى طرق الجنة وسبلها.

أسباب الهداية

تُعد الهداية إلى صراط الله -تعالى- المستقيم إحدى أهم الأهداف التي يسعى المسلمون لتحقيقها. وبيّن الله سبحانه وتعالى أهمية الهداية من خلال توضيح أسبابها في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ونستعرض أسباب الهداية كالتالي:

  • سعة الصدر واستعداده لتقبل تعاليم الإسلام: يُعتبر التوحيد الخالص لله -تعالى- العامل الأبرز الذي يُعزز من انشراح الصدر، حيث أن الشرك يسبب ضيق الصدر. فالتوحيد هو المفتاح الذي يفتح باب الهداية، بينما تأتي من خلاله الأعمال الصالحة كأجزاء لمفتاح الهداية.
  • المداومة على ذكر الله -تعالى-: حيث يُعتبر ذكر الله سببًا في ربط القلب بالخالق، مما يؤدي إلى شعور الطمأنينة والانشراح.
  • الاهتمام بقراءة كتاب الله بتدبر وخشوع: تأثير القرآن الكريم واضح على النفوس، فهو يهدي الناس إلى الصواب في جميع جوانب الحياة، دنيا وآخرة.
  • التفكر في مخلوقات الله: من يراقب الكون ويتأمل في تفاصيله يدرك أنه من صنع حكيم، مما يزيد من خشوعه لله جل جلاله.
  • مرافقة الصالحين: الابتعاد عن رفقة السوء ، فقد تكون صحبة المخلصين سببًا لهداية الضالين.
    وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن المرء على دين خليله، لذا ينبغي للناس أن يختاروا رفقاءهم بعناية.
  • الدعاء: يُعتبر الدعاء سلاح المؤمن في مواجهة الأزمات، فيجب على المسلم المداومة على الدعاء وطلب التوفيق من الله.
  • العلم بأسماء الله وصفاته: من المهم لمن يرغب في الهداية أن يتعلم أسماء الله وصفاته ليتمكن من عبادته كما ينبغي.
  • الإيمان: الإيمان القلبي، التصديق اللفظي، والعمل بالأركان، يعتمد عليه في تحقيق الهداية.
  • التوبة: العودة إلى الله والتوبة من الذنوب هي من أسباب الهداية.
  • مجاهدة النفس والشيطان: تحتاج إلى العمل الجاد في طلب العلم والدعوة والصبر على الأذى، والابتعاد عن الشبهات والشهوات المحرمة.
  • قراءة سنة النبي صلى الله عليه وسلم: من الضروري الالتزام بالسنة النبوية وسير الصحابة، والاطلاع على الأحاديث التي تتعلق بالمغفرة والهداية.
  • حضور مجالس العلم: من المهم الحرص على حضور حلقات العلم التي يُشرف عليها العلماء والمصلحون.

أنواع الهداية

تُقسم الهداية إلى أربعة أنواع، كما يلي:

  • الهداية العامة: تُعتبر هداية مشتركة لكل الخلق، حيث أعطى الله -تعالى- كل موجود صفته المطلوبة، وهدى كل شيء لإدراك ما ينفعه ويتجنب ما يضرّه، تشمل هذه الهداية الحيوانات والبشر.
  • هداية البيان والدلالة: تعني تعريف الله -تعالى- لعباده بالسُبل المختلفة للخير والشر، وهي لا تعني الهداية الكاملة، لكن تُعتبر بداية مهمة في سلوك طريق الهدى.
  • هداية التوفيق: تتضمن هذا النوع من الهداية وصول الإنسان إلى الهدى الفعلي، فكلام الله تعالى أشار إلى أن: (مَن يَهدِ اللَّـهُ فَهُوَ المُهتَدي).
  • غاية الهداية: وتتمثل في توجيه البشر إلى الجنة أو النار، حيث يُقصد بأهل الجنة إلى الجنة والآخرون إلى النار.

عوائق الهداية

تظهر العديد من الموانع التي قد تحيد الإنسان عن طريق الهداية، ومن بين هذه العوائق:

  • اتباع العادات والتقاليد الخاطئة، والانصياع للأخطاء التاريخية للآباء والأجداد.
  • اتباع الشهوات التي تُبعد الناس كثيرًا عن طريق الهداية.
  • اتباع الهوى، حيث يؤثر ذلك بشكل سلبي على القرارات الحياتية.
  • التسويف وطول الأمل، مما يمنع الإنسان من المسارعة للتوبة.
  • تنبيه المُذنبين أمام قدر الله -تعالى- عند دعوتهم للتوبة، مما يُضعف الدافع للتغيير.
  • الإصرار على المعصية، مما يؤدي إلى قسوة القلب واعتقاد الفرد بأن باب التوبة مغلق.
  • إدراك غير كامل لمفاهيم الاستقامة في الدين وعدم فهم وسطية الإسلام.
  • الغنى أو الرغبة في الشهرة والمناصب التي قد تؤدي دورًا كبيرًا في التأثير السلبي على الفرد.