الرّزق
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وتولى مسئولية رزقه، حيث جعل الرزق مطلبًا يسعى إليه الناس جميعًا، فهو من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله. لذا، فإن الله تعالى أمر الإنسان بالسعي في طلب رزقه، وجعل الناس متباينين في هذا الرزق؛ فمنهم الغني ومنهم الفقير، ومنهم السليم ومنهم المريض. ويجب أن نعلم أن الرزق لا يقتصر على المال فقط، بل يشمل الصحة، والعلم، والحكمة، والزوجة الصالحة، والأولاد، وكل ذلك رزقٌ من الله تعالى.
وقد وسع الله -سبحانه وتعالى- وسائل الكسب الحلال، التي تشمل التجارة والزراعة والصناعة وغيرها. ومع ذلك، يلجأ العديد من الناس إلى طرق كسب محرمة مثل السرقة، الربا، الغش، وأكل أموال الناس بالباطل. ويرجع السبب في ذلك إلى الابتعاد عن تعاليم الدين، وعدم الوعي بأن المالك الحقيقي للمال هو الله، وأن الإنسان مستخلَف فيه.
تعريف الرّزق
الرّزق لُغةً
يعرّف الرزق لغةً بأنه ما يُعطى للخالق، سواء أكان مالًا أو غيره. فيقال: “رزق خلقاً رزقًا ورزقًا”. فالرزق بفتح الراء هو المصدر الحقيقي، بينما الرزق بالكسر هو الاسم، والجمع “أرزاق”.
الرّزق اصطِلاحاً
يمكن تعريف الرزق اصطلاحًا بأنه كل مال يمكن الانتفاع به ماديًا أو معنويًا. ومن الأمثلة على الرزق المادي: الذهب، والفضة، والأغنام، والزرع والثمر، والعقارات، وغيرها. أما الرزق المعنوي فيتمثل في المعارف، والعلوم، والسمعة، والجاه، والسُلطان، وكذلك العقل، والذكاء، وحُسن الخلق، وكل ما يحقق رضوان الله وثوابه في الدارين.
مشروعيّة طلب الرّزق
يُعتبر طلب الرزق مشروعًا، وتوجد أدلة عدة تدل على ذلك، منها:
- القرآن الكريم: حيث قال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُون) وأيضًا: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور).
- السُّنة النبويّة الشريفة: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعته يقول: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).
- الإِجماع: فقد اتفق العلماء على مشروعية طلب الرزق، حيث تشجع العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على العمل، مما يشهد على أهمية هذا الأمر.
أسباب زيادة الرّزق
أخبر الله -سبحانه وتعالى- أن طاعته تُعد سببًا رئيسيًا لجلب الرزق وزيادته، ومن أهم هذه الأسباب:
- التقوى: وهي الالتزام بأوامر الله وترك نواهيه، كما جاء في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ).
- الاستغفار والتوبة الصادقة إلى الله: وفق قوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا).
- الشكر على نعم الله، حيث قال: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
- الزواج: فقال الله تعالى: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ)
- صلة الرحم: كما رواه أنس بن مالك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).
- الإنفاق في سبيل الله: كما قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء).
- الدعاء وما يتعلق بالقلب من الإيمان بالله: كما جاء في الحديث الذي يرويه أبو ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
كيفيّة زيادة الرّزق
قد يسأل البعض: كيف يمكن أن يزيد رزق الإنسان مع كونه مُقدَرًا. إلا أن الإمام النووي -رحمه الله- ذكر عدة طرق للإجابة عن هذا التساؤل، منها:
- زيادة الرزق تكون عن طريق البركة في العمر وتوفيق الإنسان لأداء الطاعات.
- قد تُظهر الملائكة في اللوح المحفوظ أن عمر الإنسان ستين عامًا، إلا إذا وصل رحمه.
- بقاء ذكر الإنسان الحسن بين الناس يمكّن من إحياء أناسه، وكأنّه لم يمت.