أسباب انحراف العقيدة

أسباب فساد العقيدة

هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى فساد العقيدة الإسلامية، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

  • السبب الأول: الجهل

يعتبر الجهل بالعقيدة الصحيحة من أكثر الأسباب شيوعاً لفسادها. فعندما ينشأ الفرد دون أن يتعلم المبادئ الصحيحة للعقيدة، ويستمر في حياته دون الاهتمام بها حتى يصل إلى مرحلة من الإعراض عنها، يصبح عرضة للفتن والشبهات التي قد تفضي إلى فساد عقيدته بشكل كامل.

كما أن الجاهل المتبّع يقود العديد من الجهلة الآخرين في ضلالهم. فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا.

  • السبب الثاني: التعصب وإغلاق العقل

يحدث ذلك عندما يتمسك الفرد بالعادات والتقاليد التي تتعارض مع العقيدة، والتي انتقلت عبر الأجيال. وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في سورة البقرة، حيث يقول -تعالى-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاؤَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ).

  • السبب الثالث: التقليد الأعمى

يتجلى ذلك عندما يتبع الفرد عقيدة معينة من أناس أو جماعات دون أن يتحقق من صحة تلك الأفكار أو يبحث عن دلائلها.

  • السبب الرابع: ترك التدبر في آيات الله -تعالى-

لقد جعل الله -سبحانه وتعالى- في خلقه الكثير من الآيات الكونية والمعجزات، لتكون وسائل للاسترشاد بها عن عظمته وقدرته. وترك التدبر في هذه الآيات والتوجه إلى تعظيم إنجازات البشرية قد يؤدي إلى ضعف الإيمان، فالعمل يتم وفقًا للبصيرة والعقل الذي منحنا الله -عز وجل-، ولا يجوز أن يُعظم فعل الإنسان على فعل الخالق، حيث أن الإنسان مهما اجتهد لا يستطيع إنشاء جناح ذبابة بدقة الخالق.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر حين ورد عن قارون في سورة القصص: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا).

  • السبب الخامس: غياب التوجيه الصحيح من الآباء

تتجلى مسؤولية تعليم العقيدة الصحيحة في عاتق الأبوين. إذ أنهما معنيان بغرس المعرفة الصائبة في نفوس أولادهما، وعند إهمالهما لذلك، ينشأ الطفل دون البحث عن الحق، مما يعرضه للفتن والشبهات.

  • السبب السادس: الابتداع في الدين

البدعة تعني تغييرًا في أحد جوانب الدين، وهي بالتأكيد عامل مهم يؤدي إلى انحراف عن المنهج العقدي الإسلامي السليم. وقد حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك بقوله: “وإياكم ومحدثات الأمور فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ.”

  • السبب السابع: اتباع الهوى

يظهر ذلك عندما يعبد الإنسان هواه، دون أن يضبط نفسه أو يسعى لتصحيح مساره، فهو ينغمس في ما يشتهي دون أي قيد أو شرط. وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في قوله -تعالى-: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ).

  • السبب الثامن: تقديم العقل على النقل

تحدث هذه المسألة عندما يُعتبر العقل مرجعًا أصليًا لتقبل الأحكام الشرعية، فيأخذ المرء ما يوافق عقله من القرآن والسنة، متخلصًا مما يتعارض معها. ورغم أننا نعلم أن العقل نعمة وأن الشريعة الإسلامية تتماشى مع أحكامه، إلا أن بعض القضايا يجب أن تُقبل كما هي، مثل الغيبيات وصفات الله -عز وجل-.

  • السبب التاسع: انتشار المنافقين في صفوف المسلمين

النفاق هو آفة خطيرة يمكن أن تصيب المجتمع الإسلامي، وقد عانى الإسلام عبر التاريخ من هذا الداء. يظهر المنافقون الإيمان ويخفون الكفر، مما يؤدي إلى تفريق المسلمين وإثارة الشكوك في قلوبهم.

آثار فساد العقيدة

تتعدد آثار فساد العقيدة على الفرد والمجتمع المسلم، ومن أبرزها:

  • أولاً: ضياع الفرد وحيرته

فساد العقيدة قد يؤدي إلى ضياع الفرد حيث يبدأ الشخص في الشك بأسس إيمانه، مما يدخل الوسوسة والأوهام إلى قلبه. وقد يؤدي ذلك إلى فقدان روح العمل والشغف، وبالتالي يشعر بإغتراب وعدم قيمة لوجوده، مما قد يصل به إلى الاكتئاب أو الانتحار.

  • ثانياً: تدمير المجتمع

يجب أن تُوجَّه أعمال الأفراد نحو أهداف نبيلة تنبع من عقيدتهم، وأي انحراف عن هذه العقيدة سينعكس سلبًا على المجتمع، ليصبح ماديًا بحتًا، وهو ما يؤدي بالطبع إلى التعاسة.

  • ثالثاً: تأثيرها على أعمال الأفراد

العقيدة ليست مجرد شعور في القلب، بل هي شكل من الأشكال العقلية والروحية التي تتجلى على سلوك الشخص وأعماله.

فالشخص الذي يملك عقيدة سليمة يكون متأكدًا من أن كل ما يحدث له هو من عند الله -عز وجل-، وأن الجزاء على الصبر يأتي بالتأكيد، في حين أن الشخص الذي يحمل عقيدة فاسدة يعيش تحت وقع الشك والتساؤل.

  • رابعاً: فساد العقيدة قد يؤدي إلى الشرك

عندما تفسد عقيدة المسلم، يمكن أن تؤدي به إلى ارتكاب الشرك بالله -عز وجل-. وقد ثبت في الحديث النبوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلَاةَ، ويُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذلكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهُمْ.”

  • خامساً: إهمال تعليم العقيدة الصحيحة يؤدي إلى انتشار الفتن والانقسام
  • سادساً: فساد العقيدة قد يؤدي إلى سوء الخاتمة

يعيش هؤلاء على غفلتهم ويظنون أنهم يفعلون الخير، حيث قال -تعالى-: (قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأَخسَرينَ أَعمالًا* الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا).

  • سابعاً: انتشار فساد العقيدة بين الأفراد وقد يمتد إلى المثقفين أيضاً مما يؤدي إلى اجتهادات جديدة لا تمت للدين بصلة.

حلول لتجاوز الفساد العقدي

قدم العلماء عبر الأزمنة حلولًا متعددة لتجاوز الفساد العقدي، منها:

  • الحل الأول: التربية العقدية السليمة

إن الحل الجذري لمشاكل الانحراف العقائدي هو تصحيحه من خلال التربية العقيدة الصحيحة، باستخدام نهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتعليم الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-.

  • الحل الثاني: اتباع الكتاب والسنة

القرآن الكريم والسنة النبوية يقدمان توضيحًا كاملاً وشافياً لمبادئ العقيدة الإسلامية، ولذلك يجب على من يريد معرفة الحق دراسة القرآن والسنة.

  • الحل الثالث: الحكم بما أنزل الله -عز وجل-

إن الشريعة الإسلامية مناسبة لكل زمان ومكان، وهي التي تحقق العدالة والأمان.

  • الحل الرابع: اهتمام أولي الأمر بأمور الدين

يملك ولي الأمر من النفوذ والموارد ما لا يملكه غيره، فإن اهتم بحث الناس نحو الدين وتأسيس العقيدة في نفوسهم، فسيكون لذلك تأثير إيجابي كبير.

  • الحل الخامس: اتحاد العلماء والدعاة والصالحين لمواجهة الفتن والشبهات

من المهم مواجهة الأفكار المنحرفة التي تزرع الفتنة بين المسلمين.

  • الحل السادس: تعزيز قدرة الأسرة المسلمة على غرس العقيدة الصحيحة

الأسرة هي الأساس، وإذا تمكن الوالدان من تعليم الأبناء العقيدة الصحيحة، فسيكون لذلك أثر كبير.

  • الحل السابع: ضرورة إقامة مجالس تعليم العقيدة للجمهور

تجاهل هذه المجالس ليس الحل الصحيح، بل يجب التشجيع على تنظيمها للإجابة على التساؤلات الشائعة بشأن العقيدة، حتى لا تتحول إلى شكوك تؤثر سلباً على الإيمان.

أهمية العقيدة السليمة للإنسان

تتجلى أهمية العقيدة الإسلامية في النقاط التالية:

  • جميع الرسل -عليهم السلام- دعوا إلى العقيدة الصحيحة.
  • الغاية من خلق الإنسان والجن هي تحقيق العبادة وتوحيد الألوهية لله -عز وجل-.
  • قبول أعمال العبد يتوقف على توحيده لله.
  • النجاة يوم القيامة تعتمد على صحة العقيدة.
  • تحدد العقيدة علاقات الإنسان مع الله.
  • سعادة الإنسان يعتمد على معرفته بالله.
  • العقيدة الصحيحة تجيب على جميع التساؤلات التي تخطر على بال الإنسان.
  • تركز نصوص الشرع على موضوع العقيدة.
  • العقيدة السليمة هي سبب النصر والفوز في الدنيا والآخرة.
  • تحمي العقيدة الصحيحة المؤمن من الفساد العقائدي.