أسباب الشعور بالوحدة العاطفية

أسباب مشاعر الوحدة العاطفية

تعبر الوحدة عن الحاجة العاطفية إلى الرفقة والانتماء، كما تشير إلى الشعور بالتجاهل وافتقار الأشخاص القريبين الذين يمكن اللجوء إليهم، بالإضافة إلى ضعف الروابط الاجتماعية الداعمة. تعكس الوحدة غياب التواصل وليس غياب الأفراد، حيث يمكن أن يشعر شخص ما بالوحدة حتى وسط حشد من الناس، أو عندما يشعر أن شبكة دعمه لا توفر له العون اللازم في لحظة معينة.

تتعدد أنواع الوحدة، ومن أبرزها الوحدة العاطفية، التي تعبر عن شعور الانفصال والبعد العاطفي عن الأشخاص المحيطين بنا، أو عدم القدرة على التواصل معهم بعمق. تشمل مشاعر الوحدة العاطفية ظروفًا ومحفزات معينة تسهم في تعزيزها، ومنها:

إهمال الطفولة أو الصدمة

يواجه الأفراد الذين لم يُطوروا روابط عاطفية عميقة مع والديهم في الطفولة تحديات في بناء علاقات عاطفية مُشبِعة. قد يجد هؤلاء الأشخاص صعوبة في مشاركة تجاربهم المؤلمة مع الآخرين، حيث يؤدي الإهمال العاطفي إلى شعورهم بعدم الأمان العميق، مما يسبب لهم صدمات نفسية.

قد يعاني الأشخاص الذين تعرضوا للإهمال العاطفي في طفولتهم من صعوبات في تطوير علاقات دائمة، كما أن الأفراد الذين عاشوا تجارب مؤلمة قد يكونوا أكثر عرضة للشعور بالوحدة العاطفية. تشمل العلامات الدالة على التعرض للإهمال العاطفي خلال الطفولة تدني احترام الذات، وصعوبة الطلب أو قبول المساعدة من الآخرين، وزيادة الحساسية تجاه الرفض، بالإضافة إلى مشاعر الذنب والخجل.

عادةً ما يعاني الأفراد الذين تعرضوا لهكذا إهمال في طفولتهم، مما يؤدي بهم إلى الشعور بالوحدة العاطفية لاحقاً، من مشكلات في تحديد هويتهم، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم في التكيف مع المجتمع. يمكن التعافي من آثار الإهمال العاطفي خلال الطفولة عبر تطوير فضول الذات لزيادة الوعي والنمو الشخصي. يمكن ذلك من خلال البحث عن أسباب التصرفات غير المرغوبة والسؤال عن صلتها بجراح الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، يعزز الفضول تجاه الآخرين والتفاعل بشكل مفتوح من مستوى الاتصال الاجتماعي وتبادل الخبرات، كما يُعتبر الاعتناء بالجسد جزءًا من عملية التعافي، حيث يمكن لممارسة اليوغا بانتظام أن تساعد في تقليل أعراض ما بعد الصدمة.

تعاطي المخدرات

الأشخاص المدمنون على المواد المخدرة يميلون إلى الانفصال تدريجيًا عن عائلاتهم وأصدقائهم، حيث أظهرت الدراسات أن أولئك الذين يتعاطون المخدرات هم أكثر عرضة للشعور بالوحدة العاطفية. يحتاج الإنسان بطبيعته إلى احتياجات أساسية مثل الحب والأمان والانتماء، بينما يستبدل المدمنون هؤلاء الروابط بالعالم المخدر.

تُعتبر الاحتياجات الأساسية مثل النوم والتغذية السليمة والتفاعل الاجتماعي أقل أهمية بالنسبة للمدمنين، وبالتالي يحد الإدمان من قدرتهم على المعالجة والانتباه والتواصل العاطفي والسلوكي.

تغير ظروف الحياة

تُعتبر الوحدة العاطفية المحتملة، المُعروفة كالوحدة المُؤقتة، تغيرًا مرتبطًا بأحداث معينة مثل إنهاء العلاقات أو الطلاق، أو تغيير الوظائف، أو الانتقال إلى مدينة جديدة حيث يتطلب التكيّف مع هذه الظروف وقتًا وجهدًا. يُعدّ التغيير واحدًا من أهم أسباب الشعور بالوحدة العاطفية، خاصةً لدى الأفراد الذين يواجهون صعوبة في التأقلم، حيث يميلون إلى مقاومة التغيير ما قد يُسبب مشاعر سلبية مُؤلمة.

طرق التغلب على الوحدة العاطفية

إليكم بعض الاستراتيجيات للتخفيف من مشاعر الوحدة العاطفية:

  • إنشاء أو تعزيز نظام دعم صحي

ينبغي للأفراد الذين يعانون من الوحدة العاطفية العمل على تعزيز علاقاتهم مع أشخاص يشتركون معهم في الاهتمامات والقيم، وتحسين الروابط الحالية لتخفيف شعور الوحدة.

  • التعبير عن المشاعر

من المفيد أن يشارك من يعاني من الوحدة العاطفية أفكاره ومشاعره مع أشخاص يثق بهم، مثل أفراد الأسرة، أو طبيب، أو معالج مختص، لتقليل شعورهم بالوحدة.

  • المشاركة في العمل المجتمعي والتطوعي

يساهم الانخراط في هذه الأنشطة في زيادة فرص التواصل مع الآخرين، وتنمية صداقات جديدة وتفاعلات اجتماعية، كما يُعزز تقدير الذات والتصور الإيجابي عن النفس.

  • ممارسة الرعاية الذاتية

يجب على الأفراد الانتباه لاحتياجاتهم الذاتية عند الشعور بالوحدة، من خلال الحرص على النوم الجيد، وتناول الأطعمة الصحية، وممارسة الرياضة، والاهتمام بالراحة النفسية والجسدية مثل الاستحمام بماء دافئ والتعرض لأشعة الشمس والتنفس العميق.