أسباب وعوامل خطر تشوه الجنين
تشير الدراسات إلى أن معظم تشوهات الجنين أو العيوب الخلقية، المعروفة أيضاً بالعيوب الولادية، تنجم عن تداخل عدة عوامل معقدة تشمل الجينات، عوامل بيئية وسلوكية. في بعض الحالات، يمكن تحديد سبب واضح للتشوه، بينما تظل الأسباب في معظم الحالات غير معروفة. وعليه، فقد تُجبِر المرأة طفلاً مصاباً بتشوهات دون أن تمتلك أي من عوامل الخطر المعروفة، مما يعكس أن وجود عامل أو أكثر من عوامل الخطر لا يعني بالضرورة أن الطفل سيكون مشوهاً. لذلك يُوصى بالتشاور مع الطبيب للحصول على المشورة حول كيفية التقليل من إمكانية حدوث التشوهات لدى الجنين.
الجينات
يحتوي كل خلية في جسم الإنسان على 46 كروموسوماً، يحمل كل كروموسوم آلاف الجينات التي تمنح تعليمات تتحكم في وظائف أو تطور أجزاء معينة من الجسم. إن وجود عدد غير طبيعي من الكروموسومات يمكن أن يؤثر سلباً على نمو الأعضاء، حيث ينتج عن ذلك معلومات ناقصة تؤثر على تطور الوظائف الجسدية. وبذلك، يمكن أن يؤدي أي عيب أو تشوه في أحد الجينات إلى ظهور تشوه في العضو المعني. وفي بعض الحالات، قد تؤثر التشوهات على أكثر من جين واحد، مما يفسر تعدد العيوب الخلقية عند الولادة. ومن أمثلة بعض الحالات الناتجة عن التشوهات الجينية:
- متلازمة تيرنر: يعاني المصابون بهذه المتلازمة عادة من قصر القامة، ضعف الخصوبة، صعوبات التعلم، وتشوهات قلبية، وتحدث نتيجة نقص كروموسوم معين.
- متلازمة داون: تتجلى هذه المتلازمة في وجود عيوب خلقية متعددة، مثل ضعف العضلات، اضطراب عقلي نمائي، تشوه الأذنين، كما تترافق مع عيوب واقعة في الأمعاء والقلب. تنجم هذه المتلازمة عن وجود نسخة إضافية من أحد الكروموسومات عن طريق الصدفة خلال انقسام الخلية.
تجدر الإشارة إلى أن الجينات يمكن أن تُورث، مما يعني أن الجينات المشوهة قد تنتقل من جيل إلى آخر في الأسر. فعلى سبيل المثال، يرتبط مرض الهيموفيليا بنقص مادة كيميائية ضرورية لتخثر الدم، كما تشمل الأمراض الجينية الأخرى فقر الدم المنجلي والتليف الكيسي، رغم أنه قد يحدث أيضاً تشوه نتيجة طفرة عارضة غير وراثية. من الأمثلة على الأمراض الناتجة عن الطفرات التلقائية مرض عجز النمو الغضروفي، الذي يشير إلى قصر القامة وتشوهاً في العظام.
العوامل البيئية
تساهم العوامل البيئية في حدوث تشوهات خلقية لدى الجنين، وهي تشمل جميع العوامل التي تتجاوز الجينات المكونة للفرد، مثل البيئة المفقودة أثناء الحمل.
المواد المسببة للتشوهات
المواد المسببة للتشوهات هي أي مواد قد تؤدي إلى زيادة خطر حدوث تشوهات. يعتمد تأثير هذه المواد على توقيت تعرض الحامل ومدة التعرض وكمية المادة المتعرضة لها. غالباً ما تؤثر المواد المسببة للتشوه على الأعضاء التي تكون في مرحلة نمو سريعة، مثل أجزاء الدماغ. وعليه، فإن الأجزاء الأكثر عرضة للتشوه هي التي تتطور خلال فترة التعرض. من الجدير بالذكر أن معظم النساء الحوامل اللاتي تعرضن لهذه المواد ينجبن أطفالاً أصحاء.
تشمل عوامل الإصابة العدوى، التعرض للإشعاعات، واستخدام الأدوية خلال الفترة من الأسبوع الثاني إلى العاشر بعد الحمل، حيث قد تكون المرأة غير مدركة لكونها حامل وبالتالي يتعرض الجنين لأشعة سينية أو أدوية أو مخدرات أو كحول. إن التعرض للإشعاعات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل قد يؤدي إلى العديد من العيوب، بما في ذلك العمى وصغر الرأس والشفة الأرنبية وتشققات العمود الفقري. كما أن التعرض للكحول يمكن أن يؤدي إلى متلازمة الجنين الكحولي، التي تتمثل في اضطرابات النمو العقلي والنشاط المفرط وصعوبات التعلم.
إضافةً إلى ما سبق، يمكن أن تؤدي إصابة المرأة بعدوى مثل الحصبة الألمانية أو فيروس زيكا إلى حدوث تشوهات. حيث يرتبط فيروس زيكا بظهور رأس صغير لدى الطفل، مما يُظهر مشاكل هيكلية في الدماغ. وفي حالات نادرة، قد تسبب عدوى الحدباء أو داء المقوسات تشوهات، ولكن تناول اللقاحات الحديثة يقلل من هذه المخاطر. كما يُعتبر التدخين إحدى المواد المسببة للتشوهات، بالإضافة إلى أن الأم المدخنة قد تُنجب أطفالاً بأوزان منخفضة عند الولادة.
الوزن
تعد النساء اللواتي يعانين من انخفاض الوزن عرضة لإنجاب أطفال ذوي أوزان منخفضة عند الولادة. وفي المقابل، فإن السمنة قد تؤدي إلى تعرض المرأة لمشاكل صحية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
النظام الغذائي
يعتبر نقص حمض الفوليك قبل الحمل وأثناءه من العوامل الرئيسية التي تسهم في تشوهات الأنبوبة العصبية. كما أن بعض أنواع الأسماك مثل سمك القرش والماكريل تحتوي على مستويات عالية من الزئبق، مما قد يسبب مشكلات صحية للأم والطفل. وينبغي أيضاً الانتباه إلى نقص اليود أثناء الحمل، الذي يؤدي إلى قصور في الغدة الدرقية لدى الأم، مما بدوره قد يتسبب في متلازمة نقص اليود الخلقي والتأثير السلبي على نمو الطفل وتطوره.
عوامل متعلقة بالرحم والمشيمة
ينمو الجنين في رحم الأم محاطاً بالسائل الأمينوسي. وفي حال تعرض الألياف التي تحمل السائل الأمينوسي للتمزق، فإن ذلك قد يؤدي إلى متلازمة الشريط السلوي، مما يسبب تشوهات أو حتى بتر لأطراف الجنين. كما يعد عدم كفاية السائل الأمينوسي عاملاً آخر قد يؤثر سلباً على نمو الجنين، مما يتسبب في نقص تنسج الرئتين.
عوامل اجتماعية وديموغرافية
تتراوح مخاطر تشوهات الجنين أيضاً وفقاً للمجموعات العرقية، حيث يزيد خطر التشوهات لدى الوالدين اللذين تربطهم صلة قرابة بسبب تداخل الجينات. ومن العوامل المهمة الأخرى عمر الأم، حيث إن تجاوزه 34 عاماً يزيد من احتمال حدوث تشوهات لدى الجنين.
عوامل أخرى
تشمل العوامل الأخرى التي تؤدي إلى حدوث تشوهات الجنين:
- عوامل متعلقة بالحمل، مثل داء الريسوس، الناتج عن عدم توافق فصائل الدم.
- وجود سوابق عائلية تتعلق بالتشوهات.
- معاناة الأم من أمراض مزمنة، كارتفاع ضغط الدم والسكري.
نصائح للوقاية من تشوهات الجنين
يعمل الباحثون باستمرار على تحديد أسباب التشوهات وكيفية الوقاية منها. على الرغم من أنه يمكن زيادة فرصة إنجاب طفل بصحة جيدة، إلا أن الوقاية من جميع التشوهات تبقى غير ممكنة. إليك بعض النصائح للحفاظ على صحة الجنين:
- استشارة متخصص وراثي لتحديد المخاطر المحتملة إذا كان هناك تاريخ عائلي للتشوهات.
- إدارة الظروف الصحية المزمنة مثل السكري بالتعاون مع مقدمي الرعاية الصحية.
- تحقيق وزن صحي من خلال النظام الغذائي المتوازن وممارسة الرياضة.
- زيارة مقدمي الرعاية الصحية بانتظام واستشارة الطبيب قبل تناول أي دواء.
- تناول حمض الفوليك يوميًا، بدءًا قبل شهر من الحمل.
- اخذ الفيتامينات الموصى بها من قبل الطبيب خلال الحمل.
- الحصول على الراحة الكافية وممارسة التمارين الرياضية.
- تجنب تناول الكحول والمخدرات والتدخين.
- تجنب التعرض المواد الضارة مثل الأشعة السينية والرصاص.
- طلب الدعم الطبي في حال التعرض للعنف الأسري.
- ضمان اتباع نظام غذائي غني بالمغذيات اللازمة لصحة الأم والجنين.
- الوعي بحالات الحمل السابقة، ففي حالة الولادة لطفل مشوه، يجب البحث عن الأسباب والوسائل الوقائية.
- الحصول على اللقاحات اللازمة لحماية الأم والجنين.
- اتخاذ الاحتياطات للحد من خطر العدوى، مثل تجنب السفر لمناطق انتشار فيروس زيكا.
- تقليل خطر داء المقوسات من خلال طرق تحضير الطعام الآمنة.
فيديو عن أسباب تشوه الجنين
يمكنكم مشاهدة الفيديو لمعرفة المزيد عن أسباب تشوهات القلب الخلقية لدى الجنين.