الرزق واليقين
لقد خلق الله -تعالى- الإنسان محاطًا بخصائصٍ تستمرّ معه دائمًا، ومن هذه الصفات أن الإنسان كائن ضعيف وفاقد للقدرة على تأمين احتياجاته الذاتية. فهو يحتاج إلى من هو أعظم منه وأقدر، ليعينه في حياته ويقوم بتلبية احتياجاته. إن الله -تعالى- هو الملجأ والملاذ، وهو الضامن للرزق والتوفيق الذي يحتاجه العبد طول حياته. ولإراحة الإنسان من مشاغل التفكير المستمر في الرزق، فقد وعد الله -تعالى- عباده بذلك كما ضمن لهم الأجل. كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفساً لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها). يمكن تقسيم الرزق من حيث الجهد المطلوب لتحقيقه إلى نوعين: الأول هو الرزق الذي يُمنح للعبد دون جهد، مثل الميراث، والثاني هو الرزق الذي يتطلب السعي والعمل الجاد.
تتجلى حكمة الله -تعالى- في توزيع الأرزاق بين عباده، إذ جعل منهم الأغنياء والفقراء، لتسهيل التعاون بينهم وتنظيم أمور حياتهم. كما قال الله تعالى: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُم فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ليَتَّخِذَ بَعْضٌهُم بَعْضاً سُخْرِيَّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ). وقد قسّم الله -تعالى- الأرزاق وفقًا لمعرفة حال عباده، فقد يكون الفقر أسلم للعبد من الغنى، كما ورد في قوله: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ). ولذلك، ينبغي على المسلم أن يرضى بما قسم له الله وأن يتأكد في نفسه أنه ما قُدّر له إلا الخير، مما يسبب له الراحة النفسية.
طرق جلب الرزق
لا يوجد ضرر في أن يسعى المسلم في حياته لفتح أبواب الرزق وجلبها، شرط أن تكون السبل المستخدمة مشروعة وترضي الله سبحانه وتعالى. هناك العديد من الأسباب المادية والمعنوية التي يمكن أن تُزيد من الرزق وتحسن بركته، ومنها:
- تقوى الله سبحانه وتعالى، حيث أن من يعيش بتقوى يجعل كل ما يقوم به متوجهًا لرضا الله، مما يؤدي إلى زيادة الرزق والبركة فيه، كما جاء في قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
- الاستغفار، حيث جعل الله -تعالى- الاستغفار وسيلة مباشرة لجلب الرزق، كما ذكر في القرآن الكريم على لسان نبي الله نوح عليه السلام عندما قال: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا). إن الاستغفار يتطلب حضور القلب والندم، والعزم على ترك الذنوب.
- صلة الأرحام، حيث قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أحبَّ أن يُبسَطَ له في رزقه، ويُنسَأَ له في أثره، فليَصِلْ رَحِمَهُ). هنا يشير المنسأة إلى الزيادة في العمر أو بركة الرزق.
- الكثير من الصدقات، فالله -تعالى- وعد من ينفق في سبيله بالعوض حسن والبركة في الرزق، كما قال: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
- الزواج بنية التعفف وطلب الذرية، فالله -تعالى- تعهد بمساعدة الرجل الذي يسعى للزواج لعفة نفسه، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ أنْ يُعينَهم: المجاهدُ في سبيلِ اللهِ، والنَّاكحُ يُريدُ أنْ يستعِفَّ).
- بر الوالدين والإحسان إليهما، حيث يشكل ذلك بابًا من أبواب الخير وتجلي البركة في الرزق.
- الإنفاق على طلبة العلم، فالنبي صلّى الله عليه وسلم أشار إلى أن طلبة العلم قد يكونوا سببًا في الرزق للآخرين.
- الكثرة من أداء الحج والعمرة، حيث قال النبي -عليه السلام-: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ).
- الشكر الدائم للنعم، حيث يعد الشكر سببًا لزيادة البركة في جميع أنواع الرزق.
أنواع الأرزاق
عند الحديث عن الرزق، لا نقصد فقط الرزق المالي، بل تشمل أنواع أخرى من الخير التي قد ينالها الإنسان في حياته. إليكم بعض الأنواع الأخرى التي يمكن أن يأتي بها الرزق:
- رزق الصحة والعافية والقوة البدنية.
- رزق الزوجة الصالحة.
- رزق العلم النافع.
- رزق الذرية الصالحة.
- رزق الإيمان والاستقامة كما يرضاه الله -تعالى- الذي يعتبر من أعظم النعم؛ لأنه يؤدي إلى خير الدنيا والآخرة.
- رزق السكينة والطمأنينة.
- رزق الأخلاق الحميدة.
- رزق الجمال والوسامة.
- رزق الحكمة والذكاء، كونهما سببين رئيسين لكسب المال وكسب ثقة الآخرين.
- رزق السمعة الطيبة.