أسباب الهلاك في الحياة الدنيا وفي الآخرة

منع حقوق الله وحقوق عباده وعدم إنكار المنكر

يُعتبر الظلم بأشكاله المختلفة من أبرز أسباب الهلاك في الدار الدنيا والآخرة. ومن مظاهر الظلم تَرك أداء الحقوق، سواء كانت حقوقًا تتعلق بالله أو بالناس. وقد ورد عن أبي بكر -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ الناسَ إذا رأوا الظالمَ فلم يأخذوا على يديه، أوشكَ أن يُعمَّهم اللهُ بعقابٍ من عنده). لذا فإن انتشار الظلم سواء كان بالقول أو الفعل، وغياب المُناداة بإنكار المنكر، قد يؤدي إلى هلاك الجميع، حيث يُصيب العذاب الظالم وأيضًا من يتجاهل الظلم كما أشار الحديث.

الشحّ بالمال

ورُوي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَن سَفَكُوا دِماءَهُمْ واستَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ). فعلى الرغم من أن الشحّ -أو البخل- يحرم النفس من الهداية في الدنيا، فإنه أيضًا يورد العواقب الوخيمة كقساوة القلب والذل والعقوبات في الآخرة.

كثرة الفساد وانتشار المعاصي والمجاهرة بها

إن المجاهرة بالمعصية تُعرِّض صاحبها للهلاك، إذ تجعلنه منغمرًا في الشهوات والمعاصي، مما يُحجب قلبه عن التوبة والرجوع إلى الله. المجاهرون بالمعاصي، نتيجة لاعتادهم عليها أو خوفهم من نظرة المجتمع، غالبًا ما يصبحون بعيدين عن فرص التوبة. وقد حذر النبي -عليه السلام- من المجاهرة، مُشيرًا إلى العواقب الوخيمة للحرمان من عفو الله في الآخرة: (كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلا المُجَاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وقد سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فيقول: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقد باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه).

انتشار التعامل بالربا

أوعَد الله آكلي الربا بالعقاب في الدارين، فالربا يُعدّ من كبائر الذنوب، ومن أسوأ الأمور التي قد تُصيب العبد هي أن يُحاربه الله سبحانه وتعالى. كما يعرض المتعاملون بالربا أنفسهم للعنة الله وغضبه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن اللهُ آكلَ الرِّبا وموكلَه وشاهدَه وكاتبَه). ويقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ* وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). فتأثيرات الربا كبيرة، وقد تكون عواقبها وخيمة في شتى الميادين.

عقوق الوالدين

اعتبر الإسلام عقوق الوالدين من الكبائر التي تُهلك صاحبها، والعاق لوالديه يُعاقب في الدنيا بعدم التوفيق وضيق العيش، بالإضافة إلى الهموم والآلام. وفي الآخرة، يستحق العقوبة من اللعنة والغضب، وقدر يُحرم من رحمة الله ومغفرته إلا إذا تاب قبل موته. فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمدمِنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى).